أسلوب عتيق لإنتاج الذهب
يُستخدم حالياً في تقنية النانو
صَب الزئبق من أنبوب صغير داخل حوض يحوي مسحوق الذهب المخلوط بالتراب الطبيعي (صورة مرجعية من مكتبة الكونجرس الأمريكي، الرقم المرجعي CC0)
طارق راشد – باحث وإعلامي – 1 اكتوبر- 2021
أنتج باحثون من المعهد الفدرالي للتكنولوجيا (ETH university) في زيورخ بلورات نانويّة مصنوعة من معدنين مختلفين باستخدام عملية دمج يخترق فيها معدن سائل آخر صلب. وفي بحث نُشِرَ في مجلة (Science Advances)، فسّر الفريق البحثي بقيادة مكسيم ياريما (Maksym Yarema)وفانيسا وود(Vanessa Wood) أنّ البلورات النانويّة هي كرات نانومتريّة الحجم قوامها ذرّات مُرتَّبَة بانتظام. وعندما تكون تلك البلورات أشباه موصّلات، فهي تُستخدم في صناعة الجيل التالي من شاشات التلفزيون. ومن ناحية أخرى، اشتهرت البلورات النانويّة المكوّنة من أكثر من معدن، وفيها يمتزج معدنان مختلفان ليشكّلا شبكة بلوريّة شهرةً واسعة، إذ تَعِد بتطبيقات مُحسَّنَة في مجالات مثل الحفز الكيميائي، وتخزين البيانات، والطب. ولكن، حتى الآن تسنى فقط صنع بلورات نانويّة من القليل من الاقترانات المعدنيّة من بين آلاف الخلائط المحتملة. لكن الأسلوب الجديد يسمح للمرء بصُنع جميع الخلائط المحتملة تقريبًا للبلورات النانويّةالمكوّنة من معدنين. في الإجراءات التقليدية لإنتاج البلورات النانويّة المصنوعة من معدنٍ وحيد، تُقحَم الذرّات المعدنيّة في شكلها الجزيئي، كالملح مثلاً، داخل محلول تتكوَّن داخله بعد ذلك البلورات النانويّة.
بلورات من معدنين (صور بالمجهر الإلكتروني) مصنوعة من خلائط مختلفة من المعادن. (الصورة مُهداة من مجموعة تصميم الكيمياء والمواد، المعهد الفدرالي للتكنولوجيا).
وبحسب تصريحات العلماء، يمكن إنجاز ذلك أيضًا نظريًا بمعدنين مختلفين، ولكن عمليًّا من الصعب المزج بين معادن مختلفة اختلافًا واضحًا داخل المفاعل. ولذلك لجأ ياريما وفريقه إلى الدمج. تتكوّن العملية المُستخدمة لقرون في تعدين الذهب من إضافة الزئبق السائل لإذابة المعادن الأخرى. لكن الدمج يُجدي أيضًا مع أي معادن سائلة أخرى.
إنَّ استخدام هذه الطريقة على المقياس النانويّ يعني أن التفاعل يبدأ بتشتيت البلورات النانويّة التي تحتوي على معدن وحيد، كالفضة مثلاً. وبعد ذلك، تُضاف ذرّات المعدن الثاني – يمكن أن يكون الجاليوم الذي يذوب عند 30 درجة مئوية – بشكلها الجزيئي على هيئة أميدات حمضيّة، وهي مركبات قوامها الكربون والهيدروجين والنيتروجين، في حين يُسخَّن المزيج وصولاً إلى 300 درجة مئوية تقريبًا. في بداية الأمر، تؤدّي درجة الحرارة العالية إلى تفكيك الروابط الكيميائيّة داخل أميدات الجاليوم، مما يسمح للجاليوم السائل بالتراكم على البلورات النانويّة الفضيّة. وتبدأ عملية الدمج الحقيقيّة، وفي أثنائها يتسلل الجاليوم السائل داخل الفضة الصلبة. وبمرور الوقت، تتشكّل شبكة بلوريّة جديدة تتراص فيها ذرات الفضة والجاليوم في نهاية المطاف بانتظام. وبعد ذلك، يبرد المزيج كله، وبعد 10 دقائق تصبح البلورات النانويّة جاهزة.
يقول ياريما: ((ذهلنا من فرط كفاءة عمليّة الدمج على المقياس النانويّ. فوجود مكون معدني سائل واحد هو مفتاح السبك السريع والمتجانس داخل كل بلورة نانويّة)). وباستخدام التقنية ذاتها، أنتج الباحثون بالفعل بلورات نانويّة مختلفة من معدنين كالذهب والجاليوم والنحاس والجاليوم والبالاديوم والزنك. وهم يقولون إن عملية الدمج نفسها يمكن توجيهها، والتحكم فيها بمنتهى الدقة. ومن خلال عدد الذرات الثانويّة التي تُقحَم في المحلول على هيئة أميدات يمكن التحكّم بدقةٍ في نِسَب المعادن داخل البلورات النانويّة. يقول ياريما: ((لأن عملية تخليق البلورات النانويّة بالدمج تُمكِّننا من صنع خلائط وتراكيب حديثة كثيرة جدًا، لا يسعنا أن ننتظر حتى نراها رأي العين في عملية الحفز الكيميائي المُحسّنَة أو الجسيمات النانويّة البلازميّة أو بطاريات الليثيوم أيون)).