اكتشاف يعيد كتابة
تاريخ الجراحة
أ. حمدان العجمي – الصيدلة – مدينة الملك سعود الطبية – السعودية
من المعروف أن أقدم عملية جراحية أجراها الإنسان قد تمت قبل سبعة آلاف عام، حيث نشر هذا الاكتشاف مجموعة من علماء الآثار الفرنسيين في العام 2007 في مجلة نيتشر (Nature)، بعد أن وجدوا هيكلًا عظميًّا في إحدى ضواحي باريس وعليه آثار عملية بتر في عظام العضد، إذ يشير النتوء إلى نجاح عملية البتر، وأن هذا الشخص قد عاش بعدها لسنوات، وتكون نتوء على مكان القطع تاركًا دليلاً على حدوث الجبر العظمي.
إلا أن هذا الاكتشاف أصبح من الماضي بعد اكتشاف مثير نُشر في المجلة نفسها في سبتمبر الماضي، لأقدم مثال معروف على بتر معقد في أسفل الساق اليسرى منذ حوالي 31 ألف عام في منطقة نائية داخل كهف في مقاطعة كاليمانتان، في شرق جزيرة بورينو في إندونيسيا، ويُنظر إلى هذا الحدث على أنه سوف يعيد كتابة تاريخ الجراحة، حيث يعتقد العلماء أن العمليات الجراحية المعقدة -كالبتر- لم تحدث إلا في العشرة آلاف سنة الماضية فقط بعد تكوُّن المجتمع الزراعي الإنساني، فالبتر عملية معقدة تتطلب معرفة بالتشريح وبطرق النظافة الجراحية، وتحتاج إلى مهارة تقنية، وأي عملية جراحية قد تؤدي إلى فقدان الدم والعدوى، ولن يستطيع المبتور أن يعيش أكثر من أيام قليلة بعدها.
فهذا الشاب الإندونيسي القديم والذي تعرض للبتر، لم ينج من العملية المعقدة فحسب؛ بل عاش أيضًا مدة تصل إلى حوالي تسع سنوات أخرى، وتم تحديد تاريخ الهيكل العظمي باستخدام عينات الرواسب وشظايا الأسنان في منطقة الدفن، وتفيد الورقة البحثية أن الاكتشاف يشير بأن العمليات الجراحية المتقدمة كانت قد حدثت في وقت أبكر مما هو مسجل الآن، وربما استفاد الإنسان القديم في إندونيسيا من الأعشاب الطبيعية الموجودة في المناطق الاستوائية لمنع الجرح من العدوى مما أدى إلى شفائه.