أضواء على مشروع الإمارات
لاستكشاف المريخ
إبراهيم بن عبدالرحمن الجروان - نائب المدير العام بمركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك سابقًا – 21 يونيو 2021م
صُمِّم مسبارُ الأمل للدوران حول كوكب المريخ، ودراسة طبيعة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر على نطاقٍ عالمي، خلال فترات اليوم المختلفة، وعلى مدار المواسم المتعاقبة.
وُلِدَ مشروعُ الإمارات لاستكشاف المريخ فكرةً في الخلوة الوزارية لحكومة دولة الإمارات عام 2014م، قبل أن تتبلور الفكرة إلى خطةٍ إستراتيجيةٍ، ومشروعٍ علميٍّ عملاقٍ ذي أهدافٍ غير مسبوقة في تاريخ البشرية، تحت اسم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.
ولقد أُطلق اسمُ الأمل عليه لأنه «يرسل رسالة تفاؤلٍ للملايين من الشباب العربي»، بعد استفتاء عام طُرِحَ في الوطن العربي لاختيار الاسم الأفضل للمهمة، ووفقًا لتغريدة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء، وحاكم إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي ذكر أنَّ هذا المشروع جاء سعيًا إلى تأهيل الجيل الجديد من علماء الفلك والفضاء العرب واحتضانهم، ولاستئناف جزءٍ من الحضارة العربية العلمية.
الأهداف الإستراتيجية
تتمثل الأهداف الإستراتيجية، إلى جانب الأهداف العلمية للمشروع، في «تحسين جودة الحياة على الأرض، من خلال تحقيق اكتشافات جديدة، إضافةً إلى تشجيع التعاون الدولي فيما يتعلق باستكشاف كوكب المريخ، فضلًا عن تعزيز ريادة دولة الإمارات عالميًّا في مجال أبحاث الفضاء».
كما يستهدف المشروع «رفع مستوى الكفاءات الإماراتية في مجال استكشاف الكواكب الأخرى، إضافةً إلى ترسيخ مكانة الإمارات، وجعلها منارةً للتقدُّم في المنطقة، فضلًا عن إلهام الأجيال العربية الناشئة، وتشجيعهم على دراسة علوم الفضاء، إضافةً إلى بناء المعرفة العلمية لكون الاقتصاد المستدام في المستقبل سيكون اقتصادًا قائمًا على المعرفة».
وتتضمن الأهداف:
01 – السعي لتعزيز قدرة الإمارات على اتخاذ خطوات أكثر ثقلًا في الأبحاث، التي تتعلق بمجال الفضاء.
02 – التعاون لفهم، جميع التغيّرات المناخية التي تحدث على كوكب المريخ، والسبب الرئيس وراء التآكل في الغلاف الجوي.
03 – العمل على إظهار الوعي المجتمعي، الإماراتي والعالم العربي كلّه، من أجل استكشاف الفضاء، والعمل على فتح الأبواب والمعلومات أمام الأجيال في المستقبل، حتى تُتاح لهم الفرصة الكاملة في مجال الفضاء، وتوفير المعلومات والتقارير اللازمة كافة لاستكشاف ما يحدث خارج عالمنا.
04 – الدفع بالتنمية الخاصة بالاتصالات والتكنولوجيا، وأيضًا عملية الاستشعار عن بعد.
05 – العمل على إتاحة الفرصة في توفير معلومات جديدة حول كوكب المريخ، أو كما يطلق عليه الكوكب الأحمر للمتخصّصين في مجال علوم الفضاء.

الأهداف العلمية
تسعى المهمة إلى الكشف عن طبيعة الغلاف الجوي للمريخ، وتوفير أول صورة متكاملة للغلاف الجوي له، على مدار سنة مريخيّة كاملة، تمتد إلى 687 يومًا أرضيًّا، لأجل فهم أعمق حول التغيّرات المناخية على سطح كوكب المريخ، ورسم خريطة توضح طبيعة طقسه الحالي عبر دراسة الطبقة السفلى من غلافه الجوي، ودراسة تأثير التغيّرات المناخية في المريخ في تشكيل ظاهرة هروب غازي الأكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي، عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية، وإجراء دراسات معمَّقة حول تلك الظاهرة، ومعرفة أسباب حدوثها.
ويهدف المشروع أيضًا بشكل أساسي إلى رسم صورة واضحة وشاملة حول مناخ كوكب المريخ. وسيعمل فريق عمل المشروع على:
-01 التعاون والتنسيق مع المجتمع العلمي العالمي المهتّم بكوكب المريخ؛ لمحاولة إيجاد إجابات عن الأسئلة التي لم تتطرق إليها مهمات الفضاء السابقة.
-02 دراسة أسباب تلاشي الطبقة العليا للغلاف الجوي للمريخ عبر تتبع سلوكيّات ومسار خروج ذرات الهيدروجين والأكسجين، التي تُشكل الوحدات الأساسية لتشكيل جزيئات الماء.
-03 تقصّي العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي الدنيا والعليا على كوكب المريخ.
-04 تقديم الصورة الأولى من نوعها على مستوى العالم حول كيفية تغيّر جو المريخ على مدار اليوم، وبين فصول السنة.
-05 مراقبة الظواهر الجوية على سطح المريخ، مثل العواصف الغبارية، وتغيّرات درجات الحرارة، فضلًا عن تنوّع أنماط المناخ تبعًا لتضاريسه المتنوعة.
-06 الكشف عن الأسباب الكامنة وراء تآكل سطح المريخ.
-07 البحث عن أي علاقات تربط بين الطقس الحالي والظروف المناخية قديمًا للكوكب الأحمر.
وسيكشف الأمل طبقات الغلاف الجوي لكوكب المريخ بشكل مفصّل، فيوفر بيانات لدراسة: سبب التغيير المناخي الجذري في الغلاف الجوي للمريخ من الوقت الذي يمكن أن يتحمله الماء السائل إلى اليوم، عندما يكون الغلاف الجوي رقيقًا جدًّا، إذ إنَّ المياه يمكن أن يوجد فقط على شكل جليد أو بخار، للمساعدة في فهم كيف ولماذا يفقد المريخ هيدروجينه وأكسجينه في الفضاء، والعلاقة بين المستويين العلوي والسفلي للغلاف الجوي للمريخ. إنَّ هذهِ البيانات ستساعد أيضًا على نمذجة الغلاف الجوي للأرض، ودراسة تطوّره على مدى ملايين السنين. وسيسهل الحصول على معظم البيانات المكتسبة من المهمة إلى أكثر من 200 جامعة ومعهد أبحاث في جميع أنحاء العالم لغرض تبادل المعرفة.
الأجهزة العلمية الرئيسة
سيجمع مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ -باستخدام ثلاثة أجهزة على متن المسبار- مجموعة من القياسات الأساسية التي تساعد على تكوين فهم أعمق لكيفية دوران الغلاف الجوي، وطبيعة الطقس في طبقتيهِ السفلى والوسطى، ثم يدمج الفريق هذه القياسات مع نتائج رصد الطبقة العليا من الغلاف الجوي، لتكشف هذه القياسات عن الأسباب الكامنة وراء فقدان الطاقة، وهروب جسيمات الغلاف الجوي من جاذبية المريخ.
مقياس طيفي بالأشعة تحت الحمراء (EMIRS)
يحتوي هذا الجهاز على مرآة دوارة تسمح للجهاز بإجراء عمليات مسح للمريخ، ويقوم بدور مقياس طيفي حراري بالأشعة تحت الحمراء، صُمِّم لإعطاء فهم أفضل حول توازن الطاقة في مناخ المريخ الحالي من خلال توصيف حالة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ، والعمليات التي تؤثر في الدورة النهارية للكوكب.
وسيساعدنا فهمنا لتوازن الطاقة على تحديد مصادر الطاقة على المريخ، وكيفية استهلاكها، إلى جانب فهمنا لكيفية استجابة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر للإشعاع الشمسي، على مدار اليوم، وباختلاف الفصول.
وعلى وجه التحديد، سيستخدم هذا المقياس للبحث في الحالة الحرارية للطبقة السفلى من الغلاف الجوي، والتوزيع الجغرافي للغبار وبخار الماء والجليد المائي.


كاميرا الاستكشاف الرقمية (EXI)
كاميرا إشعاعية متعددة الطول الموجي، قادرة على التقاط صور بدقة 12 ميجا بكسل، مع الحفاظ على التدرُّج الإشعاعي اللازم للتحليل العلمي المفصَّل. وقد جرى تطويرها من خلال تعاون مشترك بين مركز محمد بن راشد للفضاء ومختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء. وجرى تصميم الكاميرا؛ لتكون مرنة في اختيار دقة الصورة، ومناطق التركيز، وعدد الإطارات، وعرض النطاق الترددي، وذاكرة كبيرة للاحتفاظ بالصور الملتقطة.
والعدسة مكوّنة من عدستين مزدوجتين، مع مسارين منفصلين لحزم الأشعة. وهي عدسة من النوع المركب تُستخدم لالتقاط صور عالية الدقة ومنخفضة التشويه للمريخ. ويمكن للبعد البؤري القصير للعدسة أن يخفض من مقدار الزمن اللازم للتعريض الضوئي إلى وقت قصير جدًّا لالتقاط صور ثابتة في أثناء الدوران حول الكوكب. ويتكوّن مستشعر الكاميرا من مصفوفة أحادية اللون بدقة 12 ميجا بكسل أبعادها 3:4. ويمكن التقاط الصورة وتخزينها على شريحة الذاكرة، بما يمكّن التحكم في حجم الصورة، ودقتها، وهذا ما يقلّل من معدل نقل البيانات بين المسبار ومركز التحكُّم الأرضي.
ويستطيع المستشعر التقاط 180 صورة عالية الدقة في المرة الواحدة، ويعني ذلك أنك تستطيع تصوير فيلم بدقة (4K) إذا أردت. ويعدُّ استخدام المرشحات المنفصلة ميزة إضافية يمكنها توفير دقة أفضل لكل لون من الألوان. كذلك فإنها توفر تفاصيل أكثر دقة في الصورة، وهذا ما يسهم في تقليل درجة عدم اليقين عند قياس الإشعاع للتصوير العلمي.


مقياس طيفي بالأشعة فوق البنفسجية (EMUS)
هذا الجهاز هو مطياف تصوير بالأشعة فوق البنفسجية طويل المدى، لديه القدرة على قياس الأشعة فوق البنفسجية التي تقع في النطاق بين 100 إلى 170 نانو متر، مع دقة طيفية تراوح بين 1.3 و1.8 نانومتر. ويكون بذلك لديه القدرة على إجراء القياسات المطلوبة لغازات الهيدروجين والأكسجين وأول أكسيد الكربون ضمن المهمة.
ويتكوّن هذا المطياف من تلسكوب أحادي العدسة يُغذي مطياف التصوير المزوَّد بدائرة رولاند، والمجهز لعملية عدّ الفوتونات، وتحديد موقعها. وتصل دقة مقياس المطياف في تحديد الأماكن للمسافات التي تقل عن 300 كم عن السطح، وهي مسافة كافية لتمييز الاختلاف المكاني بين الغلاف الحراري للمريخ الذي يقع على ارتفاع (100 – 200 كم)، والغلاف الخارجي الذي يقع على ارتفاع أعلى من 200 كم. وستتضمن نتائج المطياف ما لا يقلّ عن 6 صور للغلاف الحراري للمريخ في كل دورة حول الكوكب، وما لا يقلّ عن 6 صور داخلية لهالات الأكسجين والهيدروجين، و5 صور خارجية لهالات الهيدروجين في الدورة الواحدة.

المواصفات الفنية العامة للمسبار
01 – الأبعاد: 3×7.9 م (مع ألواح شمسية مفتوحة).
02 – الوزن: 1350 كجم (يشمل الوقود).
03 – الطاقة: 600 واط من الطاقة لشحن البطاريات.
ولغرض الاتصال، يُستخدم المسبار هوائيًّا عالي الكسب بقطر 1.5 متر، ويُنتج هذا الهوائي موجة راديوية ضيقة لكي تصل إلى الأرض.
ستكون هناك أيضًا هوائيات منخفضة الكسب في بنية المسبار لكي تكون اتصالًا اتجاهيًّا أقل عند عرض النطاق الترددي المنخفض، مقارنة بهوائي الكسب العالي. استعملت أجهزة تعقب النجوم لتحديد الموقع في الفضاء.
الميزانية التقديرية للمشروع
بلغت تكلفة هذا المسبار نحو 200 مليون دولار، وتعدُّ هذه الخطوة من أهم الخطوات التاريخية في دولة الإمارات، نحو التقدم التكنولوجي والتطور، وتحقيق الريادة عربيًّا.

رحلة المسبار
بدأ المسبار العمل منذ يوليو 2014م، حتى إطلاقه في يوليو 2020م، ويتولى المشروع فريق المهندسين بمركز محمد بن راشد للفضاء بالتعاون مع مؤسسات وجامعات عالمية كجامعة كولورادو بولدر، وجامعة كاليفورنيا، وجامعة ولاية أريزونا.
جرى عرض نموذج أولي لسفينة الأمل في معرض دبي للطيران في نوفمبر 2017. وهو نموذج صمم لإعطاء فكرة عامة عن شكل المركبة الفضائية.
وضعت القطعة الأخيرة من المسبار بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم في 18 فبراير 2021م، ويحمل قطع المسبار أسماء أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حُكّام الإمارات، وتواقيع سموهم، وتواقيع سمو أولياء العهود، كما يحمل عبارة «قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء».
بدأت المرحلة الثالثة من المهمة في 20 أبريل 2020م، إذ غادرت المركبة الفضائية مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي لبدء رحلة تستغرق أربعة أيام إلى تانيغاشيما. على أن يصل إلى المريخ بحلول عام 2021م، تزامنًا مع ذكرى مرور خمسين عامًا على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
كان الوقت المحدد للإطلاق يوم 14 يوليو 2020م، وفي 16 يوليو 2020م نشرت وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، معايير الإطلاق النموذجية لصاروخ الإطلاق (إتش 2 إيه) المستخدم في إطلاق مسبار الأمل؛ لتوضيح سبب تأجيل موعد الإطلاق، إذ تؤثر الظروف الجوية بشكل كبير في نجاح إطلاق المركبات الفضائية.
انطلق الصاروخ حاملًا المسبار من مركز (تانيغاشيما) الفضائي في الساعة 01:58 صباحًا بتوقيت الإمارات يوم 20 يوليو 2020م، وهي المرحلة الثالثة من المهمة .
تستغرق الرحلة المتوقعة للمسبار نحو 200 يوم في رحلتها البالغة 60 مليون كيلومتر عند الوصول إلى المريخ. وبدأت المرحلة العلمية للمسبار في 14 أبريل 2021، وتمتد لمدة عامين.
وصل «مسبار الأمل»، الثلاثاء، 9 فبراير 2021 إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، وهي المرحلة الرابعة من المهمة بعدما سافر في الفضاء العميق بمتوسط سرعة تبلغ 121 ألف كيلو متر في الساعة، طوال نحو 7 أشهر، منذ انطلاقه من قاعدة (تاناغاشيما) الفضائية في اليابان في 20 يوليو 2020م، قاطعًا نحو 493 مليون كيلومتر.


إنجاز وتحدٍّ
أصبحت الإمارات خامس دولة في العالم تصل إلى مدار المريخ، كما أنها ثالث دولة في العالم تصل إلى مدار الكوكب الأحمر من المحاولة الأولى. وقد حققت إنجازًا عالميًّا يفوق نسبة نجاح الوصول إلى مدار الكوكب الأحمر، التي لا تتعدى تاريخيًّا 50 بالمئة.
كان التحدي الأصعب لـ «مسبار الأمل» عند دخوله إلى مدار الالتقاط حول المريخ، واحدًا من أصعب التحديات، ويتلخَّص هذا التحدي الأصعب في أنَّ المسبار المنطلق في الفضاء بسرعة 121 ألف كيلومتر في الساعة عليه أن يقوم ذاتيًّا بإبطاء سرعته إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة فقط، خلال 27 دقيقة تعرف باسم «الـ27 دقيقة العمياء»، وذلك باستخدام محركات الدفع العكسي الستة «دلتا في» المزود بها المسبار.
وخلال هذه الدقائق الحرجة، سيكون الاتصال متأخرًا بمركز التحكم في المحطة الأرضية في الإمارات، وعليه، أن يقوم بهذه العملية ذاتيًّا، كما عليه أن يقوم وحده أيضًا بالتغلب على ما قد يواجهه من تحديات في أثناء هذه الدقائق التي ستحدد مصير 7 سنوات قضاها فريق المشروع في العمل بدأب ومثابرة في تصميم المسبار وتطويره وبنائه وبرمجته، حتى يكون جاهزًا لمجابهة هذا التحدي، وتخطي هذه الدقائق الـ 27 العمياء، كما فعل مع ما واجهه طوال رحلته المريخيَّة من تحديات.
وتزداد صعوبة هذه المرحلة في أنَّ الاتصال سيكون متأخرًا بين مركز التحكم والمسبار، ومن هنا جاءت تسمية هذه الدقائق الـ27 بـ«العمياء»، إذ إنَّ المسبار -وبلا تدخُّل بشري- سيعالج تحدياته كافة في هذه المدة بطريقة ذاتية، وفي حال وجود أي أعطال فنية في أكثر من اثنين من محركات الدفع العكسية التي يستخدمها المسبار في عملية إبطاء سرعته، سيتسبب ذلك في أن يتيه المسبار في الفضاء العميق أو يتحطم، وفي كلتا الحالتين لا يمكن استرجاعه.
وفي اليوم التالي لوصول المسبار إلى مدار الالتقاط، نجح في التقاط أول صورة للمريخ من على ارتفاع نحو 25 ألف كيلومتر فوق سطح الكوكب الأحمر، كما أنه، منذ وصوله إلى المدار، قام بـ21 دورة حول المريخ، بواقع دورة واحدة كل 33 ساعة في مدار الالتقاط البالغ 1073 كم إلى 42454 كم، ونجح فريق العمل في جميع عمليات فحص لأنظمة المسبار.
كما نشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ صورًا تاريخية التقطها «مسبار الأمل» للكوكب الأحمر في أوقات وحالات مختلفة، وتعدُّ الأولى من نوعها التي يجري التقاطها بمثل هذه الأجهزة العلمية العالية الكفاءة والدقة.
ستكون هناك مرحلتان في مهمته المريخيَّة، هما: الدخول إلى المرحلة الخامسة من المهمة، وهي الدخول إلى المدار العلمي، وقد تمت في 22 مارس 2021م، ثم المرحلة السادسة من المهمة التي ستكون خلال شهر مايو 2021م، وهي المرحلة العلمية التي سيدور خلالها المسبار حول الكوكب الأحمر دورة كل 55 ساعة في مدار بيضاوي يراوح بين 20 ألف كيلومتر و43 ألف كيلومتر، وقد اختار فريق العمل للمسبار هذا المدار المميّز ليكون مباشرة على خط الاستواء الخاص بالمريخ، ما يتيح له أفضل موقع لجمع البيانات العلمية والصور عن هذا الكوكب الأكثر شبهًا بالأرض ضمن المجموعة الشمسية.

فريق العمل
يضم فريق المهمة 200 مهندس إماراتي و200 مهندس وعالم في معاهد شريكة في الولايات المتحدة والعالم، وينقسم فريق البعثة إلى سبع مجموعات بما في ذلك المركبات الفضائية، والخدمات اللوجستية، وعمليات البعثة، وإدارة المشروعات، والتعليم والعلوم والتوعية، المحطة الأرضية، ومركبة الإطلاق.
يجري التواصل مع المسبار مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا، ومدة كل نافذة اتصال من 6 إلى 8 ساعات يوميًا، علمًا بأنَّ التأخُّر في الاتصال لبعد المسافة يراوح بين 11 و22 دقيقة، لإرسال الأوامر إلى المسبار وأجهزته العلمية، وكذلك لاستقبال البيانات العلمية التي يجمعها المسبار طوال مهمته، بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع.
ويواصل الفريق إرسال الأوامر وتلقي الإحداثيات من المسبار حتى وصوله بأمان إلى المدار العلمي، ثم إلى المرحلة العلمية، وبعد التأكد من أنَّ كلَّ الأمور تسير وفقًا لما خطط له الفريق .
وتجري جدولة الاتصال اليومي مع المحطة الأرضية حتى يتمكن فريق المشروع من إجراء عمليات تحميل سلسلة الأوامر وبيانات العمليات المختلفة، إذ من المخطط أن ينقل المسبار خلال مدة وجوده بالمدار، مجموعة كبيرة من البيانات العلمية عن الغلاف الجوي للمريخ وديناميكياته، وسيصل حجمها بنهاية المهمة، إلى أكثر من 1 تيرابايت من البيانات العلمية في صورتها الأولية.

خاتمة
وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، ليلة دخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط في كوكب المريخ في 9 فبراير 2021م رسالةً إلى أبناء الإمارات والأمتين العربية والإسلامية قال فيها: «خلال الساعات القادمة يصل مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، وسيكون التحدي الأكبر هو الدخول لمداره. ٪50 من البعثات البشرية التي حاولت قبلنا لم تستطعْ أن تدخل المدار، ولكن نقول حتى إن لم ندخل المدار فقد دخلنا التاريخ، هذه أبعد نقطة في الكون يصل إليها العرب عبر تاريخهم، أكثر من 5 ملايين ساعة عمل لأكثر من 200 مهندس ومهندسة إماراتية، هدفنا هو إعطاء أمل لجميع العرب بأننا قادرون على منافسة بقية الأمم والشعوب، نسأل الله التوفيق في الوصول إلى كوكب المريخ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وقد تجاوزت استثمارات الإمارات في مجال الفضاء 20 مليار درهم، وتعمل فيه عشرات المؤسسات، فيما تستفيد منه المئات في الدولة، إضافة إلى فتح تعاون دولي، وشراكات دولية في هذا المجال.
وجرى خلال المشروع تأهيل فريق العمل عبر برنامج مكثَّفٍ في نقل المعرفة، أُعدُّوا لتصميم أدق أجزاء مسبار الأمل، وهو «برنامج تطوير العلماء والباحثين في علوم الفضاء»، الذي يشرف عليه أفضل العلماء في العالم في مجال علوم الفضاء، ونتج عنه تأهيل مهندسين وباحثين إماراتيين من رواد علوم المريخ في مجالات لم يسبق تأهيل متخصصين فيها على مستوى الدولة من قبل.
كما أسهم المشروع الذي شكَّلت مشاركة المرأة فيه النسبة الأعلى عالميًّا بواقع ٪34، في تطوير قدرات العلماء المتخصصين في مجال علوم المريخ، وتأسيس 6 برامج جامعية في علوم الفضاء، وتطوير أكثر من 200 تصميم لتكنولوجيا علمية جديدة، وصناعة أكثر من 66 قطعة ميكانيكية على أرض الدولة.
ونجح فريق «مسبار الأمل» الذي يتكون من 200 مهندس ومهندسة وباحث وباحثة من أبناء وبنات دولة الإمارات في تحقيق منجزات جديدة في الكفاءة والتصميم، إذ تمكّن من إشراك أكثر من 60 ألف طالب ومعلم وأكاديمي في البرامج التثقيفية والتعليمية التي عمل عليها الفريق.