الجيل‭ ‬الخامس‭ ‬للشبكات‭ ‬الخلويّة

يُغيّر‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬في‭ ‬السعوديّة‭ ‬والعالم

فاضل‭ ‬عيسى – الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬بوحدة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬إريكسون‭ ‬السعودية

5G هو الجيل الخامس من الشبكات الخلويّة  بقدرات جديدة من شأنها أن تخلق فرصًا للناس والشركات والمجتمع؛ إذ إنَّ قدرات هذا الجيل أعلى بكثير من الأجيال السابقة، وليست محصورة في تحسين أداء الشبكة فقط، بل شملت جوانب كثيرة من شأنها توفير فرص جديدة، وحلول رائدة تصل إلى المجتمع السعودي، والمجتمعات الأخرى في أنحاء العالم.

مزايا الجيل الخامس

تُعدّ تقنية الجيل الخامس العمود الفقري لعمليّة التحوّل الرقمي على مستوى الاتصال والقطاعات الاقتصاديّة المختلفه لقدرتها على توفير سرعات غير مسبوقة في عالم شبكات الاتصالات الخلوية؛ متجاوزة سرعة البيانات إلى 10 أضعاف واقع الجيل الرابع، وتوفير زمن استجابة قصير جدًّا للتطبيقات الفوريّة، إلى جانب قدرتها  من ناحية السعة على تسهيل عدد هائل من الأجهزة المتّصلة لجمع المعلومات وتبادلها في الوقت اللحظي للحدّ من حوادث الطرق على سبيل المثال، أو التطبيقات المنقذة للحياة المعتمدة على الاتصالات المضمونة الخالية من التأخير، أو منع الانقطاعات قبل وقوعها بوقت كبير اعتمادًا على النتائج التنبؤية في  خطوط الإنتاج.

أما من ناحية التردّدات، فيعمل الجيل الخامس على التردّدات اللاسلكية نفسها التي يجري استخدامها حاليًا للهواتف الذكيّة، وعلى تردّدات شبكات (WiFi)، والتردّدات المستخدمة في الاتصالات عبر الأقمار الصناعيّة.

نقلة نوعيّة

يُعدُّ استخدام تردّدات شبكات  (WiFi)  وتردّدات الأقمار الصناعيّة في الشبكات الخلويّة نقلة نوعيّة، والأولى من نوعها، إذ تمكّن التكنولوجيا من الذهاب إلى بُعدٍ جديد، إضافة إلى القدرة على تنزيل فيلم عالي الدقة كامل الطول إلى هاتف في ثوانٍ (حتى من ملعب مزدحم)، فإنَّ الجيل الخامس يتعلّق حقًّا بتوصيل الأشياء في كل مكان – بشكل موثوق من دون تأخير- حتى يتمكّن الناس من قياس الأشياء، وفهمها، وإدارتها في الوقت اللحظي. وهذا له إمكانات هائلة للنهوض بالمجتمع، وتحويل الصناعة، وتعزيز الخبرات.

وبالنسبة إلى المجتمع، فإنَّ الجيل الخامس لديه القدرة على فتح طرق متطورة لتحسين السلامة والاستدامة، مثل شبكات الكهرباء الأكثر ذكاءً لخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير، أو مشاركة المركبات الأكثر اتصالًا للبيانات؛ لمنع الاصطدامات على الطرق.

ويمكن أن يكون هناك – من منظور صحي- نشر أسرع لخدمات الطوارئ في الحوادث، إضافةً إلى أجهزة الاستشعار المتصلة، التي يمكنها الكشف عن الكوارث الطبيعيّة، والتحذير منها في وقت مبكر، إضافة إلى ذلك، يمكن أن تصبح الطائرات من دون طيار أداة رئيسة لتسريع استجابات حالات الطوارئ ودعمها، عن طريق إتاحة التشخيص الطبي للمصابين عن بُعد من قبل المتخصصين بسلاسة في أي مكان.

وستكون آثار الجيل الخامس في الصناعة مؤثرة إلى حدٍّ كبير. بتأسيس الصناعات التحويليّة في أعمال مرنة وفعالة ومسؤولة بفضل الفرص التي سيوفرها الجيل الخامس. وستكون خطوط الإنتاج قادرة على الاستجابة بشكل مستقلّ للعرض والطلب، والنسخ المتماثلة الرقمية قادرة على التحذير من أخطاء الآلات الحقيقيّة في وقت مبكر.

في حين أنَّ الشبكات اللوجستية ستقوم بشكل مستقلّ بتوجيه البضائع بناءً على ظروف العالم الحقيقي. ويمكن تتبع المواد بالكامل وصولًا إلى الأصناف الفرديّة في المستودعات والموانئ، كما سيسهم الوصل عن بُعد إلى الروبوتات والمركبات القويّة إلى زيادة استخدام إنترنت الاشياء في البيئات المحفوفة بالمخاطر، وزيادة المحاصيل الزراعية.

كما سيجري تعزيز الترفيه بفضل الجيل الخامس؛ إذ إنه يمهد الطريق لترفيه أكثر متعة، وتعليم أكثر جاذبية، مع مزيد من الواقعية في الواقع الافتراضي (VR)، والواقع المعزز (AR)، والواقع الموسع (XR)، مع أجهزة أخف وزنًا، وإمكانية تقديم الخبرات الحسيّة مثل اللمس، من خلال أجهزة ذات إمكانيّة متميّزة. كما ستكون هناك طرق أكثر جاذبية للتدريس من خلال محتوى أكثر محاكاة للواقع، إضافة إلى اجتماعات افتراضيّة لتعزيز إنتاجيّة الفريق عن بُعد. وسيوفر الاتصال المستقر والموثوق به في الأماكن المزدحمة، زوايا وتفاعلات جديدة لمتفرجي الأحداث الحية والبعيدة.

إنترنت الأشياء

في المملكة العربيّة السعوديّة وعلى الصعيد العالمي، سيكون التأثير الأكبر من 5G في إنترنت الأشياء (IoT)، وهو مصطلح برز حديثًا ويقصد به الجيل الجديد من الإنترنت الذي يتيح التفاهم بين الأجهزة المرتبطة مع بعضها، عبر بروتوكول الإنترنت، وتشمل هذه الأجهزه الأدوات والمستشعرات والحساسات وأدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة. وهو مفهوم يتخطى المفهوم التقليدي المعتاد المعتمد على  تواصل الأشخاص مع الحواسيب والهواتف الذكية عبر شبكة عالمية واحدة، ومن خلال الإنترنت التقليدي المعروف.

ويعدٌّ إنترنت الأشياء أحد أهم الركائز الأساسية للثورة الصناعية الرابعة؛ إذ يسهم في تسريع التقدُّم إلى شبكة الإنترنت الصناعية، من خلال زيادة خفة الحركة الشبكيّة، والذكاء الاصطناعي المتكامل،  والقدرة على نشر حالات الاستخدام المتنوعة، وأتمتتها، وتنسيقها، وتأمينها على نطاق واسع.

ليست الإمكانات فقط في تمكين عدد هائل من الأجهزة في وقت واحد، ولكن الاستفادة من كميات هائلة من البيانات القابلة للتنفيذ، التي يمكن أن تعمل على أتمتة العمليات التجاريّة المتنوعة.

ومع تطور الشبكات ومنصات إنترنت المعلومات من خلال زيادة قدرة الذكاء الاصطناعي سيتيح الفرصة لمصادر جديدة كاملة للإيرادات، وتوفير فرص وظيفية جديدة.

ومن المثير – في هذا السياق – ذكر موجة تطبيقات (IoT) المستقبلية، التي يجري جلبها إلى الحياة، من خلال التفاعل بين الإنسان والآلة أو ما يسمى بالإنسان 4.0. وهي مجموعة تطبيقات وأنظمة سوف تسمح للبشر التفاعل في الوقت الحقيقي على مسافات كبيرة – سواء مع بعضها بعضًا، ومع الآلات – ولها تجارب حسيّة مماثلة لتلك التي يواجهونها في الواقع الحسي. وهذا سيمكن من خلق فرص جديدة في مجال التعلُّم عن بعد، والجراحة والإصلاح على سبيل المثال. 

تمتلك تطبيقات الواقع المختلط – إضافة إلى ذلك- القدرة على أن تصبح منصّة الجيل المستقبلي بعد المحمول – وتتحقق من خلال الصوت 3D، والأحاسيس اللمسيّة، وتصبح الرابطة الرئيسة لدينا إلى العالم الحقيقي.

وسيتطلب إدخال الإنترنت في المستقبل إلى الحياة ترابطًا وثيقًا بين منصات (IoT)  والشبكة. ولا يزال هذا المجال محور تركيز رئيسًا في الأبحاث حول العالم.

المملكة في المقدمة

كانت المملكة العربيّة السعوديّة من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط في إطلاق الجيل الخامس؛ من طريق المشغلين المحليين، لتحقيق أهداف التحوّل الرقمي في رؤية السعودية 2030 التي تتطلّب بنية تحتيّة تقنيّة متينة، وخدمات رقميّة قادرة على دعم الخدمات والقدرات الرقمية في جميع القطاعات، وفي مختلف جوانب الحياة الاجتماعية.

وقد سمحت تجربة الجيل الخامس الناجحة للمشغلين بالبدء في قيادة الخدمات لفتح فرص جديدة في مجالات، مثل: الزراعة، والمدن الذكيّة، والرعاية الصحيّة. ومن شأن هذه التغطية الشاملة والمستمرة أن تساعد على إحداث التحوّل الرقمي الذي جرى تحديده بوصفه جزءًا من جدول الأعمال الوطني. وستكون فرصة الجيل الخامس محركًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة (ICT)، وحافزًا أساسيًّا لعصر جديد في الاقتصاد الرقمي؛ الداعم النهائي لرؤية المملكة العربيّة السعوديّة 2030 والتنويع الاقتصادي المنشود.

وتشير التقارير التي أجرتها الشركات المزودة لشبكات الجيل الخامس في عالم كوفيد – 19 على فهم كيفية تجربة المستهلكين، والتفكير عندما يتعلّق الأمر باستخدام الجيل الخامس.

وفي أوقات الأزمات، مثل: الوباء الحالي، كان الربط أمرًا مهمًّا بالنسبة إلى المستهلكين للقيام بالأنشطة المتصلة بالعمل والترفيه، وأصبحت التوقعات بتحسين تجارب الشبكات أعلى.

كما أنها وفرت لنا التوقعات الإستراتيجية حول نمو مشتركي الجيل الخامس، ورؤى المستهلك الواسعة حول سلوكيات المتبنِّي المبكر التي تؤكد أنَّ الشبكات والبنية التحتيّة الرقميّة هي المفتاح في الحفاظ على تشغيل المجتمعات، واتصال الأسر، بخاصة خلال الجائحة. تسببت التغيّرات السلوكيّة في تغييرات قابلة للقياس في استخدام كل من الشبكات الثابتة وشبكات الهاتف المحمول.

وأظهرت نتائج أخرى من الأبحاث – إضافة إلى ذلك – أنَّ 5G ستفيد ديناميكية المستهلك السعودي، مع تعزيز الخدمات الرقميّة الحاليّة، وحالات الاستخدام، مثل: بث الفيديو، والبث الرياضي، والألعاب المحمولة، والخدمات المنزلية الذكية، وسيفتح الجيل الخامس أيضًا إمكانات الواقع الممتد (XR) كفيديو قادم يمرُّ عبر شبكات الجيل الخامس.

كما أظهر المستهلكون السعوديون سلوكًا حقيقيًّا في التبنّي المبكر للتكنولوجيا والتقنيّات الجديدة. وأظهرت المؤشرات من الأبحاث العالميّة الأوسع أن خدمات الفيديو المحسنة، مثل: خدمات بث الفيديو عند الطلب للاشتراك بدقة عالية، ومعدلات وضوح، مثل 4K و 8K. وسيتبع ذلك خدمات وسائط محاكاة للواقع الافتراضي، مثل: تطبيقات الألعاب (AR) المتعدّدة اللاعبين والألعاب السحابية (Cloud Gaming).

وفيما يتعلّق بالتقدُّم الفوري في المملكة العربيّة السعوديّة، فإنَّ الإصدار الأخير من «توقعات الطيف للاستخدام التجاري والابتكاري 2021-2023م» من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة هو خطوة إيجابية أخرى تؤكد التزام الهيئة برؤية «إطلاق إمكانات الاتصالات الراديويّة في المملكة العربيّة السعوديّة لمستقبل أكثر ذكاءً وأمانًا وتعزيز موقع المملكة العربيّة السعوديّة في الترتيب العالمي من ناحية متوسط سرعات الانترنت».

جودة خدمات النطاق العريض المتنقلة

إنّ تخصيص التردّدات الطيفيّة 3800-4000MHz و(mmWave) للشبكات الخلويّة ذو أهمية خاصة. ومن خلال هذا التخصيص، اتّخذت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بوضوح الخطوات اللازمة لضمان جودة خدمات النطاق العريض المتنقلة التي يمكن تقديمها للمواطنين في جميع أنحاء المملكة.

يمكن لـ (mmWave) تقديم سرعات متعدّدة جيجابت وسعة فائقة وسرعة وصول منخفضة جدًّا. هذه الخصائص من (5G mmWave) سوف تحسن المراقبة وتدفق الفيديو / البث، في كل مكان الواقع المعزز/ الواقع الافتراضي (ar/vr) لتعزيز تجارب الألعاب عبر الإنترنت، وتطوّر الصناعة من خلال 5G الذكيّة مصنع استخدام الحالات.

في حين أنَّ الإمكانات الكاملة لتقنية الجيل الخامس 5G وما يجلبه إلى حياتنا لا يزال يتعيّن اكتشافه، وهناك كثير لاستخلاصه حتى الآن من منصة الشبكة التي ستفتح 31 تريليون دولار أمريكي من عائدات المستهلك العالميّة للاعبين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات و3.7 تريليونات دولار لمقدمي خدمات الاتصالات (CSPs) على مدى العقد المقبل.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تصل إيرادات البرنامج إلى 200 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.

مع وجود المملكة العربيّة السعوديّة في قلب هذا النمو، فإنَّ مستقبل 5g في البلاد يشير – في نهاية المطاف- إلى توقعات أوسع للمستهلكين لهذه التكنولوجيا.

Share This