الذكاء الاصطناعي
ومستقبل الطب
هل تحل الآلة محل الطبيب؟
د. يارا إسماعيل الطب والجراحة – جامعة الإسكندرية – مصر
انتشر في الآونة الأخيرة استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، ومن بينها المجال الطبي. فما المقصود بالذكاء الاصطناعي،وكيف يؤثر في مستقبل الطب،وهل يمكن أن تحل الآلة محل الطبيب؟
ما الذكاء الاصطناعي؟
يمكننا تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه نوع من أنواع تكنولوجيا الحاسوب تستطيع أن تجعله يعمل بطريقة ذكية على غرار العقل البشري، مثل القدرة على التحليل المنطقي، واتخاذ القرار، والتعرف على الأصوات والصور وفهم اللغة، وغيرها من المهام المركبة.

5 تطبيقات مذهلة للذكاء الاصطناعي في الطب
استطاع العلماء توظيف الذكاء الاصطناعي في تشخيص وعلاج الكثير من الأمراض. نستعرض فيما يلي بعض تطبيقاته في مختلف التخصصات الطبية:
1- استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص التشوهات الخلقية في صور الموجات فوق الصوتية للجنين
قام الباحثون في جامعة أوتاوا الكندية مؤخرًا باختبار قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على تشخيص أحد التشوهات الخلقية النادرة والخطيرة في الأوعية الليمفاوية للأجنة عن طريق مقارنة صور الأشعة التليفزيونية بتلك المسجلة بقواعد البيانات الضخمة الحاسوبية.
وقد أثبتت الدراسة قدرة الذكاء الاصطناعي على تشخيص تلك الحالات بسرعة وبدقة عالية خلال الأشهر الأولى من الحمل. ويتوقع الأطباء إمكانية استخدام هذه التقنية للكشف عن تشوهات جنينية أخرى في المستقبل.
2- روبوت متنقل يمكنه اكتشاف مخالفات التباعد الاجتماعي ومعالجتها
أكد الأطباء على أهمية التباعد الاجتماعي للحد من انتشار فيروس كورونا. فبناءً على توصيات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإنه يُنصح بالبقاء على بُعد مترين من الأشخاص الآخرين لتجنب خطر الإصابة بكوفيد19-.
فقد حرص العلماء منذ ظهور وباء كورونا في عام 2019/ 2020 على إيجاد أدوات للحد من انتشار العدوى بين أفراد المجتمع، ومن بين هذه الأدوات أجهزة الـواي فاي والبلوتوث. وقد ظهرت الروبوتات المتنقلة كأداة محتملة للكشف عن مخالفات إجراءات التباعد الاجتماعي من خلال كاميرات ومجسات خاصة، ومن ثم تستطيعهذه الروبوتات الانتقال إلى موقع المخالفة وإظهار رسائل تحذيرية من خلال شاشات رقمية مُثَبتة بها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الروبوتات مدعومة بكاميرات حرارية يمكنها اكتشاف الأشخاص المصابين بالحمى، مما يساعد على تتبع المخالطين والحد من انتشار العدوى.


3- الذكاء الاصطناعي يكتشف أنماط الكلام لدى الأطفال المصابين بالتوحد عبر لغات مختلفة
كشفت دراسة حديثة أُجريت بجامعة نورث ويسترن الأمريكية عن قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على تمييز أنماط الكلام عند الأطفال المصابين بالتوحد بغض النظر عن اللغة، الأمر الذي بقي صعبًا وغامضًا لسنوات. ويأمل الأطباء أن يسهم هذا الاكتشاف في التشخيص والتدخل المبكر لمساعدة هؤلاء الأطفال.
4- الحد من خطر انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
تُشكل مقاومة المضادات الحيوية تهديدًا متزايدًا للسكان في جميع أنحاء العالم، حيث إن الإفراط في استخدام هذه الأدوية يعزز من تطور البكتيريا المقاومة لها. يمكن أن تساعد قواعد البيانات الضخمة والسجلات الصحية الإلكترونية في تحديد أنماط العدوى وتسليط الضوء على المرضى المعرضين للخطر قبل ظهور الأعراض، مما يساعد مقدمي الرعاية الصحية على التدخل السريع لمكافحة العدوى وتجنب ظهور المقاومة ضد المضادات الحيوية.

5- تعزيز استخدام العلاج المناعي في علاج السرطان
العلاج المناعي هو أحد أكثر الطرق الواعدة لعلاج السرطان. فقد يتمكن المرضى باستخدام الجهاز المناعي للجسم من مهاجمة الأورام الخبيثة والتغلب عليها. ومع ذلك، فإن عددًا صغيرًا فقط من المرضى يستجيبون لخيارات العلاج المناعي الحالية، ولايزال أطباء الأورام يفتقرون إلى طريقة دقيقة وموثوقة لتحديد المرضى الذين سيستفيدون من هذا الخيار. يعد هذا العلاج جديدًا نسبيًا؛ لذلك ليس لدى الأطباء نتائج كافية يستطيعون بها اختيار استراتيجية العلاج المناسبة للحالات المختلفة، ولكن يستطيعون بتقنيات التعلم الآلي تحليل قواعد البيانات عبر مؤسسات متعددة لوضع النموذج العلاجي المناسب لكل مريضٍ على حِدة.
الخلاصة
استطاع العلماء بتقنية الذكاء الاصطناعي تشخيص وعلاج العديد من الأمراض. فبينما يتوقع العلماء استخدام هذه التقنيات على نطاق أوسع في المستقبل، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن تستبدل الآلة الطبيب؛ لأن إنشاء هذه البرامج يستلزم التعاون المستمر بين الأطباء والعاملين في المجال التقني. ولكن ربما يتحتم على طبيب المستقبل أن يكون على دراية أكبر بهذه التقنيات الحديثة لتحقيق أقصى استفادة لمرضاه.