الرحلات إلى المريخ
أ.د. زكي بن عبدالرحمن المصطفى - أستاذ الفلك الفيزيائي – مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية – 21 يونيو 2021م
منذ الستينيات الميلادية، والبشرية تحاول غزو المريخ استكشافًا وبحثًا عن الجديد، وربما محاولة استيطان في المستقبل. ولقد تنوَّعت نتائج محاولات الوصول بين النجاح والفشل، وإن كان مجرد محاولة الوصول إلى المريخ بحدِّ ذاتها تعدُّ نجاحًا، إذ إنها تعني تطور المنظومة التعليمية والبحثية لأيِّ دولةٍ تخطط للوصول إلى أغوار السماء، والتركيز في بحوث الفضاء والفلك.
منذ الستينيات الميلادية، والبشرية تحاول غزو المريخ استكشافًا وبحثًا عن الجديد، وربما محاولة استيطان في المستقبل. ولقد تنوَّعت نتائج محاولات الوصول بين النجاح والفشل، وإن كان مجرد محاولة الوصول إلى المريخ بحدِّ ذاتها تعدُّ نجاحًا، إذ إنها تعني تطور المنظومة التعليمية والبحثية لأيِّ دولةٍ تخطط للوصول إلى أغوار السماء، والتركيز في بحوث الفضاء والفلك.
ويمكن حصر الدول التي تمكّنت من ذلك حسب الترتيب التاريخي في الأسبقية على النحو الآتي: الاتحاد السوفييتي (روسيا) منذ عام 1960م، والولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1964م، واليابان منذ عام 1998م، والاتحاد الأوروبي وبريطانيا منذ عام 2003م، والصين منذ عام 2011م، والهند منذ عام 2013م، وختام هذه الدول كان من نصيب الإمارات العربية المتحدة التي دخلت هذ السباق عام 2020م.
وفي هذا الجزء من ملف المريخ سنركز في بعض الرحلات.
الاتحاد السوفييتي (روسيا)
تعدُّ أولى الدول التي حاولت الوصول إلى المريخ، عبر عدة محاولات باءت بالفشل خلال الأعوام 1960م و1962م. وتكررت عدة محاولات كان نصيبها الفشل حتى عام 1971م، إذ تمكَّن الاتحاد السوفييتي من تحقيق النجاح بمسبار مداري Mars–2 استطاع أن يدور حول المريخ 362 مرة. والنجاح المميز بعد هذه المحاولات هو الوصول إلى سطح المريخ لأول مرة، والتقاط صور لسطحه في 2 ديسمبر 1971م. وتوالى بعدها عدد من المحاولات بين الناجحة والفاشلة، وكانت آخر محاولة ناجحة عام 2016م بمسبار مدراي.
الولايات المتحدة الأمريكية.. رحلات ناجحة
كانت بداية المحاولات الأمريكية لاستكشاف المريخ عام 1964م، عبر رحلتين: مارينر- 3 (Mariner–3) التي فشلت، ومارينر- 4 (Mariner–4) التي حققت أول مركبة عابرة للمريخ. وحقق الأمريكيون نجاحات متوالية لاستكشاف المريخ، وكان عام 1971م أول نجاح لمسبار مداري إلى المريخ.
ويمثِّل عام 1975 بداية النجاحات الأمريكية بوصول أول مركبة أمريكية إلى سطح المريخ: فايكنغ– 1 (Viking–1)، وفايكنغ– Viking–2) 2)، وتعدُّ ثاني وصول بعد وصول الاتحاد السوفييتي عام 1971م.
يعدُّ عام 1996م عامًا مميزًا للولايات المتحدة والعالم بأسره، بوصول أول طوافة إلى سطح المريخ: مارس باثفايندر (Mars Pathfinder). وتبع ذلك نجاح المسبار المداري مارس أوديسي (Mars Odyssey) عام 2001م، ويُتوقع أن يستمر في عمله حتى نهاية عام 2025م.
كما أن عام 2003م حمل معه نجاح الطوافة أوبروتونتي (Opportunity)، كما نجح المسبار فينيكس (Phoenix)من الهبوط بسلام على سطح المريخ عام 2007م. وكان عام 2011م نجاح عملية هبوط الطوافة معمل المريخ العلمي (Mars Science Laboratory). ووصل المسبار إنسايت (inSight) بنجاح في عام 2018م، واستمر في التواصل مع المحطة الأرضية حتى عام 2019م.
كانت آخر رحلة ناجحة للولايات المتحدة إلى المريخ في يوليو 2020م، وحملت معها الطوافة بيرسيفيرانس (Perseverance)، وكذلك حملت معها إنجينيوتي (Ingenuity) أول طيارة درون تجوب سماء المريخ (هليوكوبتر).
مسبار مارس أوربتر
اليابان.. محاولة فاشلة
تعدُّ اليابان أول بلد آسيوي تخوض محاولة الوصول إلى المريخ عام 1998م، عبر العابرة نوزومي (Nozomi) التي فشلت في مهمتها، وهي المحاولة الوحيدة لليابان.
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا
دخلت أوروبا مجال سباق الوصول إلى المريخ عام 2003م، عبر محاولة فاشلة للمركبة الفضائية مارس اكسبرس (Mars Express) للهبوط على سطح المريخ. وفي العام التالي 2004م نجحت أوروبا في وصول العابرة روسيتا (Rosetta).
ونجحت مهمة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في وضع مسبار في مدار المريخ، إلا أنه فشل في الهبوط بعد ذلك.
الصين.. فشل ثم نجاح
بدأ التنين الصيني غزو المريخ عام 2011م، وكانت البداية فاشلة عبر الرحلة فوبوس قرنت ينقهو– 1 (Fobos-Grunt/Yinghuo–1). ولكن عاد التنين عام 2020م بمهمة ناجحة عبر مسبارها تاينون– 1 (Tianwen–1)، الذي وصل إلى سطح المريخ في فبراير 2021م.
الهند.. رحلة وحيدة
نجحت الهند في محاولتها الأولى والأخيرة بلحاق سباق الوصول إلى المريخ عام 2013م عبر مسبارها مارس أوربتر (Mars Orbiter Mission).
رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري
الإمارات العربية المتحدة.. ريادة عربية
أبى العرب إلا أن تكون لهم مكانة وبصمة في السباق العالمي للمريخ عبر مسبار الأمل الإماراتي (Hope).
انطلق أول مسبار عربي في 20 يوليو 2020م في رحلة طويلة للكوكب الأحمر «المريخ»، إذ أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ المعروف بمسبار الأمل، في مهمة لاستكشاف الفضاء والوصول إلى المريخ.
بُني المسبار في مركز محمد بن راشد للفضاء، وشارك في تطويره عدد من الجامعات الأمريكية (جامعة كولورادو بولدر، وجامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا بيركلي).
يرصد المسبار دورات الطقس اليومية والموسمية للكوكب الأحمر، وأحداث الطقس في الجو المنخفض؛ مثل العواصف الترابية، وكيفية تغيُّر الطقس في مناطق المريخ المختلفة.
وسيُستخدم المسبار لمحاولة الإجابة عن الأسئلة العلمية حول سبب فقدان الغلاف الجوي للمريخ الهيدروجين والأكسجين في الفضاء، والسبب وراء التغيّرات المناخية الشديدة في المريخ. ولقد وصل مسبار الأمل مداره حول المريخ في فبراير 2021م.
ولن يتوقف السباق إلى المريخ، فهناك عدد من الرحلات في طور التجهيز خلال الأعوام المقبلة بإذن الله.
