جيولوجية المريخ
د. منصور بن سالم الحميميدي – 21 يونيو 2021م
يعدُّ المريخ من الكواكب القريبة من ناحية التركيب الجيولوجي إلى الأرض، إذ إنه يتكوّن من الصخور والمعادن والسليكا، وكذلك لدية نواة مركزية، أي إنه كوكب متباين.
تتكون النواة من الحديد والنيكل محاطة بقشرة من السليكا (أقل كثافة)، وغالبًا يرجع سبب اللون الأحمر لكوكب المريخ إلى عمليات تأكسد الحديد على سطحه.
Planet Mars. GETTY
صخور من الجرانيت
اشارت دراسة حديثة إلى أنَّ صخور كوكب المريخ مكونة غالباً من الجرانيت، وهي صخور قاسية وصلبة جدًا، مخالفة بذلك كل الاعتقادات العلمية السابقة بخلو المريخ من مثل هذه الصخور، وهذا يعني أيضًا أن كوكب المريخ معقد جيولوجياً، وليس بسيط التركيب.
وهناك بحث جديد نشرته مجلة نيتشر جيوسينس (Nature Geoscience) المختصّة بأبحاث الجيولوجيا، وهو مدعوم من برنامج تحليل معلومات كوكب المريخ التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، أشار إلى أنَّ الجرانيت والمعروف أيضًا باسم الصوان منتشر بشكل واسع على المريخ، وقد توصلوا إلى معرفة الأسباب أيضًا لتشكّل هذه الصخور على الكوكب الأحمر.
قال رئيس الفريق العلمي الذي اجرى هذه البحوث جيمس راي إنهم أجروا الدراسة على بركان قديم عمره بلايين السنوات، وفي أحضان هذا البركان تنتشر صخور البازلت الناتجة من الانفجارات البركانية الكثيرة، لكن في الدراسة الاخيرة التي أجراها الروفر كوريوسيتي كشف عن وجود ملامح لصخور الجرانيت المشابه للصوان التي فاجأت علماء الكواكب والجيولوجيا في وكالة الفضاء الامريكية.
وحول كيفية تشكُّل صخور الصوان على المريخ أجرى العلماء في هذه الدراسة نموذج محاكاة لنتائج النشاطات البركانية التي تحدث خلال ملايين السنين، وفي دورات زمنية متكررة، توصلوا إلى أنه مع مرور الوقت تبرد الحمم البركانية، وتقل كثافة الصخور السطحية، ويحدث فصل في البلورات المعدنية الخفيفة عن البلورات المعدنية الثقيلة، نتيجة لذلك، وهي عملية جيولوجية طبيعية تسمى التقطير، وتحدث هذه العملية عبر آلاف السنين بشكل متكرر، فينتج الجرانيت وهي عملية تحدث داخل البراكين النشطة خلال مدة زمنية طويلة.
وقامت دراسة أخرى في الموضوع نفسه نشرت في المجلة ذاتها أيضًا، وقد أجراها فريق علمي من المرصد الأوروبي الجنوبي بالتعاون مع جامعة باريس، وتوصلت الى نتائج مشابهة أيضًا لنتائج الفريق الآخر، وهو ما يعزز فكرة التركيب الجيولوجي المعقد للكوكب الأحمر.
Miia Lahti
مياه في كوكب المريخ
قدم الباحث المصري محمد يوسف أستاذ مساعد جيولوجيا المياه بمركز بحوث الصحراء، التابع لوزارة الزراعة المصرية بحثًا نُشر في دورية الفضاء الدولية، وقد أثبت من خلاله وجود المياه على كوكب المريخ في الماضي، من خلال مقارنة الأشكال التي تكونت على سطح الأرض بفعل المياه، ومن الأمثلة التي طرحها دلتا النيل شمالي مصر، مع الأشكال الموجودة على سطح المريخ التي التقطتها صور الأقمار الصناعية عالية الجودة، من 12 منطقة بالكوكب عن طريق وكالتي الفضاء الألمانية والأوروبية.
كما يُجري خبراء دوليون في علوم الأرض وعلم الكواكب اختبارات في قبرص لمعدات مخصصة لتحديد تاريخ الصخور على كوكب المريخ الذي يتصف بجيولوجيا مماثلة لتلك الموجودة في الجزيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط.
وتشارك منظمة استكشاف الفضاء القبرصية في مشروع بحثي دولي كبير على الكوكب الأحمر بالتعاون مع ثلاث دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة. ومن أهم أهداف رحلة بيرسفيرنس، الرحلة التاسعة لوكالة ناسا لكوكب المريخ، دراسة جيولوجيا المريخ والمناخ السابق له، إلى جانب تمهيد الطريق لاستكشاف الإنسان للكوكب الأحمر مستقبلًا.
التراكيب الجيولوجية بين الأرض والمريخ
حظي المريخ بكثير من الاهتمام العلمي، إذ يتكوّن الجزء الشمالي من الكوكب من حرات من الحمم البركانية، وتقع البراكين العملاقة على هضبة تارسيس وأشهرها على الإطلاق أوليمبوس، وهو أكبر بركان في المجموعة الشمسية، كما نجد أنَّ الجزء الجنوبي من كوكب المريخ يتمتّع بمرتفعات شاهقة، ويبدو على المرتفعات آثار النيازك والشهب التي ارتطمت بتلك المرتفعات.
يغطي سهول كوكب المريخ الغبار والرمل الغني بأكسيد الحديد ذي اللون الأحمر. وتغطّي بعض مناطق المريخ أحيانًا طبقة رقيقة من جليد الماء. في حين تغطي القطبين طبقات سميكة من الجليد المكون من ثاني أكسيد الكربون والماء المتجمد.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ أعلى قمة في نظامنا الشمسي هي قمة جبل أوليمبوس، ويصل أرتفاعها الى 25 كم، ويمتاز الكوكب الأحمر بوجود أكبر أخدود في نظامنا الشمسي، إذ يمتد أخدود وادي مارينر إلى مسافة 4000 كم، ويصل عمقه إلى 7 كم.
من أفضل الأمثلة التي تدل على التشابه في التراكيب الجيولوجية بين الأرض والمريخ شبكة الأحرف المضلعة (النتوء المرتفع المنحدر بشدة) والموجودة على سطح المريخ، إذ اكتشف مستطلع المريخ المداري إحدى هذه الشبكات التي تقع في منطقة ميدوسي فوسي، إذ إنها تمتد على خط استواء الكوكب، وذات ارتفاعات شاهقه.
تنتشر الأحرف المضلعة في الأرض بمقاطعة سان خوان في مدينة نيوميكسيكو، وسبب نشأة هذه الأحرف عمليات مختلفة، منها الحمم المتدفقة إلى الصدوع الموجودة مسبقًا في المريخ، ولم تتعرض إلى عوامل التعرية.
يعتقد كثيرون أنَّ المريخ هو الكوكب الأمثل للعيش في مجرتنا الشمسية، ولكن هناك كثير من الكواكب التي تحيط بنجوم أخرى خارج المجموعة الشمسية قد تكون أفضل منه.