رسم مستقبل السيارات المتصلة والنقل بالجيل الخامس من شبكات الاتصالات
طارق راشد – باحث وإعلامي – 1 سبتمبر 2021م
الجيل الخامس لشبكات الاتصالات بين أيدينا. ولدينا الأدوات الضرورية لإحداث تحوُّلٍ في صناعة النقل والمواصلات. والتكنولوجيا جاهزة والسائقون والركاب متعطشون لتجارب سيارات جديدة. ولكن، هل شركات تصنيع المركبات الأصلية متأهبةً لاغتنام فرص المركبات المُتصلة لدفع عجلة أعمالها إلى الأمام؟
مرحلة ما بعد الجائحة: هل عادت صناعة السيارات إلى مسارها؟
قبل الجائحة، كانت صناعة السيارات تمضي قدُمًا نحو تحقيق رؤية السيارات المُتصلة. وخلال الجائحة، أُجبرت السوق كلها على إعادة النظر في هذه المسألة، فتلكأت وأعادت النظر في النقل والمواصلات. كيف يبدو إذن سيناريو ما بعد الجائحة؟ وفقًا للمقالة التي نشرتها صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية تحت عنوان: «مستقبل قمة السيارات»، (Future of the Car Summit) فإننا بصدد العودة إلى الطريق القويم. لقد ألقينا نظرةً عن كثب مع أبرز شركات تصنيع السيارات، مثل فورد وماكلارين وخبراء صناعة السيارات على التقنية والمستهلكين ونماذج العمل الضرورية لتشكيل صناعة السيارات ما بعد جائحة كورونا. بحسب مجموعة بوسطن للاستشارات، ستصل حصة السيارات المُتصلة على الطرقات بحلول عام 2025م إلى 53%، على أن ترتفع ارتفاعًا سريعًا إلى 77% بحلول عام 2030م.
تحقيق حلم المركبات المُتصلة بالجيل الخامس من الشبكات
إنَّ الطريقة التي ننقل بها أنفسنا ومنتجاتنا في مرحلة انتقالية حاليًّا، والحوارات التي تدور في أروقة الشركة عن ابتكارات السيارات والنقل والتصنيع وسلسلة الإمداد للسيارات وصناعات النقل الرأسية أهم الآن من أيِّ وقتٍ مضى، فالمركبات تزداد اتصالاً وتجهيزًا ويُعاد تعريفها بالكامل، وتميل إلى الأتمتة بقدرٍ أكبر، واتصال السيارات يُعدُّ الآن متطلبًا من البداية. والانتقال إلى السيارة الذكية المُتصلة يحدث الآن، إذ أمست السيارة الآن هاتفنا الذكي وخريطتنا ومراسلنا المعني بالحركة المرورية ومُنسق موسيقانا. وبفضل اتصالية الشبكة، أصبحت السيارات وسيلة نقل أكثر خصوصية وتعبيرًا عن الطابع الشخصي، ولكن ما زال هناك كثير من التحديات أمامنا.
في الوقت الذي تواصل فيه شبكات الجيل الخامس من الاتصالات الانتشار، يُوضِّح تقرير إريسكون للنقل والمواصلات أنّ صناعة السيارات من المتوقع أن تكون من بين أبرز أربع صناعات تمثل فرصًا لمزوِّدي الخدمات المدعومة بشكبات الجيل الخامس من الاتصالات بحلول عام 2030م. وفي ظلِّ التعميم المستمر للجيل الخامس من الشبكات، إضافةً إلى الوصول إلى خدمات الجيل الرابع من الشبكات، ستُحْدِث السيارة المتصلة مرة أخرى تحوُّلاً وتصبح سيارة مُحدَّدة بالبرمجيات وواعية بالشبكة وفائقة الاتصال تنقل البيانات و«تتفاعل» مع الطريق ومع كل مركبة أخرى حولها.
مزايا السيارة المتصلة الواعية بالشبكة وتعمل ببرمجيات الجيل الخامس من الشبكات
في ظلِّ تحديثات البرمجيات طيلة دورة حياة السيارة، تستطيع السيارة أن تظلَّ في أفضل حالاتها. وبالطريقة عينها التي يتم بها تحديث الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، يمكن للمركبة أيضًا أن تتلقى تحديثات بانتظام. ومن الممكن أن تصلح خدمات تحديث برمجيات السيارات المشكلات، وترقى بمستوى السيارة، وتُحسِّن عوامل الأمان أو تضيف وظائف جديدة دون الحاجة إلى زيارة مراكز الصيانة.
وفي السيارة المُتصلة بالجيل الخامس من شبكات الاتصالات، يمكن استخدام الرؤى الثاقبة للبيانات وتحليلاتها لفهم احتياجات المستهلك وإمداده بالصيانة التنبؤية. وتستطيع شركات تصنيع السيارات إدارة الاتصالات والتكلفة بعقد الاتفاق على المستوى المُوحَّد. والاتصالات الموحَّدَة للسيارات أحد حلول الاتصالات السلسة للمركبات المُتصلة والتكامل اليسير مع بيئات العمل وثيقة الصلة.
إنَّ تحسين عمليات رفع البيانات الذكية وتنزيلها في غير فترات الذروة وفي المواقع التي تقل فيها الحركة المرورية إلى أقصى حد يعطي مصنِّعي المعدات الأصلية القدرة على السيطرة على التكاليف. فتحسين نقل البيانات إلى أقصى حدٍّ ممكن من حيث الوقت والجودة، وتكلفة الاتصال، وإمكانية تمييز أنواع الحركات المرورية، وجدولة الظروف المُثلى يمكن أن يوفِّر تكاليف كبيرة لمصنِّعي المُعدات الأصلية.
ومن الممكن أن يفضي توفير خدمات مُتصلة مُتقدمة للوفاء بطلبات السوق إلى زيادة الإيرادات. على سبيل المثال، في تقرير حديث لمختبر المستهلكين في إريكسون عن مستقبل النقل، أعرب المستهلكون عن استعدادهم للدفع لقاء خدمات دعم السائق والأمان الراقية.
توقعات السوق
تدخل شركة إريسكون السوق استنادًا إلى قيادتنا التقنية في الجيل الخامس من الشبكات وإنترنت الأشياء. فحلُّ سحابة المركبات المُتصلة لشركة إريكسون، ممزوجًا بالربط العالمي للسيارات، يقدِّم منصَّةً سحابية. وبمؤازرة منصة إريكسون لإنترنت الأشياء، يقدم حلّنا تجربة سلسة وموحَّدَة لخدمات النقل في السيارات وإليها ومنها. ونعكف حاليًّا على توصيل أكثر من 4.6 ملايين مركبة عبر 130 دولة. وتُمكِّن هذه القدرات تقنيات معلومات المركبات لقفل المركبات، وفتح أقفالها، والتحكم في التسخين وقدرات تشغيل وإيقاف المحرك، والاتصالات التلقائية في حالات الطوارئ مباشرةً بمركز الاتصالات.
وثمَّةَ قيمةٌ أخرى تتمثل في إدارة الأساطيل، وتمكين الأتمتة الفعالة، وإدارة أساطيل متصلة واسعة النطاق بجمع البيانات ودمجها وتوحيدها. ويساعد ابتكار الخدمة صُنَّاع السيارات على إطلاق خدمات بطريقة سريعة وسهلة. وتضع أنظمة مساعد السائق المُتقدمة الاتصالات في مستشعر مُساعد، مما يمكِّن المركبات من أن ترى حول المنعطفات، وتتفادى المواقف الخطرة، وتتآزر وتتفاعل مع بيئتها بذكاء أكثر من ذي قبل؛ وبذلك تصبح الطرقات أكثر أمانًا!
قوة الشُركاء
لكن شركة إريكسون ليس بوسعها إنجاز الأمر وحدها؛ فنحن نعتمد على الشراكات المُبتكرة ونشجعها بقوة. وقد عقدت شركة إريسكون – بالفعل – شراكات مع بيئة نقل مُـتكاملة، بما في ذلك مع مورِّدين أمثال شركة فيونير (Veoneer) وروَّاد المركبات الكهربائية ذاتية الحركة أمثال شركة إينريد (Einride)، واتحاد المركبات التي تعمل بشبكات الجيل الخامس لترسيخ المعايير الخلوية في صناعة السيارات. علاوةً على ذلك، فشركة إريكسون جزءٌ من منصة موبيليتي إكس لاب (Mobilityxlab)، وهي منصة تآزرية تَعْقِد فيها الشركات الناشئة ذات الأفكار الرائدة شراكات مع صناعات راسخة لاستشكاف ابتكارات النقل والمواصلات المُستقبلية. ولقد أعلنّا مؤخرًا عن المجموعة التالية من الشركات الناشئة التي سنتعاون معها!
نهج شموليّ
من بين الشركاء المجتمع والمدن أيضًا، ففي يوم كيستا للنقل (Kista Mobility Day)، تحدثنا عن إعادة هندسية السيارات والطرقات ونظم البنى التحتية للمدن. إنَّ الرقمنة حجر أساس جوهري لتمكين السيارات المتصلة والمركبات ذاتية القيادة. ولدينا فرصة عظيمة لسد الفجوة بين رحلة السيارة ورحلة الحافلة، واستغلال المرونة المُستقبلية للنقل العام. إننا بحاجة إلى تقليل الحدود، وتسريع بناء بيئة متكاملة، وإقامة بنية تحتية للجيل الخامس من شبكات الاتصالات على جميع المستويات، وخصوصًا في مراكز المدن.
في هذا العصر الجديد الذي ستصبح فيه سُبُل النقل والمواصلات جميعها مُتصلة وذاتية القيادة ومشتركة وكهربائية، تتجلى أهمية الجيل الخامس من شبكات الاتصالات، إذ ستجعل المركبات مُتاحةً لقطاع أكبر من الناس، وأكثر مراعاةً للبيئة، وأقل تكلفةً، وهذا ما يسفر عن مواصلات أكثر راحة لنا جميعًا في نهاية المطاف. وينبغي أن تكون شركات تصنيع المعدات الأصلية في صدارة المشهد لتحقيق رؤية النقل المُستقبلية.