مخاطبة المريخ
د. دحام العاني- باحث - 21 يونيو 2021م
وتعدّ مجلة المقتطف المصرية من أولى الصحف والمجلات العربية التي عنيت بالبحث العلمي، وحاولت قدر الإمكان أن تجعل القارئ العربي على تماسٍ مع الاكتشافات العلمية التي تسهم في ترقية الحياة الإنسانية.
هنا مقال نشرته «المقتطف» بعنوان «مخاطبة المريخ» في عددها الصادر في الأول من مارس 1920م؛ أي من أكثر من قرن.
ونصّ المقال: المريخ متوسط بيننا وبين الشمس، فإنه يبعد عنا نحو 49 مليون ميل، والنور يأتينا منه ومن الشمس، ومن نجوم تبعد عنا ملايين الملايين من الأميال، وقد تأتينا معه الأمواج الكهربائية؛ لأنَّ النور والكهربائية من قبيل واحد، والفرق بينهما في سعة الأمواج، فإنَّ كان في المريخ مخلوقات عاقلة، وكانت قد توصلت إلى اختراع آلات للتلغراف اللاسلكي، فليس ما يمنعها من أن تحاول مخاطبتنا به كما يتخاطب أهالي أوروبا وأميركا بالأمواج الكهربائية في الفضاء.
وقد شاع حديثًا أنَّ المشتغلين بالتلغراف اللاسلكي أتتهم إشارات كهربائية لايعلمون مصدرها، ويستدل من وصولها في وقت واحد إلى أماكن متفرقة يبعد بعضها عن بعض، أنها آتيةٌ من مكان بعيد جدًا. فقابل بعضهم السنيور مركوني الذي كان له اليد الطولى في استنباط التلغراف اللاسلكي، وسأله عن هذه الإشارات، فأجابه قائلاً: «إنه يصل إلينا أحيانًا إشارات غريبة تدل الدلائل على أنَّ مصدرها غير أرضي، وقد تلقيناها في أوروبا وفي أميركا أيضًا، وبينها علامات بعض حروف الهجاء، ولا سيما الحرف (s) الذي علامته في تلغراف مورس ثلاث نقاط. وحتى الآن لم تأتنا إشارات يمكن جمعها معًا، وقراءة عبارة مفهومة منها. وقد تصل هذه الإشارات إلى لندن ونيويورك في وقتٍ واحد، وتكون قوتها واحدة في المدينتين، وهذا يدل على أنَّ مصدرها بعيد جدًا، أبعد كثيرًا من البعد بين لندن ونيويورك (الذي هو 3200 كم). ولا نعلم حتى الآن مصدر هذه الإشارات، فقد يكون سببها اضطراريًا في الشمس يؤثر في كهربائية الجو».
فقال له محدِّثُه: «ألا تظن أنه يحتمل أن تكون هذه الإشارات آتيةٌ من سكان سيار من السيارات قصد مخاطبة سكان الأرض». فأجابه: «لا أدَّعي أنَّ ذلك محالٌ، فقد يكون الأمر كما قلت، وقد لا يكون، ولا بد من زيادة البحث والتحقيق قبل أن نتأكد من مصدر هذه الإشارات وسببها. وقد انتبهنا إليها قبل نشوب الحرب، ثم اضطرتنا الحرب إلى إيقاف البحث فيها. وهي ترد في النهار، وفي الليل على حدٍّ سواء، فليس لها موعد مخصوص» انتهى.
أما نحن فنقول إنَّ كل ما لدينا من الأدلة العلمية يشير إلى أنَّ ليس من السيارات ما يصلح لمعيشة الأحياء الأرضية، فإن كان فيها أو في بعضها مخلوقات حية، فبناء أجسامها غير بناء أجسامنا؛ ولذلك يبعد عن الظنّ أنها تحاول مخاطبتنا بلغتنا.