نبذة من تقنية اتصالات الجيل الخامس
د. باسل العمير – أستاذ امن المعلومات – مؤسس للمركز الوطني للأمن السيبراني والمشرف على معهد بحوث الاتصالات وتقنية المعلومات في مدينة العلوم والتقنية
تتيح تقنية شبكة 5G فرصًا غير مسبوقة لشركات الاتصالات والمؤسسات لإنشاء وتقديم خدمات وتجارب جديدة، إذ ستجعل أنظمة الاتصالات وأنظمة أخرى تتمتع بسرعات عالية جدًّا (High Speed)، وأقل في وقت الاستجابة (Low Latency)، وأكثر موثوقية (More Reliability)، وذات نطاق عريض (More Bandwidth)؛ وهذا ما سيخدم كثيرًا التقنيات الحالية والجديدة.
مراحل تطور أنظمة الاتصالات:
الجيل الأول 1G: يتمثّل في ابتكار أول هواتف لاسلكية.
الجيل الثاني 2G: إضافة مميّزات جديدة للهواتف المتنقلة، مثل: المكالمات الصوتية، والرسائل النصية (Sms).
الجيل الثالث 3G : أصبحت الشبكة ذات سرعة أعلى في نقل البيانات؛ وهذا ما أضاف إمكانية استخدام الإنترنت المتنقل في أجهزة الاتصال المحمولة.
الجيل الرابع 4G: استخدام الشبكات ذات النطاق العريض، التي زادت سرعة نقل البيانات، وسرعة الإنترنت، ومن ثَمَّ، أصبح بالإمكان استخدام التطبيقات الذكيّة التي تحتاج إلى نقل بيانات ضخمة بسرعة عالية.
الجيل الخامس 5G: على عكس التقنيات السابقة، هذه التقنيّة ليست مخصّصة فقط للاتصال اللاسلكي الشخصي، إذ يتيح الجيل الخامس عدة تقنيات، مثل: الاتصال اللاسلكي السريع، وإنترنت الأشياء (IoT)، والاتصالات بين الأجهزة (Machine to Machine)، والرعاية الطبية عن بُعد (e.g. Remote Surgery)، والمركبات ذاتيّة التحكم (Autonomous Vehicles) والواقع المعزز، وغيرها من التقنيّات الحديثة التي تتطلب سرعات عالية، وانخفاضًا في وقت الاستجابة (Low Latency).
عند مقارنة وقت الاستجابة مع الأجيال السابقة 3G و 4G فإنَّ التفوق واضح جدًّا لصالح الجيل الخامس، إذ يصل التأخير في الجيل الثالث مثلًا، إلى 100م/ ثانية، وفي الجيل الرابع يصل إلى 30 م/ ثانية، بينما في الجيل الخامس يتقلّص التأخير إلى أقل من 1 م/ ثانية.
أما من ناحية فرق السرعات بين الجيل الخامس والأجيال السابقة، فإنَّ سرعة تقنية الجيل الخامس 20Gbps، وسرعة الجيل الرابع في المتوسط تصل إلى100Mbps ، وفي الجيل الثالث تصل في المتوسط إلى 8Mbps.
أنواع البنى التحتية للجيل الخامس 5G
ينقسم الجيل الخامس قسمين، وهما:
الجيل الخامس الذي يعتمد على البنية التحتيّة للجيل الرابع (Non-Standalone Architecture) او (Nsa)
الجيل الخامس الذي لا يعتمد على البنية التحتيّة للأجيال السابقة(Standalone Architecture) ، بل يعتمد على سحابة الجيل الخامس (5G Core Cloud)
يعتمد الجيل الخامس على البنية التحتية للجيل الرابع (Nsa) لسهولة تطبيقها، وقلّة تكلفتها، كما هو موجود اليوم في شركات الاتصالات في العالم، ويعطي سرعات عالية للهواتف المتنقلة. أما الجيل الخامس المتطوّر (Sa 5G) الذي يعتمد على بنية تحتية متكاملة باستخدام سحابة الجيل الخامس، فيتيح استخدام عدة تقنيات جديدة، وليس فقط التقنيات الخاصة بالهواتف المحمولة.

سحابة تجزئة الجيل الخامس (5G Cloud Slicing)
من أهم مميّزات سحابة الجيل الخامس هي تجزئتها لعدة استخدامات من دون تداخل فيما بينها: جزء يستخدم للاتصالات اللاسلكية، وجزء يستخدم للتقنيّات التي تعتمد على التحكم اللحظي بتأخير منخفض جدًّا، وجزء يستخدم لإنترنت الأشياء (IoT) التي تتطلب طاقة أقلّ، وعرض نطاق أقلّ، وجزء ذو نطاق عالٍ جدًّا مخصص للوسائط المتدفقة (Video Streaming).
تتميّز سحابة تجزئة الجيل الخامس بأنَّ كل جزء يمكن تجزئته إلى عدة أجزاء، فمثلًا: شركة اتصالات تبني بنية تحتية (Cloud) متكاملة للجيل الخامس، ومن ثم تجري تجزئة الجزء المخصص للاتصالات اللاسلكيّة؛ لتستخدمه عدة شركات اتصالات من دون أي تداخل بينها (Slicing a Slice).
بهذه الطريقة تكون التكلفة أقلّ على شركات الاتصالات، وينتج من هذا انخفاض أسعار الاشتراكات للمستخدمين مع تحسّن في أداء الخدمة.
تردّدات الجيل الخامس (5G Frequencies)
يعتمد الجيل الخامس، وبعكس الأجيال السابقة، على عدة تردّدات:
التردّدات المنخفضة والمتوسطة (Sub-6Ghz): تردّدات قريبة من تردّدات الجيل الرابع تصل إلى 6 جيجاهرتز، ومن مميّزاتها قوة المدى، واختراق الحواجز، وتكلفتها القليلة، ولكن هناك بعض العوائق، مثل: ازدحام الطيف التردّدي، ووجود الطيف التردّدي غير المرخص.
التردّدات العالية (Millimeter-Wave): هذا النوع من التردّدات يبدأ من 20 جيجاهرتز إلى 80 جيجاهرتز، إذ إنَّ التردّدات العالية هي الحلّ لشبكة الجيل الخامس، لكن هناك مشكلة أيضًا، وهي كلما ارتفع التردّد قلّ مدى التغطية للبرج، والحلّ يكمن في نشر عدد كبير من أبراج الجيل الخامس للتردّدات العالية، حتى تغطي الأماكن المختارة من شركات الاتصالات، بحيث لا يبقى أي مناطق خالية من التغطيّة (Dead Zones)، وهذا، بالتأكيد، سيرفع التكلفة.

مميّزات السحابة للجيل الخامس
تعتمد جميع مكوّنات الشبكة في الأجيال السابقة، على الأجهزة الفعليّة (Physical Hardware)، أما في الجيل الخامس فيتكوّن من برامج افتراضية (Virtual Components).
ولأن أنظمة الجيل الخامس تعتمد على (Software) لذلك يقلل من التكاليف في شراء الأجهزة أو البرامج الخاصّة لكل نظام.
السرعة في التركيب والتشغيل للأنظمة، وهذا يختصر مدة التركيب والتجهيز من أشهر إلى أيام.
في حال تعرض الشبكة للمشكلات، فإنَّ مدة (وقت عدم توافر الخدمة) لا تكون كبيرة قياسًا على الجيل السابق، وقد بستغرق التغيير إلى النظام البديل بضعة ثوانٍ.
تشغيل الشبكة وإصلاح الأخطاء آليًّا (Automation) مع تدخُّل الذكاء الصناعي لإدارة السحابة.
المستقبل مع الجيل السادس 6G
مع بدء انتشار 5G عالميًّا، بدأت شركات الاتصالات في التطلع إلى المستقبل من خلال تطوير جيل أحدث من الجيل الحالي، الذي يُعرف بالجيل السادس 6G. وعلى الرغم من أنَّ الجيل الخامس 5G هي التقنيّة الأكثر تقدُّمًا حتى الآن في مجال الاتصالات، إلا أنَّ مراكز البحوث وشركات الاتصالات قد بدأت بالفعل في البحث والتطوير لجيل جديد بمزايا أكثر ومشكلات أقل من الجيل الحالي (5G).
لم يصدر أي مواصفات دقيقة لشبكات 6G حتى الآن، أو كيف ستعمل تحديدًا، لكن ستستخدم بنية تحتيّة مطابقة للجيل الخامس (Standalone Architecture) ، إذ مازلنا على بعد سنوات من طرحها. وتركز معظم الأبحاث الحالية حول الجيل السادس في نقل البيانات من خلال تردّدات مرتفعة جدًّا (Ultra-High Frequencies) وتكون أعلى من النطاقات التردّدية الحالية لشبكة 5G.
في الوقت الحالي يمكن لشبكة الجيل الخامس 5G أن تصل إلى 80Ghz جيجاهرتز، ولكن يعتقد الباحثون أنهم سيكونون قادرين على نقل البيانات فعليًّا وبكفاءة عالية في نطاقات THz تيراهيرتز في الجيل السادس6G أي استخدام نطاقات تردّدية أعرض؛ وهذا يعني أنَّ نقل البيانات ستكون بشكل أسرع، ووقت الاستجابة (Low Latency) أقلّ من أي وقت مضى.
من ضمن التطبيقات المقترحة في الجيل السادس الذكاء الاصطناعي، وتعلُّم الآلة، والواقع المعزز، والواقع الافتراضي، وهذا سيساعد على التطوير والتقدم للتقنيّات الأخرى التي تعتمد على ذلك.
