تقنية النانو
أبرز 6 تطبيقات لتقنية النانو
طارق راشد – باحث وإعلامي – 1 اكتوبر – 2021م
تتضمّن استخدامات تقنية النانو كل شيء، بدايةً من المعالجة الأكثر أمنًا للأغذية مرورًا بنظم إعطاء الأدوية الأكثر كفاءة وفعالية، وصولاً إلى الترانزيستورات الدقيقة التي تسمح بصنع رقاقات حاسوبية أصغر وأقوى. ومن غير المدهش أن تطبيقات تقنية النانو من المتوقع أن تشهد نموًا كبيرًا في السنوات المقبلة. فقد قُدِّر أنّ قيمة سوق تقنية النانو العالمية ستصل إلى 70.7 مليار دولار بحلول عام 2026، إذ تنمو بمعدل نمو سنويّ مُركّب قدره 9.2% بين عامي 2020 و2026. ومع ذلك، بالنسبة إلى المستثمرين الذين بدؤوا توًا النظر إلى أسهم شركات تقنية النانو، قد يكون من الصعب عليهم أن يعرفوا إلى أين ينطلقون؛ لأن تقنية النانو بالغة التنوع. كنقطة انطلاق، إليكم نظرة عامة على ستة من أبرز المجالات التي يُحدث فيها علم النانو وتقنياته فارقًا كبيرًا في عصرنا هذا.
1. مجال المواد والدهانات
لعل أول ما يخطر على البال عندما يفكر المرء في تقنية النانو القفزات التي حدثت في كثير من أنواع المواد والدهانات الوقائيّة. فبدايةً من الأنسجة والمعدّات الرياضيّة، وصولاً إلى النظّارات والحواسيب والشاشات المُلحقة بالكاميرات، هناك كثير من الإمكانات لتطبيقات تقنية النانو. كيف تساعد المواد النانويّة على الارتقاء بجودة المُنتجات؟ بحسب المبادرة الوطنية لتقنية النانو، باستخدام تقنية النانو ((يمكن صنع المواد بفعالية؛ لتصبح أقوى وأخف وأكثر متانة وتفاعلاً، وأشبه بالمنخل، أو صنع موصّلات كهربائيّة أفضل، من بين خصائص كثيرة أخرى)). ومن الممكن أن ترتقي تقنية النانو أيضًا بتغطية أو امتصاص المستحضرات التجميليّة، ويمكنها أن تجعل الأنسجة مقاومة للتجعُّد ونمو البكتريا. على سبيل المثال، تعكف شركة نانو وان ماتريالز (Nono One Materials) على تطوير تقنية لمعالجة كميّات كبيرة من المواد النانويّة المُتقدّمة بتكلفة زهيدة، إذ تستهدف في بداية الأمر المواد المُستخدمة في صناعة بطاريات الليثيوم أيون. ولدى الشركة اتفاقية تطوير مشتركة مع شركة جونسون ماتهي (Johnson Matthey)، وهي شركة كيماويات تخصصيّة وتقنيات مُستدامة متعددة الجنسيات لتصنيع مواد بطاريات الليثيوم. وتُركز شركتا نانوفيز تيكنولوجيز (Nanophase Technologies) و لايت ويف لوجيك (Light Wave Logic) أيضًا في المواد المعتمدة على تقنية النانو.
2. مجال الطب
تشمل تطبيقات تقنية النانو في قطاع علوم الحياة التقنيات العلاجيّة، والتشخيص، ونظم إعطاء الأدوية المُعقّدة، وغيرها. على سبيل المثال، تضم منصّة نانوسيل علاجات بعقاري كانابيدول ورباعي الهيدروكانابينول.
وفي تلك الأثناء، فإن شركة تي2 بايوسيستمز (T2 Biosystems) الناشئة المتخصّصة في الطب النانويّ بصدد ابتكار تقنية تشخيصيّة ترقى بجودة المختبرات استنادًا إلى جسيمات نانويّة فائقة المغناطيسيّة. ومنصّة تقنية الجسيمات النانويّة هذه يمكن استخدامها مع عددٍ من عوامل الربط، بما في ذلك الأجسام المضادة والأحماض النوويّة والجزيئات الصغيرة.
وتشمل الأمثلة الطبيّة الأخرى في مجال تقنية النانو الأدوية المضادة للفيروسات، مثل: أدوية شركة نانوفيريسيديس (Nanao Viricides) التي تستهدف أمراض الإنفلونزا والإيدز والهربس (القوباء) وحمّى الضنك، وكذلك التقنيات العلاجيّة لتداخل الحمض النووي الريبي، مثل: نظام التسليم الديناميكيّ المتعدّد الاقتران لشركة أروهيد للمستحضرات الدوائيّة (Arrowhead Pharmaceuticals).
3. مجال العوم الغذائيّة
على الرغم من أن المرء قد تخطر على باله أول وهلة الكائنات الحيّة المُعدّلَة وراثيًا متى تعلّق الأمر بالطعام والتقنية، فإن لتقنية النانو أيضًا دور بالغ الأهمية في مستقبل الأغذية. فمن الممكن استخدام تقنية النانو لتحسين الملمس والمذاق في أثناء إنتاج الأغذية ومعالجتها، وكذلك لتحسين حفظ الأطعمة وحمايتها من الميكروبات عن طريق تغليف الأغذية المعتمد على تقنية النانو. فضلاً عن ذلك، يمكن استخدام المواد النانويّة المُهَندسَة أيضًا للتحكم في الماء، واستخدام مبيدات الآفات على المحاصيل الزراعية، أو ضخ عناصر غذائية مُستهدفة أو حماية المحاصيل على مدار عملية الزراعة كلها.
4. مجال الإلكترونيات
لا شكّ أن كل مَن يتابع الفضاء التقني يأْلَف معدّل التقدّم الذي يتوقعه قانون مور، ويتنبأ بتضاعف كثافة الترانزيستورات كل عام. فقد أمست الدوائر الكهربائيّة أصغر حجمًا من أي وقت مضى، وتقنية النانو هي التي تجعل هذه الطفرات ممكنة.
في عام 2015، أعلنت شركة أي بي إم (IBM) أنها تعكف على تصنيع رقاقة حاسوبيّة تستخدم ترانزيستورات بمعماريّة 7 نانومتر، وبعدها بعامين لا أكثر كانت قد صنعت رقاقة بمعماريّة 5 نانومترات. وتحوي هذه الرقاقة 30 مليار مفتاحًا نانومتريًّا بحجم 5 نانومتر على شريحة يضارع حجمها (حجم ظفر الإصبع). وفي منتصف عام 2021، أعلنت شركة التقنية العملاقة عن تطويرها رقاقة بمعماريّة 2 نانومتر من المتوقع أن تُحقِّق أداءً أعلى بنسبة 45٪ أو استخدامًا أقل للطاقة بنسبة 75٪ مقارنةً بالرقاقات المصنوعة بمعماريّة 7 نانومتر.
وطوّرت شركة سامسونج عملية تصنيع خاصة لها بمعمارية 5 نانومتر بوسعها إنتاج رقاقات أصغر حجمًا وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة. وفي منتصف عام 2020، صرحت وكالة رويترز للأنباء أن قسم تصنيع أشباه الموصلات في الشركة أبرم عقدًا لتصنيع رقاقات مودم بسرعة X60 مع شركة كوالكوم، إذ من المزمع أن توصِّل تلك الرقاقات ما بين أجهزة، مثل: الهواتف الذكيّة وشبكات البيانات اللاسلكيّة التي تعمل بتقنية الجيل الخامس من الاتصالات.
وقبل نهاية عام 2021، مدّت شركة الإلكترونيّات الكوريّة الجنوبيّة المتعدّدة الجنسيات شراكتها مع شركة سنوبسيس(Synopsys) لتطوير تقنية عملية بمعماريّة 3 نانومتر تستهدف الحوسبة العالية الأداء، وتقنية الجيل الخامس من الاتصالات، وتطبيقات الهواتف، والذكاء الاصطناعي.
5. مجال الطاقة
تشمل تطبيقات تقنية النانو في قطاع الطاقة استخدامات في مجاليّ تخزين الطاقة واستخراج النفط والغاز. على سبيل المثال، تستغل شركة بيروجينيسيس كندا (PyroGenesis Canada)أدواتها وعملياتها القائمة على البلازما لمساعدة شركات النفط والغاز على تطبيق عمليات استخراج أكثر مراعاةً للبيئة وأعلى كفاءةً. وتستعين بعملياتها القائمة على البلازما أيضًا وزارة الدفاع الأمريكيّة وصناعات تصنيع المواد المضافة والطباعة الثلاثية الأبعاد.
وتُستخدم تقنية النانو أيضًا في قطاع الطاقة المُتجددة الذي يضم تحسين عمل الخلايا الشمسية. فقد أنشأ مختبر أوك ريدج الوطني (Oak Ridge National Laboratory) مخاريط ميكروسكوبية من أكسيد الزنك، تُعرف باسم (المخاريط النانويّة)، بوسعها زيادة كفاءة الطاقة في كل خلية شمسية.
6. مجال معالجة المياه والهواء
وأخيرًا، وبعيدًا من الخلايا الشمسيّة، تتجلى أهمية تقنية النانو في مجموعة من التطبيقات البيئيّة والصحيّة، بما في ذلك معالجة الهواء والمياه. على سبيل المثال، ابتكر باحثون أمريكيون من المعهد الدولي لتقنية النانو التابع لجامعة نورث ويسترن غشاءً خفيف الوزن مُغطى ببنى نانويّة ترتبط بالفوسفات، وتعمل عمل الإسفنج لحجز 99% بحدٍ أقصى من أيونات الفوسفات بطريقةٍ انتقائيّة من المياه الملوَّثَة.
ويمكن استخدام تقنية النانو أيضًا لتحسين جودة الهواء. فقد ابتكرت شركة نانوماتريكس ماتريالز (Nanomatrix Materials) الناشئة، ومقرها الهند، مرشحات لمكيفات الهواء تستعين بتقنية الغرافين-الفضة لتنقية الهواء داخل الغرفة وتعقيم 99% من الميكروبات المحمولة جوًا. وتستطيع هذه المرشحات تحويل مكيفات الهواء التقليدية إلى مُنقيات هواء. وقد يثبت أيضًا أن تطبيقات تقنية النانو لمعالجة الهواء مفيدة في مكافحة فيروس كورونا المُستجد.