كيف نعتمد أسلوبَ حياةٍ

صحيًّا يوميًا؟

د. ديما كريدية تغذية علاجية- جامعة الفيصل- السعودية

إنّ معدّل الأمراض المزمنة غير المعدية في العالم يتفاقم بحيث يقتل ما يقارب 41 مليون شخص سنويًا أي ما يعادل %71 من وفيات العالم. ضمن هذه الوفيات، يموت 15 مليون شخص بعمر مبكر أي بين 30 و69 عامًا ومنهم %85 في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل. إنّ الأمراض غير المعدية الأكثر انتشارًا هي أمراض القلب والأوعية الدموية (النوبات القلبية والسكتات الدماغية)، السرطانات، أمراض الجهاز التنفسي (الانسدادات الرئوية المزمنة والربو) ومرض السكري. تكون هذه الأمراض طويلة الأمد وتنتج عن مجموعة من العوامل البيئية، الوراثية، الفيزيولوجية والسلوكية.

هناك عدّة عوامل تسهم في تفاقم أعداد المصابين بهذه الأمراض والوفيات، منها: تعاطي التبغ، انخفاض الحركة البدنية اليومية، الإكثار من تناول الكحول واتباع أنظمة غير صحية. وتؤدي هذه العوامل إلى ارتفاع نسبة الدهون والسكر في الدم وزيادة ضغط الدم. العمل على تعزيز الصحة، تخفيض الإصابة بالأمراض المزمنة وتأمين الاحتياجات الغذائية هو هدف الكثير من الأشخاص ولذلك يجب اتباع المبادئ التوجيهية الغذائية العالمية التي تضم:

اتباع نمط غذائي صحي في كل مرحلة من مراحل الحياة

يجب اتباع نمط غذائي صحي في مرحلة الطفولة، المراهقة، البلوغ، الحمل، الرضاعة والشيخوخة.

منذ الولادة إلى 6 أشهر:

يجب الالتزام بحليب الأم فقط خلال الستة أشهر الأولى مع الاستمرار بإطعام الرضيع من هذا الحليب على الأقل لعمر السنة، ولفترة أطول إذا أمكن. إذا كان حليب الأم غير متوافر، يجب استعمال الحليب المدعّم بالحديد خلال السنة الأولى ودعم الرضيع بالفيتامين (د) كمكمل غذائي بعد الولادة بأسرع وقت.

في عمر الـ 6 أشهر:

يجب تقديم الأطعمة التي تحتوي على عناصر غذائية تدريجيًا ومن ثم إدخال المأكولات التي من الممكن أن تسبب الحساسية مع اختيارها من جميع المجموعات الغذائية. اختر الأطعمة الغنية بالحديد والزنك خصوصًا للأطفال الذين يتغذون من حليب الأم.

من عمر الـ 6 أشهر حتى سن البلوغ:

اتباع نمط غذائي صحي يضمّ جميع فئات الطعام لتأمين العناصر الغذائية والحصول على وزن صحي للجسم والتقليل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

  1. اختيار الأطعمة والمشروبات الغنية بالمغذيات للاستمتاع بها لتعكس الاختيارات الشخصية، التقاليد الثقافية والوضع المعيشي.
  2. التركيز على تناول الأطعمة والمشروبات الغنية بالعناصر الغذائية من جميع فئات الطعام ضمن حدود سعرات حرارية معينة.

إن المبادئ التوجيهية الغذائية تنصح بتلبية الاحتياجات الغذائية من الأطعمة والمشروبات الطبيعية. توفِر المأكولات الغنية بالعناصر الغذائية الفيتامينات، المعادن ومكونات أخرى معززة للصحة ولا تحتوي على سكر مضاف، دهون مشبعة وصوديوم ويجب تناولها بالكميات الموصى بها ضمن السعرات الحرارية المحدّدة لكلّ شخص. إنّ العناصر الأساسية التي تشكّل نمطًا غذائيًا صحيًا هي:

  • الخضار الخضار الورقية الخضراء، الخضار الحمراء والبرتقالية، الحبوب، البازلاء، العدس، الخضار الغنية بالنشويات وخضار أخرى.
  • الفاكهة الفاكهة الكاملة الطازجة، العصائر الطازجة والفاكهة المجففة.
  • النشويات الخبز، التوست، المعكرونة، الأرز، الفريك، المغربية وغيرها نصفها على الأقل من الحبوب الكاملة.
  • الألبان والأجبان الحليب الخالي من الدسم أو قليل الدسم، الأجبان، اللبن والمنتجات الخالية من اللاكتوز.
  • المأكولات الغنية بالبروتيين اللحوم قليلة الدسم، الدجاج، البيض، الأسماك والمأكولات البحرية، العدس، الحمص، الفول، البازلاء، الفاصوليا والبذور كبذور الشيا. والكتان، منتجات الصويا، المكسرات كالجوز، اللوز، البندق، الفستق والكاجو.
  • الزيوت الزيوت النباتية والزيوت الموجودة في بعض الأطعمة مثل المكسرات، الزيتون والأسماك

الحد من الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على نسبة مرتفعة من السكر، الصوديوم والدهون المشبعة.

في كل مرحلة من مراحل الحياة، يجب تناول المأكولات من جميع فئات الطعام مع الحد من تناول:

  • السكر المضاف أقل من %10 من مجموع السعرات الحرارية المتناولة يوميًا، تجنّب المأكولات والمشروبات التي تحتوي على سكر مضاف للأولاد ما دون السنتين مثل العصير المعلب، الكيك، الدونات، الكوكيز وغيرها.
  • الدهون المشبّعة أقل من %10 من مجموع السعرات الحرارية المتناولة يوميًا، تجنّب المأكولات الغنية بالدهون المشبعة مثل اللحوم، الزبدة، الأجبان المصنّعة، الحليب كامل الدسم، حليب جوز الهند، زيت النخيل، الحلويات، الشوكولا وغيرها.
  • الصوديوم أقل من 300, 2ملليغرام في اليوم أي ما يعادل تقريبًا 5 غرامات من ملح الطعام يوميًا. تجنّب المأكولات الغنية بالملح مثل الكشك، الزعتر، المعجنات.

لاتباع نمط حياة صحي واستبعاد الإصابة بالأمراض المزمنة، يجب:

  • تناول أنواع مختلفة من الخضار والفاكهة بجميع ألوانها لتأمين مختلف العناصر الغذائية مثل فيتامين (A) (بيتا كاروتين)، فيتامين (C)، مغنيسيوم، زنك، فوسفور، حمض الفوليك وتأمين كمية كافية من الألياف. إنّ النظام الغذائي الغني بالألياف مفيد للصحة لأنّه يحافظ على حركة الأمعاء، يخفض مستوى الكوليسترول في الدم، يساعد في الحفاظ على مستوى جيد من السكر في الدم ويساعد في خسارة الوزن. نذكر أنّ بعض الخضار تحتوي على كمية نشويات كبيرة ويجب تناولها بكمية مدروسة لأنّها تؤثر سلبًا على معدّل السكر في الدم مثل البطاطا والذرة.
  • اختر الحبوب الكاملة مثل الشوفان، الخبز الأسمر، المعكرونة السمراء، الكينوا، التوست الأسمر، الشعير، البرغل والأرز الأسمر بدلًا من الخبز الأبيض، التوست الأبيض، الأرز، المعكرونة وغيرها من الحبوب المصنّعة لأنّ هذه الأطعمة تحافظ على معدّل مناسب من السكر والأنسولين في الدم. يجب الابتعاد عن جميع أنواع الحبوب المصنّعة التي تحتوي على كميات كبيرة إضافية من السكر والدهون المتحوّلة (Trans fatty acids) مثل الحلويات، المعجنات، البطاطا المقلية، العجين المقلي، البسكويت وغيرها.
  • اختر البروتين من مصادر صحية ومتعدّدة مثل الدواجن، الأسماك، المكسرات والبقول كالحمص، الفول، العدس وغيرها وتجنّب اختيار اللحوم الحمراء واللحوم المصنّعة مثل السجق، النقانق، البسطرمة، البيبروني والسلامي. لإعداد أطباق غنية بالبروتين تستطيع زيادة الفاصولياء أو العدس إلى طبق السلطة، زيادة اللوز على طبق الأرز، تناول زبدة الفستق مع التوست كوجبة خفيفة خلال النهار، إضافة اللبن في تحضير الصلصات، زيادة الجبنة القليلة الدسم أو الدجاج المشوي على السلطات وخلط الحليب مع الفاكهة عند تحضير عصائر الكوكتيل. تجنّب الأنواع الغنية بالدهون مثل السمك المقلي، لحم الغنم، القريدس البانيه، الدجاج البانيه (اسكالوب، كريسبي…)، النقانق وغيرها وتناول اللحوم قليلة الدهن المشوية أو المسلوقة مثل صدر دجاج مشوي/مسلوق، لحمة بقر دون دهن مشوية/مسلوقة، سمك مشوي، قريدس مشوي/مسلوق، تونا بالمياه وغيرها.

اختر المنتجات القليلة الدسم أو الخالية من الدسم من الحليب ومشتقاته كالتالي:

  • اختر أنواع الزيوت النباتية الصحية مثل زيت الزيتون، دوار الشمس، الكانولا، الذرة، فول الصويا، الفول السوداني وغيرها، بالإضافة إلى الأفوكادو، الزيتون، الشوكولا المرّة، بذور الشيا والمكسرات. تحتوي هذه الأنواع على دهون غير مشبعّة (Polyunsaturated fatty acids) و(Monounsaturated fatty acids) ولديها تأثير إيجابي على الصحة كتخفيض مستوى الكوليسترول الكلي والكوليسترول السيِّئ (LDL) في الدم، تحسين عملية تخثر الدم، تحسين مستوى الأنسولين والسكر في الدم ولها أيضًا تأثيرًا إيجابيًا على صحة القلب. ابتعد عن الزيوت المهدرجة جزئيًا التي تحتوي على دهون متحوّلة لأنّها ترفع من مستوى الكوليسترول السيِّئ (LDL) بالدم، تخفض مستوى الكوليسترول الجيد (HDL) بالدم وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. تذكر أنّ جميع أنواع الزيوت مهما كانت تعطي 9 سعرات حرارية (Kcal) في كل غرام واحد.
  • يجب أن تتناول أقل من 300 ميليغرام من الكوليسترول يوميًا. انتبه من المأكولات الغنية بالكوليسترول مثل صفار البيض، القريدس واللحوم العضوية.
  • تناول المياه عند العطش لأنّها خالية من السعرات الحرارية. من الممكن تناول القهوة والشاي (3-5 أكواب يوميًا كحدّ أقصى) دون سكر مضاف فهي مشروبات بديلة خالية من السعرات الحرارية أيضًا. تجنب المشروبات الغنية بالسكر مثل المشروبات الغازية، العصائر المعلّبة، المشروبات الرياضية، مشروبات الطاقة، القهوة المحلاة والشاي المحلى لأنّها تعتبر من العوامل الأساسية التي تسهم في زيادة الوزن، الإصابة بالسمنة والإصابة بمرض السكري. تناول كوب أو كوبين فقط من الحليب أو اللبن يومياً، لأن كثرة تناولها قد تسبّب في ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان البروستات والمبيض. للأشخاص اللذين لا يحبون طعم المياه، حاولوا نقع بعض الخضار أو الفاكهة مثل النعناع، الفريز، شرائح الحامض أو الليمون قبل ساعتين من البدء بشربها وهكذا تكون طعمة المياه منكّهة دون الحصول على سعرات حرارية إضافية، بالإضافة إلى الإكثار من تناول المأكولات الغنية بالمياه مثل الحساء، البطيخ، الخيار، الخس، البندورة، الروكا والتفاح.
  • اتبع نمط حياة مليء بالنشاط البدني المنتظم لأنّه يؤثر إيجابيًا في الوقاية من الأمراض المزمنة وتستطيع اختيار واحدة من الاستراتيجيات التالية:
  1. مارس 40 دقيقة يوميًا رياضة هوائية (aerobic exercises) خفيفة أو متوسطة القوة مثل المشي الخفيف، الهرولة، الركض، السباحة، الرقص، صعود السلالم، ركوب الدراجة، كرة السلة، كرة القدم، كرة المضرب وغيرها.
  2. مارس أي نوع رياضة على أن يكون مجموع وقتها في آخر الأسبوع 150 دقيقة.
  3. مراقبة وزيادة عدد الخطوات يوميًا عن طريق استعمال عداد الخطى (Pedometer). حاول رفع عدد الخطوات 500 خطوة يوميًا للوصول إلى 10.000 خطوة على الأقل يوميًا. يمكنك رفع عدد خطواتك عن طريق المشي قليلًا من حين إلى آخر خلال ساعات العمل الطويلة، صعود السلالم، إيقاف سيارتك في موقف بعيد، الذهاب ماشيًا لشراء أغراضك، المشي مع زملائك للتحدث، المشي خلال مكالمة هاتفية وغيرها.
  • حاول أن تلتزم بكمية الوحدات الحرارية اليومية المناسبة لطولك، وزنك وعمرك. إنّ جميع المأكولات مؤلفة من ثلاثة عناصر غذائية تعطي السعرات الحرارية وهي مقسّمة على الشكل التالي:

حاول أن تلتزم بكمية الوحدات الحرارية اليومية المناسبة لطولك، وزنك وعمرك. إنّ جميع المأكولات مؤلفة من ثلاثة عناصر غذائية تعطي السعرات الحرارية وهي مقسّمة على الشكل التالي:

Share This