أشباه موصلات
البوليمر وتطبيقاتها المختلفة
د. ياسر الشتوي فيزياء البوليمرات – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية – السعودية
قسم الدارسون العصور وذكروا منها العصر الحديدي والبرونزي، وحري بهذا العصر أن يُسمى بعصر البوليمر؛ وذلك لكثرة المواد البوليمرية المصنعة وتنوعها. حيث نجد من فروع العلوم والهندسة ما يُسمى بهندسة البوليمر، وفيزياء البوليمر، وكيمياء البوليمر، بالإضافة إلى الكيمياء العضوية والصناعية في تخصصات توليها الجامعات ومراكز البحث عناية فائقة؛ لكثرة نفعها وتنوع تطبيقاتها. وعرف البشر البوليمر واستخدموه في حياتهم، لكنهم لم يسموه بهذا الاسم إلا حديثا، فقد كان موجودًا في لحاء الشجر، والمطاط، والقطن، والصوف، والحرير، والجلد، وغيرها الكثير من المواد الطبيعية، ويصنف هذا النوع بالبوليمرات الطبيعية. الصنف الآخر من البوليمرات العضوية هو البوليمرات الصناعية (Synthetic Polymer)، وهي البوليمرات العضوية المحتوية على الكربون، والمصنعة بداية من القرن التاسع عشر حتى الآن.
والبوليمر مركب ذو وزن جزيئي ضخم، مكون من ارتباط عدد كبير من وحدات البناء الأصغر المتكررة تُدعى مونوميرات (Monomers)، تربطها ببعضها الروابط التساهمية، ولا تتأثر خصائصه بإضافة أو حذف عدد قليل من وحدات البناء (المونوميرات). وقد تُستخدم الجزيئات العضوية وحدها أو مع البوليمرات لتصنيع الأجهزة شبه الموصلة كالخلايا الشمسية العضوية. وتُسمى عملية تصنيع البوليمرات بواسطة الربط الكيميائي لهذا الجزيئات العضوية لتشكل سلسلة طويلة من وحدات البناء (مونوميرات/جزيئات) بالبلمرة. فعلى سبيل المثال فإن البولي إيثيلين تلك المادة البلاستيكية التي تُستخدم في الأكياس، ولفائف التغليف، و الحاويات البلاستيكية، هي عبارة عن بوليمر مكون من سلاسل طويلة من مونومير الإثيلين (C2H4)، و يمكن كتابة هذا البوليمر بالصيغة (C2H4)n ؛ حيث يشير n إلى عدد مرات تكرار الوحدة البنائية (المونومير).

وكان أول العهد بالبوليمرات الطبيعية والصناعية أنها كانت موادا عازلة غير موصلة للكهرباء. غير أن هذا الاعتقاد تبدد في العقد السابع تماما من القرن المنصرم، إذ قادت أبحاث العلماء وخاصة (آلان ج. ماكديرميد)، و (آلان ج. هيجر، وهيديكي شيراكاوا) ، إلى اكتشاف توصيلية البوليمرات عن طريق الإشابة، وكوفئ هؤلاء العلماء الثلاثة عام 2000م بجائزة نوبل في الكيمياء لأبحاثهم في مجال البوليمرات الموصلة. البوليمرات المترافقة (Conjugated polymers) مصطلح يشير إلى البوليمرات التي تكون فيها الروابط الأحادية والمزدوجة متعاقبة في البوليمر. تُعد أنابيب الكربون النانوية أحد الأمثلة المشهورة للبوليمرات المترافقة، وهذه البوليمرات المترافقة غالبا ما تكون ذات فجوة طاقة منخفضة نسبيا؛ لذا فهي تمتص الضوء المرئي، ولها تركيز منخفض نسبيا من الشحنات الحرة في درجة حرارة الغرفة؛ حيث إن تعرضها للحرارة، أو الضوء يحرر الشحنات الكهربية، ولذا تعتبر أشباه موصلات عضوية. وتكون أحيانا ذات تركيب بلوري (Crystalline)، أو غيـر متبلـور (Amorphous)، وغالبا ما تكون خليطا من الحالتين.
فجوة الطاقة بالإلكترون فولت أو نطاق الامتصاص الضوئي لهذه المواد العضوية تتغير بالتغيير الكيميائي للمونوميرات؛ حيث إن الإشابة بعناصر أخرى أو تغيير المونومير يؤدي إلى امتصاص عند أطوال موجية أعلى أو أقل (أي أن فجوة الطاقة تتغير)، ونحتاج لمصدر طاقة أعلى أو أقل من السابق لإثارة جزيئات البوليمر. والتغيرات الفيزيائية التي تجري على البوليمر والمواد العضوية أثناء عملية المعالجة تؤدي كذلك إلى التغير في فجوة الطاقة والتوصيلية الكهربية لأشباه الموصلات العضوية. أحد هذه التغييرات الفيزيائية هي عملية التبلور التي تتكون لأشباه الموصلات العضوية، ويؤثر ذلك على فجوة الطاقة فـتقل هذه الفجوة، ويمكن ملاحظتها من خلال مطياف الامتصاص حيث يميل الامتصاص للأطوال الموجية الحمراء كلما زاد التبلور غالبا. وتزداد كذلك التوصيلية الكهربية في المواد العضوية شبه الموصلة مقارنة بالبوليمر شبه الموصل. وبما أن الجزيئات العضوية ليست ذات سلاسل طويلة من الجزيئات كما في البوليمرات، فإن نسبة بلورتها تكون أسرع وأكثر من بلورة البوليمرات. وبالتالي تكون توصيليتها الكهربية أعلى، وتمتص الضوء عند أطوال موجية مختلفة.

وحيث إن البوليمر ذو سلسلة طويلة من الجزيئات العضوية، فإن تبلوره يتطلب طيِّ هذه السلسة بشكل متكرر؛ ولذلك كلما قلَّ طول سلسلة البوليمر فإن تبلوره يكون أسهل. يكون تبلور الجزيئات العضوية المنفردة أسرع من البوليمرات، والتوصيلية الكهربية أعلى؛ حيث إن تبلورها يتطلب طاقة أقل، ووقتا أقصر، إذ لا يوجد سلسلة طويلة تحتاج للطي. وتسهم السلاسل الجانبية للبوليمر (Side Chains) في تبلور البوليمرات المترافقة، وانبعاثها الضوئي، وامتصاصها الضوئي. وتُعد السلاسل الجانبية في البوليمرات مجموعة كيميائية مرتبطة بجزء أساسي من الجزيء يُسمى السلسلة الرئيسة (Backbone)، وهي عنصر هيدروكربوني متفرع لجزيء مرتبط بسلسلة رئيسة هيدروكربونية أكبر، وتعتبر أحد العوامل في تحديد خصائص الجزيء وتفاعله. فمثلا يسهل إذابة البوليمر في المذيبات كلما زادت طول السلاسل الجانبية في البوليمر. أحد أشهر الأمثلة على البوليمرات المترافقة هو البولي 3-هكسايل ثايوفين Poly(3-hexylthiophene) (P3HT)، حيث إن المونومير هو 3-hexylthiophene وهو عبارة عن مجموعة الألكايل مرتبطة بالحلقة العطرية (الثايوفين)، ومجموعة الألكايل في هذا المثال هي السلسلة الجانبية. تسهل إذابة بوليمر P3HT، بينما إذا غابت السلسلة الجانبية كما الأصل من هذا البوليمر أي بولي ثايوفين Polythiophenes (PTs) فهو غير قابل للذوبان.
تتميز البوليمرات شبه الموصلة والمركبات العضوية بعدة خصائص جاذبة للباحثين والمصنعين. فهذه المواد العضوية يمكن معالجتها، وصناعة الأغشية الرقيقة منها عند درجات منخفضة نسبيا. كما أن ذوبانها في المذيبات يُمكِّن الباحثين من طباعتها، أو صبها، أو طلائها على هيئة أغشية بيسر وعلى أسطح كبيرة نسبيًا، مما يسهم في خفض التكاليف التصنيعية. وتُعد المرونة من الخصائص الجاذبة فيها، مما يمكننا من استخدامها في التطبيقات المتحركة كالملبوسات أو الخلايا الشمسية التي يمكن طيها. وقد يكون بعضها قابلا للتمدد(stretchable)، أو مناسبا للاستخدامات الحيوية كالمجسات الدقيقة في الكائنات الحية. ويمكن التحكم في خواصها الكهربائية والميكانيكية والبصرية وتغييرها بعدد من الطرق كالتحكم في التبلور، أو بالإشابة، أو المزج مع مركبات عضوية أو غير عضوية، أو تغيير المذيب، وغيرها من الطرق. وفيما يلي سنستعرض عددا من الأجهزة الدقيقة العضوية التي تستخدم البوليمر كأحد مكوناتها في الطبقة شبه الموصلة.
عادة ما تُستخدم المصطلحات المتقاربة للتعبير عن أجهزة أشباه الموصلات العضوية، وإن كان بينها أحيانا اختلافات دقيقة فيقال مثلا إلكترونيات بلاستيكية، وإلكترونيات عضوية، وإلكترونيات مرنة. وأجهزة أشباه الموصلات العضوية تشمل الخلايا الشمسية العضوية (OSC)، أو الخلايا الكهروضوئية العضوية (OPV)، والترانزستورات العضوية مثلOFET ، والثنائي العضوي المضيء (OLED)، والبطاريات البوليمرية، والحساسات البوليمرية أو العضوية. وفيما يلي سنورد ثلاثة أمثلة على استخدامات البوليمرات شبه الموصلة، وبعض هذه النماذج في مرحلة البحث والتحسين، وبعضها متوفر في الأسوق مثل شاشات العرض التي تستخدم الثنائي العضوي المضيء.
الخلايا الشمسية العضوية:
تُعد الخلايا الشمسية البوليمرية، المعروفة أيضًا باسم الخلايا الشمسية العضوية أو الخلايا الشمسية البلاستيكية، نوعًا من الأجهزة الكهروضوئية التي تستخدم البوليمرات كمادة شبه موصلة لتحويل الضوء إلى تيار كهربائي. (شكل 1 (أ) يوضح أحد البُنى المستخدمة في الخلايا الشمسية العضوية). في الخلايا الشمسية العضوية تُستخدم المواد العضوية شبه الموصلة، عادةً البوليمرات المترافقة والجزيئات العضوية الصغيرة كمشتقات الفوليرين (Fullerene Derivatives)، لامتصاص الفوتونات وتوليد التيار الكهربائي. وفي هذه الخلايا تتكون الطبقة النشطة من مزيج من بوليمر أشباه الموصلات ومشتق من الفوليرين بشكل متداخل، ويشكل بنية غير متجانسة من المادتين العضويتين، كما في شكل 1 (ب). إحدى هاتين المادتين تُسمى المانح (Donor) وتكون فيها الإلكترونات أكثر، وفي المادة الأخرى تُسمى القابل (Acceptor) وتكون فيها الشحنات الموجبة أكثر. وعندما يصطدم الضوء بالطبقة النشطة، يتم امتصاص الفوتونات بواسطة البوليمر شبه الموصّل، مما ينتج عنه الإكسيتونات (عبارة عن أزواج مكونة من ثقب وإلكترون). ثم تنفصل الإكسيتونات عند الحد الفاصل بين مادتي البوليمر والفوليرين، لتولد شحنات حرة يمكن تجميعها كتيار كهربائي.

في النماذج السابقة كانت البنية غير المتجانسة من المادتين توصلان مباشرة بأقطاب المصعد والمهبط؛ حيث تنتقل الشحنات نحو القطبين. في نموذج آخر يُسمى الخلايا ثنائية الطبقات كانت الطبقة المانحة تعلو الطبقة القابلة، ولم يتمكن الباحثون من زيادة الكفاءة لهذه الخلايا بسبب الخلايا ثنائية الطبقة كما هو موضح في شكل 1 (ب). حيث إن الإكسيتونات تنفصل عند الواجهة بين المانح والقابل، وعندما تنفصل إلى إلكترون وثقب ففي الغالب أنها تنتقل بما يقارب 10 نانومتر فقط قبل أن تتحلل مرة أخرى إلى الحالة الأرضية. ولامتصاص الضوء بكفاءة يلزم أن تكون سماكة الطبقة العضوية النشطة أعلى من 100 نانومتر. مما يعني أن الخلايا ثنائية الطبقات إما أن تكون رقيقة جدًا لتتفكك الإكسيتونات بكفاءة لكن امتصاص الضوء يكون منخفضا، أو سميكة فتمتص الضوء بكفاءة لكن لا يمكن استخراج الشحنات لأنها تضمحل للحالة الأرضية. هناك تحسينات عديدة مستمرة قام بها الباحثون على هيكلة أو بُنى الخلايا الشمسية العضوية. ومن ذلك أنه يمكن وضع الطبقة النشطة ذات البُنية غير المتجانسة في المنتصف، يعلوها طبقة لنقل الإلكترونات، وأسفلها طبقة لنقل الشحنات الموجبة أو الثقوب. يمكن أن تكون الطبقة الناقلة للشحنات الموجبة خليطًا من بوليمرين تختصر كتابتهما بـ (PEDOT:PSS)، وهي ملصقة بقطب شفاف من أكسيد القصدير والإنديوم (ITO) . أما الطبقة الناقلة للإلكترونات التي بين الطبقة النشطة والمهبط، فيمكن أن تكون مادة عضوية تُسمى باثوكوبروين Bathocuproine (BCP) ملصقة بقطب المهبط من معدن الفضة.
توجه الباحثون أيضا لاستخدم مواد عضوية كطبقة قابلات (Acceptors) بدلا من مشتقات الفوليرين، مما يؤدي لامتصاص أعلى للضوء وثبات أكثر. وعموما فتحسينات الباحثين تشمل كثيرا من الجوانب، كتغيير الطبقات والأقطاب، للوصول إلى أكفأ الخلايا الشمسية وأدومها ثباتًا. وإن كانت كفاءتها قد بلغت ما يزيد على 16% وهي في تحسن مستمر. غير أن العديد من الأمور تحتاج للتحسين، منها زيادة ثبات هذه المواد عند تعرضها للرطوبة والأكسجين؛ وكذلك استخدام مذيبات صديقة للبيئة خلال عمليات التصنيع.
الثنائي العضوي المضيء OLED
يعمل الثنائي العضوي المضيء (Organic Light-Emitting Diode) بطريقة معاكسة للخلايا الشمسية حيث إن تطبيق التيار الكهربي عند وضع الأغشية الرقيقة العضوية بين قطبين كهربائيين موصلين يؤدي لحقن الإلكترونات والثقوب (الناقلات موجبة الشحنة) في الطبقة العضوية. وعندما تتحد هذه الشحنات تبعث الضوء من الطبقة العضوية الباعثة. يتم تحديد لون الضوء المنبعث من خلال المركبات العضوية المستخدمة في العرض. وقد تكون الطبقة الباعثة للضوء من مادة عضوية من البوليمر. فإن كانت المادة الباعثة من البوليمر فقد تُسمى بالبوليمرات المضيئة، وتُكتب اختصاراPolymer Light-Emitting Diodes (PLED) . وكان أول اكتشاف لثنائي مضيئ من البوليمر في المختبر الفيزيائي الوطني في المملكة المتحدة عام 1974م. أما الثنائي العضوي المضيء العملي فقد كان مبدؤه على يد الكيميائيين؛ تشينغ وان تانغ (Ching Wan Tang)، وستيفن فان سلايك (Steven Van Slyke)، من شركة إيستمان كوداك، إذا قاما ببناء أول ثنائي عضوي مضيئ عملي عام 1987م. استُخدِم في هذا الجهاز بُنية من طبقتين مع طبقات منفصلة لنقل الثقوب ونقل الإلكترونات، بحيث تحدث إعادة التركيب وانبعاث الضوء في منتصف الطبقة العضوية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض في جهد التشغيل، وتحسينات في الكفاءة. تسارعت الأبحاث في هذا المجال، وتقدمت فيها الشركات التي رغبت بتوظيف هذه الكشوفات العلمية في شاشات العرض. ظهرت أول المنتجات بعد التحالف بين شركتي كوداك وسانيو عام 1999م فكانت أول شاشة ذات مقاس 2.4 بوصة كاملة الألوان، ثم في عام 2002م عرضوا نماذج صناعية أولية لشاشات مقاس 15 بوصة تعتمد على اللون الأبيض كأساس ومزوده بفلاتر للألوان. وتتالت بعد ذلك التقنيات في شاشات العرض وكفاءة الألوان. من هذه التقنيات استخدام الطابعات النفاثة لطباعة شرائح الثنائي العضوي المضيء عام 2017م.

هذه الشاشات التي تستخدم الثنائي العضوي المضيء لها عدد من المميزات مقارنة بالشاشات التقليدية كشاشة الكريستال السائل (LCD)، إذ يمكن أن تكون أنحف وأكثر مرونة، مما يسمح بتطبيقات جديدة مثل الشاشات المنحنية أو الشاشات القابلة للطي. ومن أهم المميزات التباين العالي، والألوان النابضة بالحياة، وكذلك سرعة وقت الاستجابة، وزاوية الرؤية العريضة، مما يضمن جودة صورة متسقة حتى عند عرضها من زوايا مختلفة. وهذه الشاشات أكثر كفاءة بالطاقة؛ حيث لا تتطلب إضاءة خلفية؛ إذ يُصدر كل بكسل ضوءا خاصا به، ولا تستهلك وحدات البيكسل السوداء أي طاقة، حيث يتم إيقاف تشغيلها ببساطة. لهذه الأسباب يشيع استخدام الثنائي العضوي المضيء في الشاشات المسطحة وشاشات الجوالات الحديثة.
الترانزستورات العضوية
نشر الباحثون من شركة ميتسوبيشي الكهربائية عام 1986م في الدورية العلمية “منشورات الفيزياء التطبيقية” (Applied Physics Letters) أعمالهم حول الترانزستور مجالي التأثير العضوي (OFET)، والذي تكون فيه الطبقة شبه الموصلة من البولي ثايوفين وهو بوليمر مترافق شبه موصل. والترانزستور ذو التأثر المجالي كمثال هو أحد أنواع الترانسيستور الذي يتحكم بتدفق حاملات الشحنات (الإلكترونات والشحنات الموجبة) في الطبقة شبه الموصلة، بواسطة الجهد الكهربي المسلط على قطب البوابة (Gate Electrode)، مما يسمح بالتحكم بالإشارات وتضخيمها. العناصر الرئيسة في الترانزستورات مجالية التأثير العضوية، كما يوضح شكل 2 أحد أنواعها، هي الركيزة التي تكون حاملة لبقية المكونات، يعلوها قطب البوابة (Gate) من مادة موصلة، متبوعا بطبقة عازلة (Dielectric Layer) تفصل المادة شبه الموصلة عن البوابة وتمكن من التحكم بالمجال الكهربي. والطبقة شبه الموصلة تكون من المواد العضوية أو البوليمرات، وهي طبقة نشطة لنقل الشحنات، ثم يعلوها أقطاب المصدر والتصريف الموصلة، والتي تساعد على شحن واستخلاص الشحنات الكهربية من طبقة البوليمر شبه الموصل. هناك العديد من البُنى الهيكلية لهذه الترانزستورات، وقد يضاف إليها طبقات أخرى لتعزيز بعض الخصائص أو للحماية.


شكل 1 ) رسم توضيحي يبين في (أ) أحد البنى المستخدمة في الخلايا الشمسية العضوية. (ب) يوضح نوعين من أشكال تداخل الطبقة المانحة مع الطبقة القابلة المكونتان للطبقة النشطة في الخلايا الشمسية العضوية.
هذه الترانزستورات لها العديد من المميزات التصنيعية؛ كأن تُصنع على أسطح مرنة أو إلكترونيات ذات مساحات واسعة، وتحضر من المحاليل السائلة إما بالطباعة، أو التكسية بالبرم (Spin Coating)، أو بالتكسية بالغمر (Dip Coating)، وغيرها من طرق التكسية التي تكون عند درجات منخفضة نسبيا، وتُختارُ درجات الحرارة بناء على نوع البوليمر المستخدم. يشيع استخدام أشباه الموصلات البوليمرية مع شاشات العرض المرنة والورق الإلكتروني والحساسات الحيوية والدوائر المتكاملة؛ لما لها من مميزات في الترانزستورات كالتصنيع منخفض التكلفة، والتوافق مع الركائز المرنة.


شكل 2) يبين أحد البُنى المستخدمة للترانزستورات مجالية التأثير العضوية.
الحساسات البوليمرية
في الحساسات أو المستشعرات البوليمرية شبه الموصلة يُستخدم التغير في الموصلية الكهربائية أو الخصائص البصرية للبوليمرات شبه الموصلة؛ للكشف عن التغيرات أو المنبهات المحددة والاستجابة لها. والبوليمرات المترافقة تسمح بحركة ناقلات الشحنة (الإلكترونات أو الثقوب) على طول سلاسل البوليمر. فعندما تتغير خواص البوليمر الكهربائية أو الضوئية عن طريق نقل الشحنة أو تعديل مستويات طاقة البوليمر، يمكن تحديد وجود أو تغيرات في تراكيز الجزيئات التي يُراد تحليلها مثلا. وللحساسات البوليمرية شبه الموصلة ميزات منها القابلية للتعديل الدقيق؛ فخصائص البوليمر شبه الموصّل يمكن تعديلها بالتعديلات الكيميائية أو الفيزيائية أو المزج مع مواد أخرى، مما يسمح بتخصيصها لتحليلات محددة. وهي كذلك ذات حساسية عالية للتغيرات الصغيرة في تركيز المادة التي يُراد تحليلها أو الظروف البيئية المحيطة.
استخدمت الحساسات البوليمرية لاستشعار الغاز، والحرارة، والضغط، والتغيرات في الأس الهيدروجيني، أو درجة الحموضة (pH)، وفي الاستشعار الحيوي، والمراقبة البيئية، وفي مستشعرات الجلد الإلكتروني، ومجسات الإجهاد. وفي بعض الدراسات استخدمت مجموعة من الحساسات في أجهزة كالمنسوجات يمكن للشخص ارتداؤها لتراقب وتقيس التغيرات الحيوية في الجسم. هذه نماذج من التطبيقات التي يكون فيها لأشباه الموصلات البوليمرية والمواد العضوية دور فاعل في العملية الحياتية. وهي مجالات متشعبة يجد فيها الباحثون بمختلف تخصصاتهم جوانبا من البحث تثير فضولهم وشغفهم لمزيد من البحث والتطوير.