أهمية الخلايا الجذعيةي
للغدد اللعابية
د. ريمه سليم – كيمياء حيوية- جامعة الفيصل- السعودية
ما هي فوائد الغدد اللعابية؟
الغدد اللعابية هي غدد قنوية تنقسم إلى ثلاثة أزواج رئيسة والمئات من الغدد الثانوية مهمتها الرئيسة إفراز اللعاب. تتكون أنسجة الغدد اللعابية من خلية عنيبية متصلة بخلايا أنبوبية ممتدة إلى سطح الفم. يتم تكوين اللعاب في الخلايا العنيبية ونقلها إلى الخلايا الأنبوبية بمساعدة الخلايا البطانية المحاطة بالخلايا الأنبوبية.

يحتوي اللعاب على مكونات عديدة من ضمنها بروتينات، إنزيمات، مركبات أيونية، إضافة إلى الماء الذي يشكل %99 من إجمالي اللعاب. إفراز اللعاب يندرج إلى نوعين: محفز وغير محفز، حيث أن تحفيز اللعاب يعتمد على النواقل العصبية المنتجة والمرسلة من الجهاز العصبي أما بالنسبة للعاب غير المحفز مسؤول عن ترطيب وحماية الفم خلال اليوم. تتراواح كمية اللعاب المفرز في اليوم الواحد 1-1.5 لتر. تبلغ كمية اللعاب المحفز في الدقيقة الواحدة 1.5 إلى 2 مل أما اللعاب غير المحفز 3.0-7.0 مل. يلعب اللعاب دورًا هامًا في الحفاظ على صحة الفم من الالتهابات الميكروبية، و تسهيل عملية بلع وهضم الطعام، وترطيب الفم.
العوامل المؤثرة على إنتاج اللعاب وتلف الغدد اللعابية
هناك عدة عوامل تؤثر على إفراز اللعاب مما يؤدي إلى جفاف الفم الذي يشار إليه بـ «زيروستوميا»، ومن ضمنها: • تناول بعض أنواع الأدوية
- مرض السكري
- تقدم العمر
- متلازمة شوغرن
- العلاج الإشعاعي لسرطانات الرأس والعنق
جفاف الفم يعود إلى أسباب متعددة أهمها أدوية الضغط، القلب، القلق، والاكتئاب التي تؤثر على كمية اللعاب وتغير من مكوناته. بالإضافة إلى أن جفاف الفم شائع لدى مرضى السكر يعود سببه لاختلال نسبة السكر في الدم ونسيج الغدة اللعابية. الغدد اللعابية تتأثر أيضا مع السن حيث تبين من خلال الدراسات البحثية، أن مكونات اللعاب تتغير مع تقدم العمر وأن تناول الأودية لعلاج الأمراض المزمنة في هذه الحالة يؤثر على وظيفة الغدد اللعابية.

ومن أبرز المسببات الرئيسة تلف الغدد اللعابية متلازمة شوغرن والعلاج الإشعاعي لسرطانات الرأس والعنق. في حالة متلازمة شوغرن فهو اضطراب في الجهاز المناعي يؤدي إلى محاربة الأنسجة السليمة وتدميرها مما ينتج عنه جفاف الفم الدائم. تصيب متلازمة شوغرن عامة جميع الأعمار، ولكنها أكثر شيوعا بعد سن الـ40. يتم تشخيص 61 من بين 10.000 شخص بمتلازمة شوغرن سنويًا، والنساء يمثلن الغالبية بمعدل 10:9 في حال العلاج الإشعاعي لأيٍ من سرطانات الرأس والعنق، تكون الغدد اللعابية أكثر المناطق عرضة لتدمير الأنسجة المسؤولة عن إنتاج اللعاب ونقله إلى الفم. في الأسبوع الأول من العلاج الإشعاعي ينخفض إفراز اللعاب بمعدل-50 %60. يعتمد مدى تأثر الغدد اللعابية على كمية جرعة العلاج الإشعاعي ومنطقة الورم المستهدف من قبل العلاج الإشعاعي.
فشل الغدد اللعابية لإتمام وظيفتها لإفراز اللعاب يزيد من احتمالية كبيرة في الترسبات وتسوس الأسنان، سوء الهضم، الالتهابات الميكروبية، صعوبة بلع الطعام، وصعوبة في الكلام وكذلك يؤثر على التذوق. إذًا، المشاكل المترتبة لفقدان صحة نسيج الغدد اللعابية وظيفتها سببًا في التأثير على جودة حياة الشخص على المدي البعيد.
العلاجات الحالية لتخفيف جفاف الفم
العلاجات الحالية لجفاف الفم تندرج بناء على نسبة تضرر الغدد اللعابية إما بتحفيز الأنسجة غير المتضررة من خلال تناول الأدوية، أو استخدام بديل اللعاب وتناول الماء لتخفيف الجفاف في حال التلف الكامل للغدد اللعابية. جميع ما ذكر هي حلول مؤقتة ولا يوجد حل جذري حتى الآن يسهم في استرجاع وظيفة الغدد اللعابية لوضعها الطبيعي.



الحل الأمثل على المدى البعيد لاستعادة وظيفة الغدد اللعابية
تطمح العديد من الأبحاث لإيجاد حل طويل الأمد، يسهم في تحسين حياة المريض عن طريق زراعة الخلايا الجذعية. أثبتت الدراسات أن الغدد اللعابية لدى الشخص البالغ تحتوي على خلايا جذعية مسؤولة عن الحفاظ على صحة الأنسجة في الحالات الطبيعية. أما في الحالات المرضية بسبب أيٍ من العوامل السابقة، وخاصة لدي مرضى متلازمة شوغرن ومتلقيين العلاج الإشعاعي، تتلاشى هذه الخلايا الجذعية تمامًا مما ينتج عن تلف هذه الغدد واختلال في وظيفتها تبعًا لذلك. هذا يعود لسبب عجز الأنسجة لاستعادة الخلايا المدمرة بخلايا فعالة تساعد في استرجاع وظيفة الغدد اللعابية من جديد.
تجديد الأنسجة، من خلال زراعة الخلايا الجذعية في الغدد اللعابية التالفة، تعتبر من الأهداف الواعدة لا سيما أن العديد من التجارب على الفئران أثبتت قدرتها بتحسين وظيفة الغدد اللعابية بعد الزراعة. العائق الحالي الذي يمنع تطبيق هذه التقنية على الإنسان، يعود لعدة أسباب. أهمها أن الخلايا الجذعية خليط من الأنواع القابلة للتحول إلى عدد من الخلايا المتمايزة والمتخصصة، وبالتالي يصعب تحديد نوع الخلايا المسؤولة على تحسن الغدد اللعابية. يليها، أن عدد الخلايا الجذعية للغدد اللعابية محدود جدًا، ويستلزم استعادة النشاط الكامل للغدد اللعابية أعدادًا أكبر منها وهذا ما دفع العلماء في هذا المجال للبحث عن الطرق المناسبة لرفع نسبتها قبل الزراعة. أخيرًا، إن الإرشادات الأخلاقية التي تتعلق بالبحوث العلمية على الإنسان تمتنع عن تطبيق هذه التقنية حرصًا على صحة الإنسان من المضاعفات و لتجنب النتائج غير المحمودة و لتجنب النتائج غير المحمودة بما فيها رفض الجسم لاستقبال هذه الخلايا أو تفاعل خلايا الجسم معها لتحولها إلى خلايا سرطانية.
