البيرفوسكايت
والطاقة الشمسية
د. أنور العنزي الفيزياء – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية – السعودية
تُعد خلايا البيروفسكايت الشمسية واحدة من التقنيات الحديثة والمبتكرة في مجال الخلايا الشمسية الرقيقة. وقد شهدت تطورًا متسارعًا منذ تطبيقها عام 2009م في الخلايا الشمسية الصبغية بكفاءة تحويل 3%، وحظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين بالطاقة المتجددة، مما أدى إلى تحسُّن متسارع في كفاءة تحويل الطاقة الشمسية إلى أعلى من 25% حتى عام 20231. وتنسب التسمية إلى العالم الروسي بيروفسكيت الذي اكتشف صيغة المركب CaTiO3 في عام 1839 م.
تتكون الصيغة الجزيئية للبيروفسكايت من عناصر هالوجينيه مرتبطة بمركب عضوي وآخر غير عضوي. وتتميز مادة البيروفسكايت بسهولة التحضير والإنتاج؛ إذ تعتمد بشكل أساس على خلط الجزء العضوي بالجزء الآخر غير العضوي، باستخدام الطرق الفيزيائية أو بطرق الحل والخلط الكيميائية في تذويب المواد العضوية وغير العضوية في محاليل قطبية، ومن ثم ترسيبها على طبقة من مادة شبه موصلة، وهذه الطبقة تترسب على طبقة موصلة شفافة. وتتكون طرق الترسيب من:
- طرق كيميائية: وهي عبارة عن تبخير المحاليل المستخدمة في تذويب مواد البيروفسكايت، وتحويل الحالة من محلول سائل إلى صلب.
- طرق فيزيائية: باستخدام أجهزة التبخير على الحرارة العالية والمنخفضة.
وتتميز أنواع من مركبات البيروفسكايت بأنها لا تتطلب حرارة كبيرة في ترسيب البيروفسكايت، إذ تحتاج حرارة تتراوح ما بين 25 إلى 300 درجة مئوية.


ولا يتوقف الأمر على سهولة الترسيب والتلدين، فالخصائص البصرية القابلة للتغير وكذلك الحركية الإلكترونية شبه المثالية هي محل جذب في البحث عن المزيد من الخصائص2. فلم يقتصر توظيف هذه المادة في الخلايا الشمسية، بل امتد إلى أن أصبحت محط الأنظار ليس فقط في الخلايا الشمسية (Solar Cells) والخلايا الشمسية الشفافة (Wide bandgap Solar Cells ) والترادفية (Tandem Solar Cells) ، بل أيضا في الحساسات الضوئية (Photodiodes)، وترانزستورات الأثر المجالية (Field-effect Transistors)، والباعثات الضوئية (Light Emission Diode LED)، وكواشف أشعة أكس (ْX-ray Detectors)، و أجهزة الليزر (Lasers)، وأجهزة الذاكرة (memory devices)، وغيرها3.
ومما يميز هذه المادة قلة العيوب مما يجعلها ذات كفاءة حركية للشحنات المثارة، وسهولة مواءمتها وارتباطها وتطبيقها، وترسيب مختلف المواد العضوية أو غير العضوية التي تُعرف بنواقل الشحنة الموجبة أو السالبة (Hole Transporting Materials أو Electron Transporting Materials) عليها. ويضاف إلى ذلك سهولة تغير طاقة فجوتها (أي تغيير قابليتها لامتصاص الألوان الساقطة، ويحدث عندها انتقال الإلكترونات من قطاع التكافؤ إلى قطاع التوصيل من الضوء الساقط) مع المحافظة على تجانس التركيب البنائي رغم تغيير بعض الذرات بشكل محض، وهذا ما يجعلها قابلة للاستخدام بشكل واسع في تطبيقات أشباه الموصلات المختلفة.
وقبل الحديث عن هذا التغير في طاقة الفجوة، يجب أن نتساءل عن أسبابه. وحتى تتضح الأسباب علينا البدء في شرح ماهية الوحدة الأساسية للتركيب البنائي للبيروفسكايت، ومما تتكون من ذرات، وكيفية ارتباط هذه الذرات مع بعضها البعض. فالصيغة الكيميائية لمادة البيروفسكايت هي ABX3 حيث:
A : عبارة عن كاتيون حامل للشحنة الموجبة وهي:
1. [MA, CH3NH3+] Methylammonium
2. [FA, HC(NH2)2+] Formamidinium
3. [Cs+] Cesium
وتُصنّف هذه الكاتيونات إلى عضوية FAX و MAX، أو غير عضوية مثل CsX، ويرتبط الكاتيون بذرة من الهاليد X.
B : هو الرصاص Pb+2 أو القصدير Sn+2، ويرتبطان بذرتان من الهاليد مثل (PbX2) أو (SnX2).
X : عبارة عن الهاليدات التالية (Chloride–, Bromide–, Iodide–).
الوحدة الأساسية للتركيب البنائي للبيروفسكايت عبارة عن مكعب مكون من أربع ثماني الوجوه 4(BX6) في زوايا المكعب. وكل من الأوجه الثمانية يتصل بالآخر من جهة الزاوية (انظر الشكل 1). ويرتكز الكاتيون A في مركز هذا المكعب والمحاط بالأوجه الثمانية.
فالوحدة الأساسية على العموم في المادة البلورية عبارة عن مجموعة من الذرات مرتبطة بعضها ببعض بمسافات أبعاد ثابتة، حيث إن نفس هذه المجموعة من الذرات تتكرر بشكل دوري حتى تُشكِّل المادة ككل. وتغيير حجم هذه الوحدة الأساسية وأبعادها مرتبط بتغيير طاقة الفجوة. ولنا هنا الإمكانية في تغيير حجم وحدة الخلية للبيروفسكايت بالاستبدال للذرات التالية (I, Sn, FA) بالذرات (MA,Cs, Br, Pb, Cl) مما يؤدي إلى تغيير في حجم وحدة الخلية، بسبب استبدال أحجام ذرات بأخرى أصغر أو أكبر منها. إذ يؤدي استبدال ذرات صغيرة الحجم بذرات كبيرة إلى زيادة حجم وحدة الخلية، فيؤدي ذلك إلى تقليل طاقة الفجوة5، وفي المقابل يؤدي استبدال ذرات كبيرة بأخرى صغيرة إلى تقليص حجم وحدة الخلية، وبالتالي يصبح لدينا زيادة في طاقة الفجوة. وبشكل عكسي يُستثنى من تغير وحدة الخلية للبيروفسكايت استبدال Sn بـ Pb حيث إن Sn أصغر من Pb ويؤدي استبداله إلى تقليص حجم الوحدة الأساسية للبيروفسكايت، وينتج عنه تقليل طاقة الفجوة من eV 1.5 إلى eV 1.2 للمركب FAPbI3 والمركب FASnI3 على التوالي. ويعود السبب في ذلك إلى أن مدارات Sn التي تسهم في رسم حدود كثافة حالة الشحنة في قطاع التكافؤ والتوصيل لها طاقة أقل ومختلفة عن Pb، وبالتالي انخفاض في قيمة طاقة الفجوة6. تغير طاقة الفجوة يفتح آفاقًا جديدة في استخدام هذه المادة في مختلف التطبيقات الكهروبصرية، ومن هذه التطبيقات استخدامها كمساعد في خلايا السيليكون بما يُسمى الخلايا الترادفية، وسنتحدث عنها بعد الخلايا الشمسية الصلبة والمرنة.


الشكل 1: وحدة الخلية للبيروفسكايت العضوي وغير العضوي
خلايا البيروفسكايت الشمسية:
تتألف خلايا البيروفسكايت الشمسية من طبقات متعددة مكملة وملاصقة لطبقة البيروفسكايت المولدة لحاملات الشحنة، وطبقات ذات وظائف إلكترونية من أشباه الموصلات المتناسبة في بنيتها والمتوافقة مع الخصائص الإلكترونية والبصرية لطبقة البيروفسكايت من أجل تحسين كفاءة التحويل للطيف الشمسي. وهذه الطبقات المكملة لطبقة البيروفسكايت تنقسم إلى قسمين: قسم شبه موصل من النوع السالب (n-type) أي ناقل للشحنة السالبة (Electron Transporting Layer) وتختصر بـ ETL، والقسم الآخر شبه موصل من النوع الموجب (p-type) ناقل للشحنة الموجبة (Hole Transporting Layer) وتختصر بـ HTL، وهاتين الطبقتين ملتصقين بطبقة البيروفسكايت.
وبشيء من التفصيل فإن خلية البيروفسكايت الشمسية تتكون من:
- طبقة معدنية فلزية مثل الذهب أو الفضة أو الألمنيوم أو غيرهم، وذلك لجمع الشحنات القادمة من الطبقة الملاصقة لهذا المعدن الفلزي.
- طبقة ناقل الشحنة الموجبة.
- طبقة البيروفسكايت المولدة للشحنات السالبة والموجبة.
- طبقة ناقل الشحنة السالبة.
طبقة شفافة موصلة FTO و ITO (Fluorine or Indium doped Tin Oxide) (انظر الشكل 2).
تتميز هذه الخلايا الشمسية بأن مسار الضوء القادم من الشمس يمر من خلال الطبقات الشفافة، وشفافية هذه الطبقات التي يعبر الضوء من خلالها حتى يصل إلى طبقة البيروفسكايت تلعب دورًا في زيادة كثافة التيار المتولد من الخلية؛ حيث يؤثر مقدار الفقد في الضوء من هذه الطبقات على كفاءة تحويل الضوء إلى كهرباء. عند وصول الضوء الذي يكون له طاقة أعلى من طاقة الفجوة في مادة البيروفسكايت، فإن هذا الضوء يُمتص من قبل الإلكترونات الموجودة حول مدارات الذرات المساهمة في رسم كثافة الحالة في قطاع التكافؤ في حدود نطاق الفجوة، وتنتقل هذه الإلكترونات من المدار المستقر(التكافؤ) إلى المدار المثار (التوصيل) في ذراتها، مما يجعل هذه الإلكترونات تصنف وتشارك ضمن قطاع التوصيل وتصبح قابلة للانتقال لمكان آخر. ويحل محل الإلكترون المنتقل المثار، الشحنة الموجبة المثارة. هذه الشحنات المثارة تنتقل إلى الطبقات الملاصقة لطبقة البيروفسكايت؛ إذ إن الإلكترونات المثارة تنتقل إلى طبقة نواقل الإلكترونات ETL (n-type)، والشحنة الموجبة المثارة تنتقل إلى طبقة نواقل الشحنة الموجبة HTL (p-type).
ومما يميز مادة البيروفسكايت عن أشباه الموصلات الأخرى هو طول الزمن المستغرق من زمن بداية استثارة الشحنة حتى عودتها إلى حالة الاستقرار، وكذلك طول مسافة تحركها وهي مثارة قبل عودتها إلى حالة الاستقرار. ومن المعلوم أن الإلكترونات في حالة الاستثارة تتحرك بين أبعاد الذرات بمستوى طاقة الإثارة. ومن أجل الوصول إلى حالات أو مستويات الاستقرار تبحث الإلكترونات المثارة في مسافات أطول عن مستوى طاقة أو إثارة أقل، مما يؤدي إلى أن هذه الإلكترونات تسير حتى تصل إلى طبقة النواقل الإلكترونية خارج طبقة البيروفسكايت. وطبقة النواقل الإلكترونية المناسبة لديها مستويات تتناسب مع مستويات الطاقة للبيروفسكايت، وبطاقات أقل من مستوى الإلكترونات المثارة في مادة البيروفسكايت؛ حيث يمكن لطبقات النواقل أن تستقبل هذه الإلكترونات بشكل سريع مالم تجد الإلكترونات في مادة البيروفسكايت مستوى طاقة مستقر قبل الوصول لطبقة النواقل الإلكترونية (انظر شكل 2). وينطبق الأمر كذلك في حالة الشحنة الموجبة بشكل عكسي؛ حيث تنتقل لمستوى أعلى (أي أكثر استقرارا) وهي طبقة نواقل الشحنة الموجبة. وبدورها تقوم طبقات النواقل الموجبة والسالبة بنقل هذه الشحنات حتى تصل إلى الجزء التوصيلي أو المعدني.
ضبط مواءمة مستويات الطاقة للنواقل وكذلك تحسين تبلور البيروفسكايت من أجل ترسيب طبقة ذات عدد قليل من العيوب البلورية في طبقة البيروفسكايت يعززان كفاءة التحويل. فالشحنات المثارة تنتقل لمسافة أكبر في طبقة البيروفسكايت ثم إلى الطبقات الملاصقة لطبقة البيروفسكايت، وهذا ما يميز خلية البيروفسكايت في تحسن كفاءة تحولها السريع عن أشباه الموصلات الأخرى. ومن المميزات انخفاض التكلفة، وسهولة وتعدد طرق تصنيعها، واختيار طبقات نواقلها وتعديلها وتبديلها، ووضع طبقة النواقل الموجبة في الأسفل وطبقة النواقل السالبة في الأعلى، وغيره من الترتيب في إحاطة طبقة البيروفسكايت في وضع الطبقات (ETL وHTL)، ففي بعض خلايا البيروفسكايت يتم وضعها على شكل n-i-p والأخرى p-i-n؛ حيث i هي مصدر الإلكترونات والشحنات الموجبة (البيروفسكايت)، و p هي طبقة HTL، و n هي طبقة ETL. مستوى طاقة البيروفسكايت للانتقال الإلكتروني eV 3.75- ومستوى الطاقة لانتقال الشحنة الموجبة eV 5.30-، وبالتالي فلم توضع طبقات النواقل كطبقة ملاصقة لطبقة البيروفسكايت على نحو الصدفة، بل أُخذ بعين الاعتبار مستويات الطاقة للشحنات المثارة ومحاذاتها مع مستويات الإثارة الذرية لطبقة البيروفسكايت (انظرالشكل 2).
في الشكل 2 رسم تمثيلي لخلايا البيروفسكايت مختلفة الأنواع :
- عبارة عن خلية بيروفسكايت وبها إضافة طبقة عالية المسامية (TiO2-Mesoprous) لتعزيز استخراج الشحنة السالبة إلى طبقة (TiO2-Compact).
- عبارة عن خلية بيروفسكايت ملاصقة بشكل مباشر مع طبقة (TiO2-Compact).
- خلية بيروفسكايت ولكنها معكوسة الطبقات، طبقة نواقل الشحنة الموجبة في الأسفل وتترسب عليها طبقة البيروفسكايت، وطبقة نواقل الإلكترونات في الأعلى وتترسب على طبقة البيروفسكايت.
- مستويات الطاقة لطبقة البيروفسكايت لانتقال الإلكترون e والشحنة الموجبة h وكذلك مستويات الطاقة لطبقات النواقل، حيث (TCO) هي اختصار لـ Transparent Conductive Oxide) 7).
ولأن طرق تبلور هذه المادة بشكل صحيح يؤدي إلى تقليل كثافة العيوب، فإن مادة البيروفسكايت أثبتت ذلك بسرعة معدل تحسينها وهو الأقل تكلفة والأكثر سهولة، مما أدى إلى عدم بقاء هذه المادة محصورة في مجال الخلايا الشمسية، بل أصبح الأمر أبعد من ذلك؛ إذ إن نطاق الفجوة القابل للتغيير وسلامة التركيب البنائي من العيوب التي تجعلها الأكثر استخداما في كثير من المجالات الكهروبصرية المذكورة سابقا. تغيير نطاق الفجوة لامتصاص مختلف أطوال الضوء، مما يجعل لنا القدرة على انتقائية امتصاص هذه الأطوال الموجية، فيضاف إلى مميزات البيروفسكايت العضوية وغير العضوية. ولسهولة التبلور لهذه المادة في بعض مركباتها أدى إلى قابلية ترسيبها على ركائز مرنة في درجات حرارة أقل من 100 درجة مئوية.


الشكل 2: رسم تمثيلي لخلايا البيروفسكايت مختلفة الأنواع في ترتيب طبقات النواقل
خلايا البيروفسكايت المرنة (Flexible Perovskite Solar Cells):
الخلايا الشمسية المرنة تتميز بخفة وزنها وسهولة التركيب على الأسطح المقوسة مع اختصار المساحة في حالة الاستغناء عنها ليلا. ويُمكن استخدامها في تطبيقات الفضاء لخفة وزنها، وكذلك لاحتوائها على البلاستيك الذي يُعطي حماية لطبقة البيروفسكايت من الإشعاعات الكونية القوية خارج الغلاف الجوي للأرض. ومن مميزات المرونة لديها إمكان طباعتها بسهولة على الركائز الرقيقة مما يجعل طرق توليفها أسرع. بالإضافة إلى ذلك، تتميز الخلايا الشمسية المرنة بتكلفتها المنخفضة، وهذا يعني أنها ستتوفر بسعر مناسب للمستخدمين في جميع أنحاء العالم، مما يضمن انتشار الطاقة النظيفة إلى أقصى الأماكن والمدن المتدنية اقتصاديا. وتحتوي طبقات الخلايا المرنة على ETL وطبقة بيروفسكايت وHTL وهي مماثلة بشكل كبير في الركائز الزجاجية، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الركائز البلاستيكية لا تتحمل حرارة أكبر، مما يؤدي إلى صعوبة تلدين وتحسين بعض الطبقات بالحرارة فينعكس سلبا على كفاءتها في التحويل. ومن هذه الركائز البلاستيكية PET (Polyethylene terephthalate) و PEN((poly(ethylene 2,6-naphthalate)، والزجاجية المرنة ذات التكلفة الأعلى مثل willow glass، التي تتميز بمرونتها وتحمل درجات الحرارة إلى أعلى من 400 درجة مئوية مقارنة مع الركائز البلاستيكية التي تتأثر بحرارة أعلى من 150 درجة مئوية.8 يُستخدم في الركائز البلاستيكية طبقة ITO كموصل شفاف وهذا الموصل تترسب عليه الطبقات التالية سالفة الذكر في الأعلى. ويوضح الشكل 3 مثال عن هذه الخلايا المرنة والطبقات المستخدمة فيها. وبشكل عام ترتبط كفاءة خلايا البيروفسكايت بمساحة هذه الخلايا؛ فكلما زادت المساحة لالتماس الجزء المعدني مع سطح مصدر الشحنات في الخلية كلما قلت الكفاءة بسبب صعوبة المحافظة على تجانس الطبقات وانطباقها على بعض.
تقتصر هذه الخلايا على الجهد المكثف من أجل تحسين كفاءتها التحويلية التي تحتاج إلى تقليل درجة حرارة التلدين لطبقات ETL أو طبقات البروفسكايت، أو تطوير مواد بلاستيكية لها قدرة على تحمل درجات حرارة عالية. التعاون الوطني في هذا المجال قريب جدا، فمن أشهر الشركات المصنعة للرقائق البلاستيكية هي شركة سابك، والتعاون الذي سيتم بينها وبين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في هذا المجال سيكون مثمرًا للغاية.


الشكل 3: طبقات خلايا البيروفسكايت على ركيزة مرنة حيث TE هي اختصار Transport Electrode.
خلية البيروفسكايت كخلية ترادفية ذات الطرفين (T2 Perovskite Tandem Solar Cell):
يمكن تعريف الخلايا الترادفية ذات الطرفين بأنها خلية تحتوي على خليتين شمسيتين متصلتين فوق بعضهما، الخلية العلوية تمتص نطاقًا معينًا من الطيف الشمسي (ذات نطاق فجوة كبيرة 1.7 eV)، وتكون شفافة لبقية الطيف الشمسي وهذا الطيف المتبقي يعبر حتى يصل إلى الخلية السفلية (ذات نطاق فجوة صغيرة 1.1 eV)، ويكون بين الخليتين طبقة شفافة تُسمى بطبقة التداخل للشحنات المستثارة القادمة من كلتا الخليتين9. تُستخدم خلية البيروفسكايت كمادة معاونة في إنتاج وتحسين القابلية لامتصاص أكبر قدر من الطيف الشمسي في خلايا السيليكون، حيث إن وضع مركب بيروفسكايت ذي كفاءة امتصاص عالية للأطوال الموجية التي طاقتها تبدأ من eV 1.7 على خلية من السيليكون ذات كفاءة امتصاص ضعيف في الأطوال الموجية ذات طاقة أعلى من eV 1.7 ، أثبت نجاحه في تحسين الكفاءة ككل مع تقليل التكلفة، وعلى المستوى الوطني والعالمي قام فريق في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بتحسينها حتى وصلت إلى 33.2% من كفاءة التحويل حتى عام 1,102023. وما يُسلط عليه الضوء على المستوى العالمي هو إنتاج خلايا ذات كفاءة عالية وكلفة إنتاج منخفضة.
ويعود سبب إمكانية تطبيق هذه الخلية الترادفية إلى خصائص المادة التي يتم ترسيبها فوق جزء الشحنة الموجبة لخلية السيليكون (و تسمح للضوء المتبقي الذي لم تمتصه خلية البيروفسكايت المرور إلى الطبقة الموجبة من خلية السيليكون)، ومن خصائص هذه المادة أنها تستقبل الشحنات المثارة؛ حيث إن الشحنات تخترقها دون فقد كبير في طاقتها، ويمكن تمثيل هذه الطبقة بالنفق وتُسمى بـ Tunnel layer أو intermediate layer؛ أي أنها طبقة ذات قابلية لجمع وتوصيل الشحنات (الموجبة والسالبة المثارة) عبر سُمكها، وليكن هنا على سبيل المثال الشحنة السالبة القادمة من طبقة حوامل الإلكترونات (ETL) من خلية البيروفسكايت، وتتداخل مع الشحنات الموجبة للطبقة الموجبة لخلية السيليكون دون حدوث فقد كبير في الجهد11. وتترسب هذه الطبقة فوق الطبقة الموجبة للسيليكون، ثم تترسب بقية طبقات خلايا البيروفسكايت حتى يصبح لدينا خلية ترادفية مكونة من خليتين مرتبطتين على التوالي أي بجهد مضاعف. ومن مواد هذه الطبقات النفقية ثاني أكسيد القصدير المطعم بالأنديوم (ITO) والمطعم بالزنك (ZTO) والألومنيوم، وكذلك أكسيد الزنك المطعم بالألمونيوم (AZO)، حيث إن السُمك المناسب لهذه الطبقات يلعب دورا هاما في تحسين خاصية النفقية في الشحنات. وبالتالي فإن طريق البحث والتطوير لايزال مستمرا رغم وجود الصعوبات في خلايا البيروفسكايت من أجل الحصول على تكلفة إنتاج كهربائية أقل ما يكون، خصوصا من بعد اقترانها مع خلايا السيليكون التجارية، فخلية البيروفسكايت لازالت في أوج الاهتمام في البحث والتطوير.


هل يمكن أن نرى خلايا البيروفسكايت كمنتج تجاري؟
لا يزال الطريق طويلا من أجل الحصول على منتج تجاري بسبب تنافسية الاستقرارية لخلايا البيروفسكايت مع خلايا السيليكون على سبيل المثال. تتراوح المدة الزمنية المستقرة للتحويل الكهربائي إلى أعلى من 80% من الكفاءة القصوى لخلايا السيليكون تحت الضوء بما يقارب 20 عاما، والبيروفسكايت بما يقارب أربع سنوات مع كفاءة أقل. هذا الفرق الكبير في الاستقرارية يجعل الطريق طويلا في سبيل أن نراها في الأسواق. وتتأثر استقرارية خلايا البيروفسكايت على نوعين؛ الأول جوهرية وتتمثل في نوعية طبقات نواقل الشحنات المتلاصقة المستخدمة، حيث إن هذه الطبقات بعضها يعاني من ضعف استقراريتها بسبب تفاعلها مع بعضها لبعض، فعلى سبيل المثال تفاعل الذهب أو الفضة مع Hole Transport Lair material (HTL) 2,2′,7,7′-Tetrakis[N,N-di(4-methoxyphenyl)amino]-9,9′-spirobifluorene (spiro-OMeTAD) حيث يضاف إلى مادة Spiro-OMeTAD مركب ملحي يحتوي على عنصر Li لتعزيز أدائها كطبقة حاملة للشحنة الموجبة. ولكن ينتج عن Li مشكلة الانتشارية إلى طبقة البيروفسكايت، التي تؤدي إلى تسريع عملية تفكك مادة البيروفسكايت وتسريع عملية الانتشارية لبعض العناصر الأخرى في الخلية. ومن المشكلات أيضا احتواء طبقة البيروفسكايت على أيونات حرة بسبب العيوب البلورية، وتتأثر وتتحرك بفعل القطبية الكهربائية أثناء اختبار الخلايا تحت الاستضاءة لوقت طويل، مما يجعل هذه الأيونات تسكن بالقرب من مساحة الالتماس بين Spiro-OMeTAD والبيروفسكايت، وبين TiO2 والبيروفسكايت. وهذا الانتقال للأيونات يؤدي إلى تسريع عملية انتشارية الذهب ليتكون AuI في طبقة البيروفسكايت، وكذلك انتقال اليود إلى طبقة الذهب بشكل عكسـي من طبقة البيروفسكايت، هذه الهجرة الأيونية تتكون على الأغـلب من العناصر والكـاتيونات التالية (I–, MA+, Pb+2) 12. وبالتالي فإن ذرات Li والذهب أو المعادن لديها طاقة تستطيع أن تخترق وتنتقل وتتفاعل مع البيروفسكايت، مما يولد تفكك طبقة البيروفسكايت وتحولها إلى طبقة غير نشطة كهروضوئية. وعند الاستضاءة سوف تتعرض الخلية إلى القطبية الكهربية التي تعزز الهجرة الأيونية، وكذلك الانتشارية لعناصر الأقطاب المعدنية، مما يُسرع من عملية التدهور في استقرارية الطبقات، وبالتالي تضعف مؤشرات الأداء للخلية ككل. وجرى تنفيذ عدة محاولات في كبح هذه الهجرة من طبقات خلية البيروفسكايت ومنعها من الوصول إلى طبقة HTL أو الذهب وغيره، وذلك بترسيب طبقة من مواد عضوية قليلة السماكة بين البيروفسكايت وطبقة HTL، وكذلك التطعيم في طبقة البيروفسكايت بحيث تكون قادرة بشكل نسبي على منع تكون هذه الأيونات أو هجرتها، وتحسين متغيرات اختبارات الأداء للخلية تحت الاستضاءة12–14.
ومن الحلول التي من الممكن أن تنجح رغم حياء كفاءتها هو تغيير طبقة المعدن النشطة كالذهب والفضة بالكربون الموصل، ووضعه أيضا كموصل بديل الذهب أو أيضا كبديل للذهب وكناقل للشحنة الموجبة مع الاستغناء عن طبقة HTL، مما عزز الاستقرارية دون كفاءة تحويل مماثلة للمعدن. حيث أثبتت دراسات كثيرة عدم ثبات طبقة (spiro-OMeTAD) مع درجة الحرارة التي تبدل الكثير من خواصها الكهربائية الناجعة عند تعريضها للحرارة. وبالتالي تغيير هذه الطبقة أيضا يندرج تحت معالجة مشكلة الاستقرارية. ومن المشاكل الخارجية غير الحرارة التي يجب ألا تصل إلى خلية البيروفسكايت هو تعريضها إلى الأكسجين والرطوبة والأشعة الفوق بنفسجية. فالتغليف والتحضير في مكان مناسب له دور في تدوير الدفّة نحو التغلب على الأكسدة وتفكك طبقة البيروفسكايت. وتبديل طبقة ETL المعروفة بمركب TiO2 بـ SnO2 التي تعطي استقرارية أكبر تحت التعرض للأشعة الفوق البنفسجية للإشعاع الشمسي من 15TiO2. إذ إن SnO2 أثبتت أنها تعطي استقرارية أفضل تحت الأشعة البنفسجية.


ومن المشاكل الجوهرية لطبقة البيروفسكايت المعتمدة على MAPbI3 أنها تتفكك إلى PbI2عند تعريضها إلى درجة حرارة تقارب 80 درجة مئوية بفعل قابلية MA للتحول إلى الحالة الغازية مع ارتفاع درجة الحرارة. وأما فيما يتعلق بـــ FAPbI3 فله استقرارية حرارية أفضل بكثير من MAPbI3 16، ولكن لها تأثر سريع بالرطوبة إذ يتبدل طورها الأسود المرغوب فيه في الخلايا الشمسية إلى طور أصفر غير نشط كهربائيا. والخلط بين هذين المركبين يساعد على زيادة الاستقرارية لهما، وتقليل نقاط الضعف فيهما. طرق التحسين مستمرة ومن أفضل الحلول تطوير مواد تغليف لمعالجة المشاكل الخارجية 17. وفيما يتعلق في تبديل الطبقات التي تؤدي إلى بعض العيوب في الخلية، فالعمل والبحث والتطوير يجري على نطاقين؛ اختبار وتطوير الكثير من طبقات النواقل، والكثير من طرق تحسين التبلور التي تعزز استقراريه طبقة البيروفسكايت.
المراجع:
(1) Best Research-Cell Efficiency Chart. https://www.nrel.gov/pv/cell-efficiency.html (accessed 2023-05-17).
(2) Roy, P.; Ghosh, A.; Barclay, F.; Khare, A.; Cuce, E. Perovskite Solar Cells: A Review of the Recent Advances. Coatings 2022, 12 (8). https://doi.org/10.3390/coatings12081089.
(3) Kim, H.; Han, J. S.; Choi, J.; Kim, S. Y.; Jang, H. W. Halide Perovskites for Applications beyond Photovoltaics. Small Methods 2018, 2 (3), 1700310. https://doi.org/10.1002/smtd.201700310.
(4) Alanazi, A. Q.; Almalki, M. H.; Mishra, A.; Kubicki, D. J.; Wang, Z.; Merten, L.; Eickemeyer, F. T.; Zhang, H.; Ren, D.; Alyamani, A. Y.; Albrithen, H.; Albadri, A.; Alotaibi, M. H.; Hinderhofer, A.; Zakeeruddin, S. M.; Schreiber, F.; Hagfeldt, A.; Emsley, L.; Milić, J. V.; Graetzel, M. Benzylammonium-Mediated Formamidinium Lead Iodide Perovskite Phase Stabilization for Photovoltaics. Adv. Funct. Mater. 2021, 31 (30), 2101163. https://doi.org/10.1002/adfm.202101163.
(5) Ou, Q.; Bao, X.; Zhang, Y.; Shao, H.; Xing, G.; Li, X.; Shao, L.; Bao, Q. Band Structure Engineering in Metal Halide Perovskite Nanostructures for Optoelectronic Applications. Spec. Issue Two-Dimens. Nanomater. 2019, 1 (4), 268–287. https://doi.org/10.1016/j.nanoms.2019.10.004.
(6) Tao, S.; Schmidt, I.; Brocks, G.; Jiang, J.; Tranca, I.; Meerholz, K.; Olthof, S. Absolute Energy Level Positions in Tin- and Lead-Based Halide Perovskites. Nat. Commun. 2019, 10 (1), 2560. https://doi.org/10.1038/s41467-019-10468-7.
(7) Hamukwaya, S. L.; Hao, H.; Zhao, Z.; Dong, J.; Zhong, T.; Xing, J.; Hao, L.; Mashingaidze, M. M. A Review of Recent Developments in Preparation Methods for Large-Area Perovskite Solar Cells. Coatings 2022, 12 (2). https://doi.org/10.3390/coatings12020252.
(8) Hu, Y.; Niu, T.; Liu, Y.; Zhou, Y.; Xia, Y.; Ran, C.; Wu, Z.; Song, L.; Müller-Buschbaum, P.; Chen, Y.; Huang, W. Flexible Perovskite Solar Cells with High Power-Per-Weight: Progress, Application, and Perspectives. ACS Energy Lett. 2021, 6 (8), 2917–2943. https://doi.org/10.1021/acsenergylett.1c01193.
(9) Lin, R.; Xu, J.; Wei, M.; Wang, Y.; Qin, Z.; Liu, Z.; Wu, J.; Xiao, K.; Chen, B.; Park, S. M.; Chen, G.; Atapattu, H. R.; Graham, K. R.; Xu, J.; Zhu, J.; Li, L.; Zhang, C.; Sargent, E. H.; Tan, H. All-Perovskite Tandem Solar Cells with Improved Grain Surface Passivation. Nature 2022, 603 (7899), 73–78. https://doi.org/10.1038/s41586-021-04372-8.
(10) KAUST team sets world record for tandem solar cell efficiency. KAUST. https://www.kaust.edu.sa/news/kaust-team-sets-world-record-for-tandem-solar-cell-efficiency (accessed 2023-05-17).
(11) Zhang, M.; Lin, Z. Efficient Interconnecting Layers in Monolithic All-Perovskite Tandem Solar Cells. Energy Environ. Sci. 2022, 15 (8), 3152–3170. https://doi.org/10.1039/D2EE00731B.
(12) Khan, R.; Ighodalo, K. O.; Xiao, Z. Ion Migration in Metal Halide Perovskites Solar Cells. In Soft-Matter Thin Film Solar Cells: Physical Processes and Device Simulation; Ren, J., Kan, Z., Eds.; AIP Publishing LLC; p 0. https://doi.org/10.1063/9780735422414_003.
(13) Zhao, Y.; Yavuz, I.; Wang, M.; Weber, M. H.; Xu, M.; Lee, J.-H.; Tan, S.; Huang, T.; Meng, D.; Wang, R.; Xue, J.; Lee, S.-J.; Bae, S.-H.; Zhang, A.; Choi, S.-G.; Yin, Y.; Liu, J.; Han, T.-H.; Shi, Y.; Ma, H.; Yang, W.; Xing, Q.; Zhou, Y.; Shi, P.; Wang, S.; Zhang, E.; Bian, J.; Pan, X.; Park, N.-G.; Lee, J.-W.; Yang, Y. Suppressing Ion Migration in Metal Halide Perovskite via Interstitial Doping with a Trace Amount of Multivalent Cations. Nat. Mater. 2022, 21 (12), 1396–1402. https://doi.org/10.1038/s41563-022-01390-3.
(14) Zai, H.; Ma, Y.; Chen, Q.; Zhou, H. Ion Migration in Halide Perovskite Solar Cells: Mechanism, Characterization, Impact and Suppression. Celebr. 100th Anniv. Chemisry Nankai Univ. 2021, 63, 528–549. https://doi.org/10.1016/j.jechem.2021.08.006.
(15) Wan, F.; Qiu, X.; Chen, H.; Liu, Y.; Xie, H.; Shi, J.; Huang, H.; Yuan, Y.; Gao, Y.; Zhou, C. Accelerated Electron Extraction and Improved UV Stability of TiO2 Based Perovskite Solar Cells by SnO2 Based Surface Passivation. Org. Electron. 2018, 59, 184–189. https://doi.org/10.1016/j.orgel.2018.05.008.
(16) Schutt, K.; Nayak, P. K.; Ramadan, A. J.; Wenger, B.; Lin, Y.-H.; Snaith, H. J. Overcoming Zinc Oxide Interface Instability with a Methylammonium-Free Perovskite for High-Performance Solar Cells. Adv. Funct. Mater. 2019, 29(47), 1900466. https://doi.org/10.1002/adfm.201900466.
(17) Aitola, K.; Gava Sonai, G.; Markkanen, M.; Jaqueline Kaschuk, J.; Hou, X.; Miettunen, K.; Lund, P. D. Encapsulation of Commercial and Emerging Solar Cells with Focus on Perovskite Solar Cells. Sol. Energy 2022, 237, 264–283. https://doi.org/10.1016/j.solener.2022.03.060.