التوجهات‭ ‬والمبادرات‭ ‬

العالمية‭ ‬في‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬

د. أحمد الفيفي الهندسة الكهربائية – مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية – السعودية

تلعب صناعة أشباه الموصلات دورًا بالغ الأهمية في الاقتصاد العالمي، حيث تقود الابتكار والنمو في مختلف القطاعات مثل الإلكترونيات المنزلية، وأجهزة الاتصالات، وأنظمة القيادة الذاتية، والتحكم في السيارات، وغيرها. وقد حقق سوق أشباه الموصلات العالمي إيرادات ضخمة بلغت 532 مليار دولار في 2021 إبان أزمة كورونا، وشح العرض مقارنة بالطلب في هذا السوق، مما يدل على زيادة أهمية هذه المكونات في حياتنا اليومية. تشكل أشباه الموصلات حجر الزاوية للعديد من التطبيقات بدءا من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر إلى المعدات الطبية المتقدمة والمركبات ذاتية القيادة. ومع تزايد اعتماد العالم على التقنيات الحديثة يتضح جلياً أهمية وجود صناعة أشباه موصلات عالمية قوية ومرنة.

وإدراكًا للأهمية الاستراتيجية لقطاع أشباه الموصلات، وكونها من أبرز أجزاء سلاسل الإمداد للكثير من الصناعات، فقد اهتمت العديد من الدول والاقتصادات العالمية بشكل كبير بتوطين هذه الصناعة؛ والهدف من ذلك تقليل الاعتماد على سلاسل الإمداد الأجنبية، وتعزيز القدرات المحلية، فعلى سبيل المثال أعلنت الولايات المتحدة في 2021 عن خطة Chips Act بقيمة 52 مليار دولار لدعم التصنيع المحلي لرقائق أشباه الموصلات ودعم أعمال البحث والتطوير في هذه التقنيات، في حين كشف الاتحاد الأوروبي عن خطة استثمارية أسماها European Chips Act بقيمة 145 مليار دولار تهدف إلى مضاعفة حصته من إنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة إلى 20٪ بحلول عام 2030. واستثمرت الصين مليارات الدولارات في مبادرة Made In China لبناء قدرات محلية في صناعة أشباه الموصلات وتقليل اعتمادها على التقنية الغربية؛ وذلك بهدف تحقيق 70٪ من الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2025.

\

أحد شرائح السيليكون التي تم تصنيعها من قبل البرنامج في معامل أشباه الموصلات بالمدينة

ونظرا لكون تطوير الكفاءات البشرية وتمكين البحث والتطوير من أهم أركان توطين الصناعة، فقد أولت معظم الدول أهمية بالغة لبرامجها المحلية الداعمة للبحث والتطوير في مجال الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، حيث تملك الدول المتقدمة في هذه الصناعة برامج مختلفة تعمل على دعم تكلفة تطوير التقنيات والكوادر البشرية في هذا المجال، مثل تحالف Europratice الأوروبي وCMC الكندي وغيرهم. وقد أطلقت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية برنامجًا مماثلًا باسم برنامج أشباه الموصلات السعودي Saudi Semiconductors Program في مؤتمر مستقبل أشباه الموصلات في شهر مارس 2022، والذي أقامته مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، بهدف تمكين أنشطة البحث والتطوير وتأهيل القدرات الوطنية في هذا المجال بما يخدم مجالات توطين الصناعة التي تعمل المملكة على توطينها. حيث يعمل البرنامج على إزالة العوائق التي تواجه الباحثين والطلاب في هذا المجال، مثل الوصول إلى أدوات التصميم وإمكانية التدريب على أجهزة تصنيع أشباه الموصلات، كما تم تشكيل لجنة توجيهية وطنية للإشراف على سير عمل البرنامج ومواءمة الجهود في هذا المجال. 

يعمل برنامج أشباه الموصلات السعودي في مسارين متوازيين بالتعاون مع الجامعات المحلية لتطوير كوادر وطنية قادرة على العمل في جزئيتي التصميم والتصنيع للرقائق الإلكترونية، وذلك بالاعتماد على قدرات معامل أشباه الموصلات المتقدمة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وخبراء المدينة في هذا المجال، حيث تم إكمال أول عملية تصنيع رقائق إلكترونية من تصميم طلاب الجامعات السعودية في فبراير 2023، كما يجري العمل على إضافة تقنيات تصنيع متقدمة تخدم تطبيقات مختلفة. وفي شق التأهيل على تقنيات تصنيع أشباه الموصلات قام البرنامج بتدريب وتأهيل أكثر من 120 طالبًا وباحثًا للعمل على تقنيات أشباه الموصلات في الفترة ما بين فبراير 2022 وفبراير 2023 في مسارات مختلفة مصممة حسب مستوى المتدرب.

Share This