الثورة الصناعية الرابعة

والتقنية الحيوية

م. بدر العوفي- هندسة حيوية- هيئة الغذاء والدواء- السعودية

في عام 1997 تمكن حاسوب شركة (IBM) الخارق: ديب بلو (Deep Blue )من هزيمة بطل العالم بلعبة الشطرنج آنذاك غاري كاسبروف، الذي نال لقب بطل العالم بالشطرنج لمدة 15 عامًا (الشكل 1)! رفض كاسبروف التصديق حينًا، ولكنه أعترف أخيرًا بالهزيمة وعلق على ذلك بقوله “لقد كان لعب الكمبيوتر إنسانيًا للغاية”! لم تكن هذه المباراة تقليدية، فلعبة الشطرنج مبنية على عدد ضخم من الاحتمالات، وتتطلب (صنع قرار) تحريك العناصر وفقًا لتحركات الخصم. غير أن خوارزمية ديب بلو كانت مبرمجة لاعتبار 200 مليون احتمال بالثانية! ما أتاح لها تحليل المخاطر والمنافع عند إجراء كافة التحركات برقعة الشطرنج، بما يحاكي السلوك البشري[1].

ومنذ ذلك الحين، ابتدأت مرحلة “أنسنة الآلة” -إن صح التعبير- التي تطمح لبناء آلات بخوارزميات تحاكي السلوك البشري. ولم يتوقف الأمر على محاكاة الآلة للسلوك البشري بالألعاب، بل اشتمل كافة أشكال (صنع القرار) التي يحتاجها البشر، وذلك من خلال بناء نماذج ترتكز على: (البيانات الضخمة) و(القدرة الفائقة على معالجة البيانات)! في عالم اليوم، وباعتبار التطورات المتسارعة بثورة البيانات، كبيانات علم الجينوم وبيانات مواقع التواصل الاجتماعي، يعتقد الباحثون أن تتمكن الآلة قريبًا من اتخاذ القرار الأنسب نيابة عنا! ليس وفقًا لمخرجات عقولنا الظاهرة فقط، بل وبما يتوافق مع مخزون عقولنا الباطنة أيضًا! ولهذه الاعتبارات، تهدف هذه المقالة لتسليط الضوء على خوارزميات البيانات الضخمة، واستعراض أبرز تطبيقاتها المرتبطة بدعم القرار الطبي.

نظرة شاملة بالثورات الصناعية

لطالما أدرك البشر محدودية قدراتهم الجسدية، مما دعا إلى الاستعانة بقدرات الحيوان بكافة المهام التي تتطلب مجهودًا بدنيًا عاليًا، كالتنقل والزراعة وسحب المياه. ومع ذلك، فقد ظل الإنسان شغوفًا باستكشاف قدرات الطبيعة من حوله. فجاءت أول ترجمة عملية لهذا الاستكشاف في أواخر القرن الثامن عشر عند اكتشاف المحرك البخاري، الذي أسهم بظهور مرحلة “الثورة الصناعية الأولى”. اعتمد المحرك البخاري في مبدئه على استخدام قوة البخار لتأدية الأعمال الميكانيكية، فظهرت سكك الحديد وآلات النسيج والفلاحة. وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر ابتدأت مرحلة “الثورة الصناعية الثانية”، بأثر ابتكار الطاقة الكهربائية التي ساهمت بظهور العديد من التطبيقات التي تلبي احتياجات البشر. كما تميزت هذه المرحلة بتطوير محرك الاحتراق الداخلي، الذي قاد إلى ثورة في صناعة النقل، كالسيارات والطائرات. وبحلول الربع الأخير للقرن العشرين، سعى البشر إلى تطوير قدراتهم العقلية، ما أسفر عن بداية مرحلة “الثورة الصناعية الثالثة”، التي تميزت بظهور الكمبيوتر والمعالجات الدقيقة والأنترنت. لعب الكمبيوتر دورًا في تطوير القدرات الذهنية للبشر: بالحساب والذاكرة ومعالجة البيانات، كما أحدث الأنترنت ثورة بالمعلومات وتطورًا بأنظمة الاتصالات[3].

الشكل 2: لمحة عامة للثورات الصناعية مع عرض أبرز مميزات كل ثورة.

واليوم، أصبحت الآلة مكملة لقدرات البشر الجسدية والعقلية، غير أن هذه الآلة تظل موجهة، ولا تعمل إلا وفق أوامر البشر! ولا تمتلك الحدس لاتخاذ القرار المناسب! فهل يمكن برمجة وتصميم الآلة لتجسير هذه الفجوة؟ ظلت الإجابة على هذا السؤال طيلة العقود المتأخرة من القرن العشرين ضربًا من ضروب الخيال العلمي التي تشغل صالات السينما، أكثر من كونها بحوثًا علمية قابلة للبحث والتطوير والابتكار! ومع مطلع القرن الواحد والعشرين، تمكن البشر من تقديم ابتكارات متسارعة بفرعين من العلوم: التقنية الطبية وتقنية المعلومات. ساهمت التقنية الطبية بتقديم بيانات ضخمة حول التكوين البشري ودلالات الإشارات الحيوية، في حين قدمت تقنية المعلومات القدرة الفائقة على قراءة ومعالجة وتحليل البيانات. ومن هنا أدرك الباحثون إمكانية تطوير قدرة اتخاذ القرار بالآلة، التي ستمتلك المعلومات من جانب، وتمتلك القدرة على قراءتها وتحليلها من جانبٍ آخر! أشار كلاوس شواب، رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، أن “الثورة الصناعية الرابعة” تتميز بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وتسعى لتشكيل مزيج من العلوم، ومنها الرقمية والبيولوجية[4]. كما أشار يوفال نوح هراري، الباحث بالتاريخ البشري، أن الثورة الصناعية التي نعيشها اليوم تتسارع من خلال اندماج تقنية المعلومات والتقنية الطبية، التي ستتيح تصميم آلات ذكية تمتلك الحدس لاتخاذ القرار. وبآلية مشابهة لطريقة العقل البشري، سيكون ذلك من خلال تمكين الآلة من دراسة الأنماط، والسرعة الفائقة بحساب وتحليل الاحتمالات[5].

دراسة الأنماط بين الإنسان والآلة

أشار علماء طب الأعصاب وعلم النفس المعرفي أن الآلية التي يعتمدها العقل البشري بالإدراك تقوم على مطابقة أنماط المعلومات الواردة مع أنماط المعلومات المخزنة بالذاكرة. فعند تلقي منبه من البيئة، تبتدئ معالجته بالذاكرة قصيرة الأمد، التي تسبب استدعاء لمحتوى مشابه بالنمط في الذاكرة طويلة الأمد[6]. وقد تعددت النظريات التي تصف هذه الآلية، وأبرزها “نظرية الإدراك من خلال المكونات” التي اقترحها عالم النفس الأمريكي أرفينج بيدرمان (1987)[7]. كما تمكن علماء المخ والأعصاب من تحديد منطقة بالدماغ البشري متخصصة بتمييز الأشكال تسمى: (Fusiform gyrus). ففي تجربة أجريت بجامعة ستانفورد الأمريكية في عام 2012، تمكن فريق بحثي من تقديم الدليل على ذلك، حيث تم تعريض إشارات كهربائية لهذه المنطقة بدماغ أحد المرضى، مما أدى لفقدان هذا المريض القدرة على التعرف على الأشكال، برغم عدم تأثر وظائف الدماغ الأخرى[8].

من جانبٍ آخر، وعند تتبع مراحل تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، نجد أن الجيل الأول قد اعتمد على بناء خوارزميات شرطية (Rule-based AI)، ترتكز على بناء أمر شرطي لكل قاعدة، بحيث يتم توجيه الحاسوب لاتخاذ الأمر عند تحقق الشرط. وعلى الرغم من كون المخرج بهذه الحالة أكثر دقة، إلا أنه يتطلب بناء أوامر شرطية لا نهائية عندما يتعلق الأمر باحتمالات لا نهائية، كالسلوك البشري أو تحليل الصور[9]. أما الجيل الثاني فاعتمد على بناء خوارزميات بآلية تشبه آلية عمل العقل البشري، من خلال التعرف على الأنماط (Pattern-recognition AI) التي تمثل أحد أشكال التعلم الآلي[10]. ويتم في هذه الحالة محاكاة العقل البشري، بحيث يتم تزويد الخوارزمية ببيانات ضخمة (كمكتبة للصور، أو قاعدة بيانات للجينوم) تمثل العقل الباطن للنظام. فيقوم الحاسوب بحساب احتمالات تشابه الأنماط واتخاذ القرار وفقًا لذلك[11]. وباعتبار التطور المستمر لهذا التوجه، في ظل تنامي البيانات الضخمة، فمن المعتقد أن يقود لتطبيقات حيوية مهمة كتحليل بيانات الجينوم البشري، وتحليل أنماط البيانات الضخمة بمنصات التواصل الاجتماعي.

الطب الدقيق: تخصيص العلاج وفق بيانات الجينوم

تم خلال الفترة 1990-2003 العمل على مشروع الجينوم البشري، تحت إدارة وزارة الطاقة الأمريكية ومعهد الصحة الوطني الأمريكي. نتج عن المشروع فك رموز الجينات البشرية التي تجاوزت 22 ألف جين، وتحديد تسلسل الشيفرة الوراثية للبشر والتي شكلت ما يزيد عن 3 مليار زوج قاعدي، يُرمز للتسلسل بأربعة أحرف تشير لقواعد نيتروجية تمثل التنوع الوراثي: [12](A,T,C,G). وهذا التسلسل يمثل -بلا شك- بيانات ضخمة، فلو تم سرد هذه الأحرف متتالية، لتطلبت ما يزيد عن مليوني صفحة كتابة قياسية! أما اليوم، فأصبحت عملية تحديد التسلسل الوراثي ميسرة، ولكن تحليل دلالات هذا التسلسل ما يزال معقدًا، لما يتضمنه من بيانات ضخمة واحتمالات لا نهائية. غير أن تطور أنظمة تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي قد زود المختصين بالأدوات اللازمة للبحث والتنقيب بهذه البيانات، مما ساهم بولادة علم “الطب الدقيق”.

يشير الطب الدقيق للمجال الذي يدرس عملية تخصيص العلاج باعتبار الفروق الجينية والبيئية والسلوكية بين الأفراد. حيث إن العلاج بالوقت الراهن يُصنع ليكون فعالًا لمتوسط البشر وبدون اعتبار الفئات التي لا تستجيب للعلاج، يسعى الطب الدقيق لفرز الأفراد إلى مجموعات جينية وتصنيع العلاج وفق احتياج كل مجموعة. ولتبسيط منهج تحديد التغيرات الجينية، ينبغي أن ندرك أن البشر يتشابهون جينيًا بنسبة %99.9، وفق مخرجات مشروع الجينوم البشري، وأن جميع الاختلافات بالأعراق والصفات تعود فقط لما نسبته %0.1. وهذه النسبة ضئيلة أمام كامل الجينوم (3 مليار زوج قاعدي)، ولكنها ليست ضئيلة لتشكيل أوجه الاختلاف بين البشر، إذ تشكل 300 مليون زوج قاعدي! ولتحديد هذه الفروقات، يسعى الباحثون أولًا لدراسة تسلسل الشيفرة الوراثية للأفراد، ومن ثم استخدام الحواسيب لدراسة أنماط الاختلاف بكل شيفرة وتسمى (SNP)، الشكل 3[13].

الشكل 3: نموذج توضيحي لمكونات (DNA) (أربعة أحرف) وآلية تحديد المتغيرات الوراثية بالأفراد (SNP](13].

تجدر الإشارة إلى أن التغيرات الوراثية المفردة (SNP) قد تمثل تفسيرًا لتفاوت البشر بالاستجابة للعلاج أو اختلاف المناعة، كما قد تمثل ارتباطًا بحالة مرضية معينة! وقد شكل هذا الفهم توجهًا عامًا لدى الباحثين بعلم الطب الدقيق مما قاد لمحاولة ربط الأمراض مع التغيرات الوراثية المحتملة، بمنهجية تسمى (Gene-Wide Association Studies “GWAS”i). ويجري ذلك من خلال جمع عينات لحالات مرضية معينة وحالات لأفراد أصحاء، وبعد تحديد الشيفرة الوراثية للمجموعتين، يتم الاستعانة بالحاسوب لتحديد أنماط الاختلاف بالشيفرات الوراثية، وتحليل احتمالات علاقتها بالمرض (الشكل 4). تم اجراء هذه المنهجية لأول مرة في عام 2005[14]، من قبل علماء في جامعة ييل الأمريكية، حيث تم تحليل شيفرات أشخاص مصابين بمرض في شبكية العين (ARMD) ومقارنة ذلك مع شيفرات وراثية لأشخاص أصحاء، وقد أدى ذلك لتحديد التغير الوراثي المرتبط بالمرض[15]. وتوالت بعد ذلك الدراسات، حتى بلغت، وفق أحدث الإحصائيات، 6000 دراسة، حددت ما يزيد عن 400 ألف ارتباط! وقد جمعت بقواعد بيانات مفتوحة لتمكين الباحثين والمختصين من الاستفادة من هذه البيانات[16].

الشكل 4: نموذج توضيحي لدراسة ارتباط التغيرات الجينية المفردة بالأمراض وفق منهجية (GWAS) (13).

منصات التواصل الاجتماعي: نافذة الآلة على العقل الباطن

قد نعتقد أن الحكم على السمات الشخصية للأفراد، بما في ذلك من معرفة الانطباعات والتفضيلات والاهتمامات، هي مهارة اجتماعية “واعية”، لا تتم إلا من خلال البشر. ولكننا نتفاجأ في مرة نجد بها منصات التواصل الاجتماعي تقترح لنا إعلانًا تجاريًا يتوافق مع احتياجاتنا، أو مقاطع بث تنسجم مع اهتماماتنا وتفضيلاتنا! فهل يحدث هذا بمحض الصدفة؟ أم أن الآلة التي بحوزتنا تمتلك “الوعي” لفهم ما يثير فضولنا؟ الصواب أن خلف هذه التطبيقات شركات ضخمة، وسلعتها الأساسية البيانات! تقوم هذه الشركات بجمع بيانات أولية عن المستخدمين وتفضيلاتهم، ويتم بعد ذلك تغذية هذه المعرفة من خلال نشاط المستخدم (وفق ما يقوم بنشره، أو البحث عنه، أو الإعجاب به، أو متابعته، أو حتى مشاهدة المقاطع بشكل مكتمل!). فيتمكن حينئذٍ التطبيق من رسم شخصية تتشابه إلى حد كبير مع شخصية المستخدم، وبدقة قد تتغلب على معرفة الأصدقاء وأفراد العائلة، بل وعلى معرفة الشخص بنفسه! ففي عام 2015 تمكن مجموعة باحثين من جامعتي كامبيردج وستانفورد من تصميم نموذج لتمكين الكمبيوتر من التعرف على السمات الشخصية للمستخدمين، وفق بيانات ما يزيد عن 70 ألف مستخدم لمنصة فيسبوك. وعند اختبار مخرجات الدراسة، تمكن النموذج من إجراء توقعات حول تفضيلات الأفراد بدقة تجاوزت توقعات زملاء العمل والأصدقاء، وتجاوزت توقعات المستخدمين عن أنفسهم (بالمقارنة مع نتائج استبانات تم تعبئتها من قبل المستخدمين وتحليلها وفق معايير علم النفس)[17]! وقد سخر الباحثون العمق النفسي لبيانات منصات التواصل الاجتماعي لدراسة الأمراض والاضطرابات العقلية. ففي عام 2017، قام باحثون من جامعة هارفرد بتطوير نموذج للتنبؤ المبكر بحالات الاكتئاب، وفق محتويات وأنماط ما يقارب 300 ألف تغريدة بمنصة تويتر. وعند اختبار النموذج على شريحة من الأشخاص المشخصين مسبقًا بالمرض وآخرين أصحاء، تمكنت الخوارزمية من تحديد المصابين بدقة عالية. وعند تطوير النموذج، تمكنت الخوارزمية من التنبؤ بوجود علامات المرض لدى المشاركين قبل تأكيد المرض بالتشخيص السريري بعدة أشهر[18]. وبعد ذلك، قام الفريق ذاته بتكرار البحث من خلال تحليل ما يقارب 44 ألف صورة بمنصة انستقرام، حيث تم بناء خوارزمية لدراسة أنماط الصور التي يتم رفعها من قبل المصابين بالاكتئاب (الشكل 5). وعند تجربة النموذج، تمكنت الخوارزمية من تحقيق نتائج تفوقت على تشخيص الممارسين المختصين[19].

الشكل 5: مثال لأنماط الصور التي يتم مشاركتها من قبل المصابين بالاكتئاب. حيث كشفت الخوارزمية أن المصابين بمرض الاكتئاب يميلون لمشاركة الصور بتشبع ألوان أقل وسطوع منخفض، مقارنة مع الأصحاء[19].

كما تتميز بيانات منصات التواصل الاجتماعي بكونها بيانات حية وآنية، مما جعلها ذات قيمة لدى الباحثين في مجال الوبائيات والصحة العامة. أشارت المصادر لاستخدام هذه البيانات من قبل مراكز مكافحة الأوبئة الأمريكية للكشف عن مصادر التسمم الغذائي أو البيئي، وللكشف كذلك عن مواسم نشاط الأنفلونزا الموسمية[20]. ففي دراسة أجريت في جامعة جون هوبكنز الأمريكية، تمكن فريق البحث من تصميم خوارزمية لتحليل التغريدات بمنصة تويتر للكشف عن مواسم نشاط الأنفلونزا. وعند مقارنة مخرجات النموذج مع بيانات العدوى الفعلية، أظهر النموذج تشابه يمكن الاعتماد عليه بعمليات المسح الرقابي (الشكل 6)[21]. وعمومًا، فالبيانات الضخمة بمنصات التواصل الاجتماعي ذات قيمة عالية لكافة التطبيقات الطبية، فوفقًا لمراجعة منهجية صادرة في عام 2020 استطاع فريق الدراسة حصر 103 دراسة منشورة، اعتمدت بشكل رئيس على بيانات مستقاه من منصة فيسبوك لدعم أبحاثٍ طبية من مختلف المجالات[22].

الشكل 6: نموذج للتنبؤ بحالات العدوى بالأنفلونزا الموسمية وفق تحليل تغريدات تويتر. يشير المنحنى الأسود للبيانات الحقيقية للعدوى، والمنحنى الأزرق لمخرجات النموذج للتنبؤ بالعدوى، والمنحى المتقطع لكافة التغريدات[21].

مسافة الألف ميل ابتدأت بخطوة!

لم تكن مباراة الشطرنج بين بطل العالم كاسباروف وحاسوب ديب بلو مجرد لعبة! بل كانت تجربة لعرض قدرات الحاسوب الخارق، وخطوة علمية قادت لثورة صناعية! فبعد عامين من فوز ديب بلو بمباراة الشطرنج، أعلنت شركة (IBM) عن إنشاء معهد مختص لأبحاث الذكاء الاصطناعي بالتطبيقات الطبية، بني على ضوء تجربة الشركة مع مشروع ديب بلو، ويهدف لتسخير الحاسوب لتحليل العلاقات والأنماط الخفية في قواعد البيانات الضخمة[23]. قاد ذلك لتمويل أبحاث متنوعة لدعم القرار الطبي، كما شجع المزيد من شركات الحواسيب الخارقة للاستثمار والمنافسة بهذا السوق، كشركة جوجل ومايكروسوفت وأنتل. وبخصوص التنامي بكمية البيانات، فقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة جوجل في عام 2010، “أن ما أنتجه البشر من بيانات منذ فجر التاريخ وحتى عام 2003، يعادل ما ينتجه البشر بعام 2010 بيومين فقط”[24]! أما اليوم، فيتم إنتاج هذه الكمية من البيانات بأقل من نصف ساعة[25]! وفي ظل هذه المنافسة المحمومة بصناعة الحواسيب الخارقة وتنمية البيانات الضخمة، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحواسيب من هزيمة البشر بسباقات الحياة الأخرى؟

Share This