الخلايا الجذعية
نظرة مختلفة لعلاج الأمراض المستعصية
م. بدر العوفي هندسة حيوية – هيئة الغذاء والدواء – السعودية
في عام 2011 تم منح جائزة الملك فيصل العالمية في الطب للعالم الياباني شينيا ياماناكا [1]، وفي عام 2012 تم منحه جائزة نوبل في الطب بالمشاركة مع العالم الإنجليزي جون غوردون [2]، تقديرًا لأعمالهم في حقل الخلايا الجذعية. الخلايا الجذعية، إن صح التعبير، هي خلايا خام قابلة للتشكل لأي نوع آخر من الخلايا، وفق معطيات الوسط المحيط [3]. ولعل أوضح صور هذه الخلايا يتوفر بخلايا الأجنة، التي تتكاثر كخلايا متشابهة، لديها القابلية للتشكل لأي نوع من أنواع الخلايا الأخرى، كالخلايا العصبية والعظمية والعضلية، وغيرها (الشكل 1). وقد ظلت الخلايا الجذعية عقودًا من الزمن عرضةً لبعض التحديات التي تحد من استخداماتها الطبية. فمن جانب، أدى الفهم البدائي لاستخراجها من خلايا الأجنة المجهضة، مما كوّن تحديا أخلاقيا، ومن جانبٍ آخر، فالصبغة الجينية لخلايا الأجنة ظلت تسبب تحديًا مناعيًا عند زراعتها بمستقبلٍ آخر. غير أن ابتكار ياماناكا وفريق بحثه قد قدم حلًا لهذه التحديات بابتكار تقنية لتحويل الخلايا المتخصصة إلى خلايا جذعية (عملية عكسية)، الذي يتيح تحويل أي نوع من الخلايا من صورته المتخصصة (كخلايا الجلد مثلا) إلى خلايا جذعية (خلايا خام)، حيث يمكن بعد ذلك تشكيلها لأي نوع آخر من الخلايا. واليوم، بعد مرور عشرة أعوام على الاحتفاء بهذا الابتكار المهم، تهدف هذه المقالة لاستعراض أبرز التطورات في علم الخلايا الجذعية، واستعراض أبحاثه القائمة.

شكل 1: نموذج توضيحي لإمكانية الخلايا الجذعية التشكل لأي نوع آخر من الخلايا البشرية

نظرة شاملة للخلايا الجذعية
يبتدئ تخلّق الجنين البشري عند تخصيب الحيوان المنوي للبويضة لتكوين (خلية) أولية. وهذه الخلية غير متخصصة، ولكنها تتميز بالقدرة المستمرة على الانقسام، والقدرة على التشكل لخلايا متخصصة لتكوين جنين بخلاياه المتنوعة كافة. تعرف خلايا الجنين الأولية بالخلايا الجذعية الكاملة (Totipotent Stem Cell)، والخلايا المنقسمة عنها بالخلايا الجذعية التامة (Pluripotent stem Cell) والتي تستمر بالانقسام لتكوين الخلايا الجذعية المتخصصة (Multipotent Stem Cell)، كخلايا الدم الجذعية [3]. تعمل الخلايا الجذعية المتخصصة، وبعملية طبيعية، على تخلق وتعويض حاجة الجسم من الخلايا، ويقل نشاطها عند التقدم بالعمر، مما يفسر سرعة تجدد خلايا الطفل مقارنة بالبالغين، وصعوبة تجدد خلايا المسنين. ولهذا فالخلايا الجذعية خزائن للخلايا، ويمكن استخدامها لتعويض حاجة الجسم من الخلايا عند الحاجة بآلية طبيعية، كما يمكن استخدامها معمليًا للهدف ذاته، بما يعرف بالطب التجديدي(Regenerative Medicine) [3] . وللخلايا الجذعية تطبيقات طبية في حقول أخرى كنمذجة الخلايا لفهم آلية حدوث الأمراض، وفي عمليات اختبارات السلامة والفعالية بالصناعات الدوائية [4].
الخلايا الجذعية المحفزة: ثورة مبشرة في الطب الحديث
«كيفما فكرت، فكر بالعكس!» كما أشار بول آردن بكتابه الذي يحمل هذا العنوان [5]. ويبدو أن جملة من الابتكارات الحديثة اعتمدت هذا النهج لتفسير الظواهر وتقديم الحلول العلمية. ومن هؤلاء، العالم الياباني ياماناكا وفريقه البحثي، عند تقديم تقنية، معملية، لتكوين خلايا جذعية. فبدلًا من الاعتماد على الخلايا الجنينية كمصدر للخلايا الجذعية، قاموا باختبار آلية إعادة برمجة خلايا متخصصة، كخلايا الجلد، لتصبح خلايا جذعية! تمت العملية أولا من خلال تحديد 24 جينًا ضروريا لتكوين خصائص الخلايا الجذعية، وبعد اختبارها واحدًا تلو الآخر، تم تحديد 4 جينات أساسية، كفيلة عند تنشيطها بمنح الخلية الخصائص الضرورية لتصبح جذعية، والتي عرفت بعد ذلك بمعاملات ياماناكا (الشكل 2). وبعد نجاح التجربة على فئران التجارب بعام 2006 [6]، استطاع فريق التجربة تكرار العملية بنجاح على خلايا بشرية بعام 2007 [7].


شكل 2: نموذج توضيحي لتقنية إعادة برمجة الخلايا المتخصصة إلى خلايا جذعية.
فتحت نتائج هذه التجربة الباب لأبحاث متقدمة بالطب التجديدي، حيث، بتصورٍ عام، يمكن استخدام خزعة من جلد المريض، وإعادة برمجتها لتصبح خلية جذعية تامة تتيح الحقن بالموضع المراد بالجسم لتعويض الخلايا التالفة. انطلاقًا من ذلك، وفي عام 2020، تمكن فريق بحثي بجامعة هارفارد من استخدام معاملات ياماناكا لتكوين خلايا عصبية بأعين فئران مصابة بالعماء نتيجة لتلف أنسجة العصب البصري بسبب التقدم بالعمر، مما أدى إلى تعويض الخلايا العصبية التالفة وإعادة حاسة الإبصار لتلك الفئران [8]. وفي العام ذاته، قدم فريق من جامعة جورج واشنطن نتائج مبشرة لتجربة أجريت على فئران مخبرية مصابة بداء السكري. إذ زُرعتْ خلايا جذعية في بنكرياس هذه الفئران، وحُفزت لتعويض الخلايا المنتجة للأنسولين، مما أدى لشفاء الفئران خلال أسبوعين، بفعالية دامت لمدة متابعة تزيد عن 9 أشهر [9]. والعديد من الأمثلة الأخرى. إلا أن ما أنجز في هذا المجال حتى الآن لا يعدو كونه محاولات بحثية، مما يتطلب مزيدًا من الاختبارات والاعتبارات الرقابية قبل انتقالها لحيز الطب التطبيقي.
الخلايا الجذعية لنخاع العظم: النظرية والتطبيق شهدت أبحاث الخلايا الجذعية لنخاع العظم تطورا متسارعًا في العقود الماضية، مما خولها للانتقال لحيز التطبيق بعلاج الأمراض. والخلايا الجذعية لنخاع العظم هي خلايا جذعية متخصصة، قابلة لتعويض خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية (الشكل 3)، وتستخدم لعلاج أمراض الدم والغدد اللمفاوية وبعض الاضطرابات المناعية [10]. وفقًا للتجمع الدولي لزراعة نخاع العظم، التابع لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم حتى عام 2019 إجراء مليون ونصف عملية زراعة لنخاع العظم عالميا، حيث شهدت عمليات الزراعة تطورا ملحوظًا من 10 آلاف عملية/عام في 1991 لتصبح 83 ألف عملية/عام في 2016 [11]. ومحليا، فقد تم خلال الفترة 1984 – 2016 إجراء 6184 عملية زراعة نخاع عظم في أربعة مراكز زراعة تشكل ما يقارب %90 من إجمالي الزراعة بالسعودية، وهي مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض وجدة، ومدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية بالرياض، ومستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام[12]. وفي عام 2011 أُنشئ السجل السعودي للمتبرعين بالخلايا الجذعية، بهدف إنشاء قاعدة بيانات للمتبرعين بالخلايا الجذعية المكونة للدم، والذي يضم، وفق أحدث الاحصائيات، بيانات ما يقارب 80 ألف متبرع [13].


شكل 3: نموذج لآلية زراعة الخلايا الجذعية لنخاع العظم.
الخلايا الجذعية السرطانية: بارقة أمل لفهم الأورام الخبيثة
يمكن تقسيم الأورام السرطانية، تبعًا لقدرتها على إعادة التشكل، لأورام حميدة وأورام خبيثة. وعلى النقيض من الورم الحميد، لدى الورم الخبيث القدرة على التمدد لغزو الأنسجة القريبة والبعيدة، وإعادة التشكل المستمرة. وفي حين يمكن القضاء على الأورام الحميدة بطرق العلاج التقليدية، الكيميائية أو الإشعاعية أو الاستئصال الجراحي، إلا أن الورم الخبيث يصعب علاجه، لقدرته على التجدد وتكرار التشكل حتى بعد إزالته بالطرق التقليدية [14]. وقد حير العلماء هذا السلوك، مما دعا لتقديم العديد من التفسيرات الفسيولوجية المحتملة. وفي مطلع هذا القرن، وبعد تطور فهم خصائص الخلايا الجذعية، أعتقد بعض العلماء وجود خلايا جذعية سرطانية يمكن أن تفسر قدرة الأورام الخبيثة على التجدد المستمر. حيث يمكن للخلايا الجذعية السرطانية مقاومة سبل العلاج التقليدية، ومعاودة الانتشار لتشكيل مستعمرات سرطانية متجددة [15] (الشكل 4).

شكل 4: نموذج لمبدأ فرضية الخلايا الجذعية السرطانية.
ولكن «ما لا يمكن تحديده؛ لا يمكن اختباره، وما لا يمكن اختباره؛ لا يمكن الجزم بصحته» كما يشير المنهج التجريبي في العلوم الطبية التطبيقية. ولهذا فقد ظل مفهوم الخلايا الجذعية السرطانية مجرد (فرضية) غير مثبته. إذ يتطلب اثبات صحة هذه الفرضية تقديم آلية واضحة لعزل هذه الخلايا أولًا، والتمكن بعد ذلك من اختبار وتحديد خصائصها [16]. وانطلاقًا من ذلك، فقد قُدّم أول دليل على الخلايا الجذعية السرطانية من قبل فريق بحث من جامعة تورينتو بأواخر التسعينات[15]، حيث تمكن الباحثون من تحديد وعزل مستعمرة خلايا سرطان دم شبيهة بالخلايا الجذعية، تتميز بوجود عناصر بروتينية خاصة بأسطح الخلايا (Biomarkers)، وعند زراعة هذه الخلايا بفئران تجارب بكمية محدودة نسبيًا، تسببت بنشوء أورام مشابهة بخصائصها للمستعمرة الأم[17]. وتوالت بعد ذلك الأبحاث التي تقترح طرقًا لعزل خلايا جذعية سرطانية من خلال عناصر بروتينية بأسطح الخلايا لعشرات الأنواع من الأورام [18]. وعلاوة على ذلك، فقد تمكن فريق بحث من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بعام 2015، وباستخدام المجاهر الإلكترونية، من تقديم دليل آخر على الخلايا الجذعية السرطانية، من خلال تحديد خصائص خلوية فريدة للخلايا الجذعية لسرطان القولون. حيث تميزت هذه الخلايا بنسب مرتفعة من الجسيمات الدهنية (Lipid Droplets) بالسائل الخلوي، مقارنة بالخلايا السرطانية والخلايا الجذعية السليمة [19].
الخلايا الجذعية والتشريعات الرقابية
تخضع التطبيقات والمنتجات الطبية لجملة من الأنظمة الرقابية قبل اعتمادها للاستخدام على البشر؛ بهدف التأكد من سلامتها وفعاليتها (الشكل 5). بدءًا من الاختبارات المعملية على الخلايا المعزولة للتأكد من صحة الفرضية العلمية، ومرورًا بالاختبارات الحيوانية لاختبار الأثر الحيوي على إحدى فصائل الثدييات. وعند تقديم الأدلة التي تضمن الحد الأدنى من السلامة؛ فيتم الحصول على موافقة الجهات الرقابية لإجراء (دراسة سريرية) على البشر بغرض التحقق من سلامة وفعالية التطبيق أو المنتج للاستخدام البشري. وتشتمل الدراسة السريرية على أربع مراحل رئيسة، تبتدئ بالحد الأدنى من المشاركين، وتستمر وفق إثبات السلامة والفعالية بكل مرحلة، لحين الانتهاء من المرحلة الثالثة، حيث يتم تقديم الطلب للجهة الرقابية للحصول على ترخيص الإذن بالتسويق، على أن تستمر الرقابة على التطبيق أو المنتج بمرحلة ما بعد التسويق (المرحلة الرابعة) لمتابعة الأعراض الجانبية طويلة الأمد [20]. وبالنظر لأبحاث الخلايا الجذعية، نجد أن جلها ما يزال بمراحل البحث المبكرة، وغير مرخصة للاستخدام البشري. فوفق تصريح الجهات الرقابية، لم يتم حتى الآن تصريح أي منتج من منتجات الخلايا الجذعية للاستخدام البشري، باستثناء بعض تطبيقات الخلايا الجذعية لنخاع العظم، بهدف علاج أمراض محددة [22]. أما الإعلانات المضللة التي يُروج لها من استخدامات الخلايا الجذعية الأخرى بالعلاج والزراعة، فلا تعدو كونها وهمًا حذر منه العلماء والأطباء، وحذرت منه الجهات الرقابية المختصة [23] [24].

شكل 5: نموذج لوصف المراحل الرئيسية لأبحاث التطبيقات والمنتجات الطبية قبل قبولها للاستخدام على البشر. [21].
ولعل أحد أسباب شيوع الممارسات غير المرخصة للعلاج بالخلايا الجذعية يعود لاستثناءات ذات صلة بالأنظمة الرقابية لبعض الدول [25]. فبالرغم من اشتراط عموم الدول لترخيص منتجات الخلايا الجذعية تقديم ما يحقق معايير السلامة والفعالية، وفق منهجية رقابية محددة (الشكل 5)، إلا أن الأنظمة الرقابية بدول الاتحاد الأوروبي، مثلًا، تتيح الممارسات غير المرخصة للعلاج بالخلايا الجذعية الذاتية، وفق بند استثناء خاص، شريطة ألا تكون الممارسة لأغراض تجارية، وأن تتم بمسؤولية الممارس الصحي [26]. وكذلك الحال في أستراليا، إذ تستثنى بعض منتجات الخلايا الجذعية الذاتية من أنظمة الجهة الرقابية الأسترالية[27]؛ مما أدى لزيادة العيادات الأسترالية التي تقدم العلاج الغير مرخص بالخلايا الجذعية من 2 إلى أكثر من 40 عيادة منذ عام 2011 [28]. تلا ذلك تعديلات رقابية باليابان بعام 2013 لتسهيل دخول منتجات الخلايا الجذعية للسوق عبر مسار مسرع ومشروط، تماشيًا مع التنافسية الاقتصادية والعلمية [25]. وفي عام 2021، قدرت ورقة علمية، صادرة عن الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية، حجم سوق العلاج بالخلايا الجذعية غير المرخصة بحوالي 2.4 مليار دولار، مما يستهدف 60 ألف مريض سنويًا، بعيادات مسجلة في 25 دولة [29].


كل 6: خارطة بالدول التي تمنع أو تقيد استخدام الخلايا الجذعية الجنينية بالأبحاث (بالأحمر)، والدول التي تجيز استخدامها (بالأخضر) [30].
وتحديات أخرى: أخلاقية وعلمية
وعلاوة على التحديات الرقابية، فلدى أبحاث الخلايا الجذعية قيود أخلاقية وعلمية، والتي أدت بالضرورة لمحدودية التطبيقات الطبية المرخصة للاستخدام البشري بهذا العلم[30]. أولى هذه التحديات يتعلق بالأبعاد الأخلاقية المتعلقة باستخدام (الأجنة) لعزل الخلايا الجذعية، حيث نصت الأدلة الإرشادية لضرورة تجنب استخدام خلايا الأجنة، ما لم يتوفر البديل، وفق توصية الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية [30]. نتج عن ذلك تقليص حجم الإنفاق على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية بالولايات المتحدة %300 مقارنة بأبحاث الخلايا الجذعية الغير جنينية [30]. وفي أوروبا، فقد أصدرت مبادرة هورايزن 2020 (وهي مبادرة لدعم الإنفاق على البحث العلمي بدول الاتحاد الأوروبي) قرارًا بمنع تمويل أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية [31]. وكذا الحال ببقية الدول، حيث %77 من الدول تجرم أو تقيد استخدام الخلايا الجذعية الجنينية بالأبحاث، ومنها السعودية (الشكل 6، باللون الأحمر) [30].
وبسبب القيود الأخلاقية لاستخلاص الخلايا الجذعية من الأجنة، فقد احتفى الوسط العلمي بابتكار تقنية الخلايا الجذعية المحفزة، الذي يعطي مسارًا مختلفًا لتكوين الخلايا الجذعية عبر إعادة برمجة الخلايا المتخصصة (الشكل 2)، دون الحاجة لانتهاك أخلاقيات الأجنة. غير أن مسار الخلايا الجذعية المحفزة ما يزال حديثًا ويواجه تحديات علمية تحد من تطبيقاته. حيث أن فعالية تطوير الخلايا الجذعية المحفزة لخلايا متخصصة ما يزال متدنيًا[30]. ففي عام 2010 تم نشر دراسة لباحثين من جامعة ويسكونسن الأمريكية لمقارنة فعالية التحفيز لتكوين خلايا عصبية بين الخلايا الجذعية الجنينية والخلايا الجذعية المحفزة. وأظهرت النتائج أن فعالية التحويل قد سجلت نسبة %90 عند استخدام الخلايا الجذعية الجنينية، مقارنة مع %15 للخلايا الجذعية المحفزة[32]. علاوة على ذلك، فقد أشارت الدراسات أن مسار تحفيز الخلايا الجذعية لخلايا متخصصة عبر إعادة البرمجة أكثر عرضة لإحداث تحولات سرطانية [30] [33].
وفي عام 2014، كانت تجربة أول عملية زراعة خلايا معادة البرمجة على البشر[34]، والتي أجريت باليابان لسيدة تبلغ من العمر 70 عامًا، لمعالجة اعتلال ضمور بصري. حيث تم أخذ خزعة من جلد المريضة، وإعادة برمجتها لتشكيل خلية جذعية، وبعد ذلك تحفيزها لتكوين خلايا بصرية (Retinal Pigment Epithelium Cells)، لزراعتها بالمريضة وتعويض الفقد البصري. وبالرغم من السيطرة على الضمور البصري، فقد أوقفت التجربة، نظرا لاحتواء الخلية المبرمجة على اعتلالات جينية متراكمة متعلقة بالعمر[35]. ما دعا الباحثين لإعادة تصميم الدراسة في عام 2017، باستخدام خلايا متبرعين أصحاء، لتجنب الاعتلالات الجينية المتراكمة المتعلقة بالعمر، مع اعتبار جوانب تطابق الأنسجة، لتجنب مضاعفات الرفض المناعي[36]. وبالرغم من تحقيق أهداف التجربة، إلا أن التجربة سجلت بعض الأعراض الجانبية المتعلقة بالتحديات المناعية، وفق نتائج الدراسة المنشورة بعام 2020[37].


والتحديات العلمية هي المحرك الأول لعجلة البحث العلمي. وهذا ما يعطي المزيّة لعلم الخلايا الجذعية. فهو وليد هذا العصر، ومليء بالتحديات العلمية، وأرضًا خصبة للبحث العلمي، والدعم الحكومي والخاص، حيث بلغ إجمالي الإنفاق العالمي على أبحاث الخلايا الجذعية 13 مليار دولار بعام 2019، باعتبار أكثر من 1200 دراسة سريرية قائمة، جلها بمراحل البحث المبكرة [29]. وتجدر الإشارة أن علم الخلايا الجذعية ما يزال قيد الاختبارات المعملية للبحث والتطوير، بخلاف ما يشاع من جاهزية بعض تطبيقاته للاستخدام البشري، وبخلاف الممارسات ذات الانتهاكات الرقابية في عدد من الدول.