السبب الخفي
للشيخوخة المبكرة
المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز
أ. رولا شلاق تمريض – الجامعة اللبنانية – لبنان
يعد الجهاز الهضمي من أهم وجهات الاتصال بين البيئة الخارجية والبيئة الداخلية للإنسان وهو يتكون من نظام فطريّ خلقيّ طبيعي متكامل يدعى: الكائنات الحية الدقيقة (Normal Flora).
من المعروف أن هذه الكائنات الحية الدقيقة تشارك في عديدٍ من العمليات الفسيولوجية، مثل:
- تناول العناصر الغذائية.
- الحماية من أي عدوى قد تسبب المرض.
- تركيب الفيتامينات.
- تحفيز جهاز المناعة.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، اقترح مونييه وسيرامي نظرية تفاعلات ميلارد (Maillard Reaction)، أي التفاعلات غير الأنزيمية في الأطعمة، للشيخوخة التي تفترض أن التراكم البطيء والمستمر للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز أي الـ(Glycation) أو ما اختصاره (AGEs) كان عاملًا مسببًا للشيخوخة.

المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز (AGEs) هي مركبات ضارة تتشكل عندما يتحد البروتين أو الدهون مع السكر في مجرى الدم في تفاعل غير إنزيمي يحدث بين اختزان السكريات، مثل الجلوكوز والفركتوز، والبروتينات أو الدهون وعندما تتراكم في الجسم، فإنها يمكن أن تؤثر في الصحة العامة وكذلك مظهر الجلد. غالبًا ما تكون المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز نتيجة لنظام غذائي غير صحي في بيئة يتوافر فيها السكر الزائد. لذلك، للحد من تكوين هذه المنتجات، يجب تجنب الأطعمة المصنعة ذات القيمة الغذائية المنخفضة والأطعمة السكرية والأطعمة ذات الدهون المشبعة أو المتحولة؛ ومنذ هذا الاكتشاف أجري عديدٌ من الدراسات لإيجاد طرق غذائية للحد من تراكم المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز في جميع أنحاء الجسم وفي النهاية إبطاء سرعة الانتكاسات المرضية. بفهم عملية التراكم البطيء والمستمر للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز ، يمكن منع الشيخوخة المبكرة وحماية الجلد على مستوى الخلايا عبر اتباع نظام غذائي متنوع غني بمضادات الأكسدة، مما يؤدي إلى تقليل المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز، وكذلك آثارها الضارة بالجلد. يمكن أن تدمر المنتجات السابق ذكرها الخلايا المحيطة عن طريق تعزيز التأكسد وتحفيز الالتهابات وعواقبها بتقليل معدل تحوّل الخلايا وتعزيز الإشارات المسببة للالتهابات، تؤدي هذه المنتجات إلى الشيخوخة المبكرة، حيث يفقد الجلد الكولاجين الخاص به وتتشكل الخطوط الدقيقة وتتعمق التجاعيد وينشأ تفاوت بين لون البشرة وملمسها، وتبدو البشرة باهتة ومنتفخة.
علاوة على ذلك، اكتشف العلماء أن التراكم المطول للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز قد يغير بنية ووظيفة البروتينات، وعليه فإنه يؤثر في عديدٍ من السمات المميزة للشيخوخة، وقد تسهم هذه العملية أيضًا في الإصابة بأمراض التمثيل الغذائي والأيض (Metabolism Diseases) مثل مرض السكري وتصلب الشرايين، فضلًا عن الإجهاد التأكسدي (Oxidative Stress) والالتهاب المرتبط بأمراض التنكس العصبي للشيخوخة (Neurodegenerative Disease). على الرغم من هذه الأدلة، يستمر الجدل حول ما إذا كانت المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز هي سبب أو مجرد نتيجة للشيخوخة والأمراض المرتبطة بالعمر. إلا أن بعض الأبحاث قد وجدت أن تخفيف السعرات الحرارية يؤثر على تراكم هذه المنتجات بكميات مختلفة. أشارت الأبحاث أيضًا إلى أن تقليل التعرض لهذه المنتجات يحد من تراكمها في الجسم. نتيجة لذلك، كان علماء الأغذية والتقنيون يبحثون منذ مدة طويلة عن كيفية تخفيف خطورة المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز وغيرها من منتجات تفاعل ميلارد. ومن المعروف أيضًا أن المعالجة الحرارية في أثناء طهو الطعام واختيار أفضل المكونات الغذائية النيئة جنبًا إلى جنب يشكلان المسارين الرئيسين للحد من التعرض للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز مما زاد اهتمام العلماء لاختيار الأطعمة النيئة المناسبة بسبب تأثير تركيبة الكربوهيدرات على تراكم هذه المنتجات في الجسم.


كذلك تحمي بعض المكملات المضادة للأكسدة من ثلاثة أسباب أساسية للشيخوخة المبكرة، بما في ذلك المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز ، تحتوي هذه المكملات بشكل أساس على الكركم الذي يعمل كمضاد للأكسدة بعدة طرق إذ يقتات على الجذور الحرة (Free Radicals) فيكسحها من أجل تحييد أنواع الأكسجين التفاعلية فتقليل عمليات التأكسد والالتهابات، حتى أن بعض الأدلة الأولية تعتبر أن الكركم يمكن أن يمنع تكوين مثل تلك المنتجات في الدم. كذلك، لحماية البشرة في الحياة العصرية والمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز، صُنعت بعض المكملات الغذائية مع فيتامين (C) وفيتامين (E) والمغنيسيوم والنيكوتيناميد وفيتامين (B6) وخوخ الكاكادو الموجود في أستراليا لتحسين ملمس البشرة وإصلاحها. ولحماية خاصة ضد التراكم البطيء والمستمر للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز، أضيف الكروم والزنك والبيوتين لتنظيم مستويات السكر في الدم لإعاقة تكوين هذه المنتجات ويعد الكروم ضروريًا لعملية الأيض الطبيعية للجلوكوز والدهون عبر تعزيز تأثيرات الأنسولين عن طريق الارتباط بمستقبلات الأنسولين وتنشيطها. أما الزنك فإلى جانب خصائصه المضادة للالتهابات؛ فإنه يؤدي دورًا في إفراز الأنسولين، وهو أمر مهم لإدارة نسبة السكر في الدم وتشكيل المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز. كما يساعد البيوتين أيضًا في استقلاب الكربوهيدرات، ويعزز صحة الجلد عن طريق توزيع الأحماض الدهنية.

من الواضح أن منع تكوين المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز وتراكمها يمكن أن يحد من آثارها الفيزيولوجية المرضية في جسم الإنسان. إلى جانب التدخلات الدوائية العلاجية، التي هي قيد البحث والدراسة، ظهرت تعديلات غذائية أو مكملات كعلاجات وقائية واعدة لإبطاء تراكم تلك المنتجات في جسم الإنسان؛ ويعد تقليل امتصاص الجلوكوز والتحكم في مستوى الجلوكوز في الدم من الخيارات التي يمكن تطبيقها مع نظام غذائي «الكربوهيدرات البطيء». ونظرًا لأن إجهاد الكربون المستخدم في التراكم البطيء والمستمر للمنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإجهاد التأكسدي، فمن المحتمل أن يكون لأي نظام غذائي من شأنه تحسين الحال المؤكسدة للبشرة فائدة إضافية تتمثل في تقليل المنتجات النهائية لإضافة الجلوكوز ومن ثَمَّ محاربة الشيخوخة.