الطاقة الخضراء في دول
مجلس التعاون
إنجازات ومشاريع واعدة
أ. إبتهاج السيابية – صحة وسلامة بيئية – المركز الإحصائي الخليجي
درك الانسان الآثار الخطيرة المترتبة على احتراق الوقود الأحفوري ومحدودية مصادره، ولذلك اتجه إلى استخدام مصادر أخرى «خضراء» بشكل متزايد، وهذا ما أصبح يُسمى بالطاقة الخضراء (Green Energy) والتي يطلق عليها أيضًا الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة، وقد عرفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) الطاقة الخضراء بأنها «جميع أشكال الطاقة المنتجة من مصادر متجددة وبطريقة مستدامة، والتي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الكهرومائية وطاقة المحيطات»، وقد اشتمل التعريف السابق على مصادر الطاقة المتجددة المختلفة، والتي تتميز جميعها بصداقتها للبيئة، حيث إنها لا تخلف آثارًا ضارة سواءً على صحة الانسان أو على محيطه الأكبر بشكل عام.

مميزات الطاقة الخضراء
إن التوجه للطاقة الخضراء جاء نتيجة لما لها من مميزات إذا ما قورنت بمصادر الطاقة الأخرى المستخدمة حاليًا وعلى الأخص الوقود الأحفوري. إن تسمية الطاقة الخضراء بالطاقة المتجددة ما هو إلا دليل عل أحد أهم مميزاتها ألا وهو كونها تأتي من مصادر لا تنضب، بل تتجدد مما يجعلها طاقة مستدامة كذلك، فهي غير محدودة، فطاقة الشمس وطاقة الرياح ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. تتميز مصادر الطاقة الخضراء بانتشارها، حيث تمتلك جميع الدول صورة أو أكثر منها، فليس هناك حاجة لنقلها من مكان إلى آخر وما يترتب على ذلك من تكاليف نقل باهظة، وتوفرها وامتلاك الدول لها يعني تحقيق الأمن لهذه الدول في مجال الطاقة، فلا تخضع للتقلبات السياسية الإقليمية أو العالمية. لا يترتب على الطاقة الخضراء انبعاث أي غازات ضارة، فهي «طاقة نظيفة» بالتالي، وهذه بالفعل ميزة عظيمة إذا ما وضعنا في اعتبارنا ما يعاني منه العالم حاليًا من الآثار الخطرة المترتبة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيها مما أدى بدوره إلى كوارث بيئية مثل التغير المناخي.
الطاقة الخضراء في دول مجلس التعاون
رغم أن دول مجلس التعاون هي من أهم منتجي ومصدري النفط والغاز على الصعيد العالمي إلا أنها أدركت أهمية الطاقة الخضراء وخصوصًا على ضوء حقيقة العمر المحدود للوقود الأحفوري، وقد بذلت دول مجلس التعاون جهودًا ملحوظة في هذا المجال مما يدلل على التزامها بحماية المناخ تجاه المجتمع الدولي، ووفقًا للبيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة فقد بلغت مساهمة دول مجلس التعاون 3% في 2018 من الإجمالي العالمي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة، ولا شك أن دول مجلس التعاون تسير بخطىً واثقة على هذا الصعيد، حيث تظهر احصائيات المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون (GCC-Stat) تراجع نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 8.6% بين عامي 2015 و2018. وتحقق مشاريع الطاقة الخضراء في دول مجلس التعاون أهدافًا أخرى مثل تنويع الاقتصاد واستقراره، وزيادة إنتاج الطاقة لمواكبة الطلب المتزايد عليها الذي تفرضه الزيادة السكانية، وتمتلك دول مجلس التعاون مشاريعًا واعدة في مجال إنتاج الطاقة الخضراء.


الطاقة الخضراء في المملكة العربية السعودية
تم الإعلان عن إطلاق مبادرة «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» في مارس 2021، ومن أحد أهم ركائز هذه المبادرة تقليل الانبعاثات الكربونية بما يزيد عن 4% من الاسهام العالمي، وذلك عن طريق استخدام مصادر الطاقة المتجددة والتي يتوقع أن توفر 50% من إنتاج الدولة في عام 2030، ففي بداية عام 2020 تم الإعلان عن إطلاق أربع مشاريع للطاقة الشمسية تصل قدرتها الاجمالية إلى 1200 ميجاواط، وفي عام 2018 تم وضع حجر الأساس لمشروع الطاقة الشمسية «سكاكا» وذلك لتحقيق رؤية السعودية لإنتاج 58.7 جيجاواط بحلول 2030.
الطاقة الخضراء دولة الامارات العربية المتحدة
أطلقت دولة الامارات العربية المتحدة «استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء» في عام 2012، وتشتمل هذه المبادرة على ست مسارات أولها الطاقة الخضراء، وذلك من خلال وضع البرامج والسياسات التي تهدف لإنتاج الطاقة الخضراء واستخدامها. ومن أهم إنجازات دولة الإمارات في مجال الطاقة الخضراء محطة «شمس1»، وقد بدأ العمل فيها في 2013، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 100 ميجاواط. أما مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي أعلن عن إطلاقه في يناير 2012، فهو أكبر محطة ذات موقع واحد على مستوى العالم. وقامت دبي بتدشين أول حديقة تعمل بالطاقة الشمسية في عام 2015، وقد انعكس التزام دبي بالاستدامة في إكسبو 2020، حيث تم تركيب أنظمة للطاقة المتجددة تبلغ قدرتها الاجمالية 5.5 ميجاواط في كل المباني الدائمة في موقع إكسبو.
الطاقة الخضراء في مملكة البحرين
تم إطلاق الخطة الوطنية لاستخدام الطاقة الوطنية في 2017 والتي تضمنت على معايير عدة منها معايير كفاءة السيارات والأجهزة الكهربائية، وتم كذلك إقرار أنظمة خاصة بالطاقة الشمسية على أسطح المنشآت والمنازل في 2018، وشهد عام 2019 إنشاء هيئة مختصة بالطاقة النظيفة ضمن الجهود الرامية لتوفير 20% من استهلاك البحرين من الكهرباء من خلال الطاقة النظيفة، وقد أطلقت البحرين في نهاية 2019 محطة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية بسعة 3 ميجاواط، تماشيًا مع رؤية البحرين 2030، ويتم العمل حاليًا على إنشاء محطة «عسكر للطاقة الكهروضوئية» في مملكة البحرين، ومن المؤمل ان تقوم هذه المحطة وهي الأولى بهذا الحجم في البحرين من توليد 100 ميجاواط، وهذا يمثل 50% من الهدف الذي تسعى البحرين لتحقيقه في خطة العمل الوطنية للطاقة المتجددة.
الطاقة الخضراء في سلطنة عُمان
تعتبر الطاقة الخضراء أحد الركائز التي تقوم عليها رؤية عُمان 2040، والتي تهدف إلى أن تسهم الطاقة النظيفة بـ 30% من إنتاج الكهرباء فيها بحلول 2030، ومن المشاريع العاملة حاليًا في هذا المجال «عبري للطاقة الشمسية» و«محطة ظفار لطاقة الرياح» ومحطتا «منح1» و«منح2». ومشاريع الطاقة الخضراء في سلطنة عُمان لا تقتصر على الاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث تُعد «محطة ظفار لطاقة الرياح» مشروعًا رائدًا في السلطنة للاستفادة من طاقة الرياح في توليد الكهرباء، وقد بدأت أعمال إنشاء المحطة في الربع الأول من عام 2018، ويتوقع أن توفر الكهرباء لـ 16 ألف منزل بما يعادل 7% من حاجات الطاقة في محافظة ظفار، وستحد هذه المحطة من انبعاث 110 ألف طن من انبعاثات الكربون سنويًا.


الطاقة الخضراء في دولة قطر
على الرغم من كونها المصدر الأكبر للغاز المسال في العالم، تسعى دولة قطر إلى تنويع مصادر الطاقة فيها، وتُعتبر من الدول المتقدمة في تنفيذ الخطط المتعلقة بتقليل الانبعاثات، حيث اتجهت الدولة إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية في بنيتها التحتية ومن ضمنها ملاعب كرة القدم لكأس العالم 2022، حيث يتم تجهيز الملاعب جميعها بما تتضمنه من مرافق للتدريب ومناطق المشجعين بتكنولوجيا التبريد المعتمدة على الطاقة الشمسية، ومن المشاريع الهامة في قطر مشروع «سراج للطاقة» وهو مشروع يهدف إلى إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والذي يأتي في إطار لرؤية قطر 2030 لتنويع مصادر الطاقة من خلال تطوير مصادر الطاقة النظيفة، ومن المشاريع قيد التطوير في قطر المشروع التي تتولاه مؤسسة «كهرماء»، مؤسسة الكهرباء والماء القطرية، لإنشاء أول محطة للطاقة الشمسية باستخدام الخلايا الكهروضوئية، وتقدر سعة هذا المشروع بـ 700 ميجاواط.

الطاقة الخضراء في دولة الكويت
أعدت دولة الكويت خارطة طريق لاستهداف %15 من الطاقة المتجددة بحلول 2030، وفي هذا السياق تم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع عملاق لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وهو مشروع «الشقايا» في فبراير 2019، وتبلغ القدرة الإنتاجية لهذا المشروع 70 ميجاواط، وهو بالتالي يحافظ على 12 مليون برميل من النفط، وترجع بدايات دولة الكويت في التحول إلى الطاقة الخضراء إلى 2016 عندما قامت شركة نفط الكويت بافتتاح مشروع «سدرة500» والذي عمل على توفير الطاقة لـ 29 مضخة كهربائية في حقل «أم قدير» النفطي.
إن الاستراتيجيات التي بادرت دول مجلس التعاون لوضعها وتنفيذها في مجال الطاقة الخضراء قد باتت تؤتي ثمارها، حيث تنتشر مشاريع إنتاج الطاقة الخضراء فيها جميعها، وما هذا إلا مؤشر على التزام دول مجلس التعاون باتفاقياتها الدولية، والتزامها تجاه المجتمع الدولي، وهو كذلك دلالة على قدرتها على مواكبة العصر وما يفرضه من تغيرات، ولا يسعنا إلا أن نشيد بالخطوات التي اتخذتها دول المجلس على صعيد إنتاج الطاقة المتجددة من أجل تحقيق الاستدامة المنشودة.