الطفرات الجينية

 والاعتلالات المرضية

د. ملاك الغامدي، د.شذا الحفظي –  طب أطفال- جامعة الملك سعود- السعودية

جميع الكائنات الحية تمتلك داخل خلاياها جينات، توجد هذه الجينات في الخلايا بجميع أنحاء الجسم. وهذه الجينات هي أحد المعجزات الكثيرة التي أودعها الله في خلقه حيث تعتبر من الوحدات الأساسية للوراثة في الكائنات الحية. كما أن هذه الجينات تتكون من مادة تُدعى الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين. ويضم هذا الحمض النووي الريبوزي معلومات بيولوجية التي تجعل كلًّا منّا مختلفًا عن الآخر، ويتكون من قواعد بناء تدعى نيكلوتيدات وهي أربعة قواعد:

  • الأدنين
  • السيتوزين
  • الغوانين
  • الثايمين

ثم يتكون التركيب الجيني (الذي هو مسؤول عن الطول وحجم العظام والشكل والملامح وحتى قابلية التعرض لبعض الأمراض) من اندماج طويل لهذه القواعد الأربع المختلفة من النيكلوتيدات حتى ينتج عنه تسلسل الحمض الريبي النووي منزوع الأكسجين والذي يقوم بدوره على إنتاج وصنع البروتينات (سلاسل طويلة من الأحماض الأمينية) التي تساعد في بناء العضوية والتي تختلف أنواعها عن بعضها البعض باختلاف ترتيب قواعد البناء هذه في الأحماض النووية.

لذلك لو حدث خلل في ترتيب قواعد البناء فسيؤدي إلى خلل في تكوين البروتينات وهذا الخلل يُعرف بالطفرة. لذلك فإن تعريف الطفرة الجينية هو حدوث خلل في ترتيب الأحماض النووية (أي خلل في الترتيب).

وقد تحدث الطفرة في داخل خلية واحدة من الجسم وقد تكون في جميع الخلايا اعتمادًا على وقت حدوث الطفرة فإذا وُجِدت في جميع الخلايا فإنها توحي لنا أنها قد حدثت في وقت مبكر (عندما كان عدد الخلايا في الجسم قليلة)، أو قد تكون الطفرة موجودة في البويضة أو الحيوان المنوي الذي خلقنا الله منه؛ لأن جميع خلايا جسمنا مستنسخة من خلية واحدة (التي هي البويضة الملقحة بالحيوان المنوي). لذلك فمن الممكن أن نرث الطفرة من والدينا، كما أنه من الممكن أن تحدث لنا طفرات جديدة في خلايانا ولم تكن موجودة عند والدينا لأنها ببساطة حدثت في وقت لاحق من حياة الإنسان. لذا فالطفرات قد تكون موروثة (من أحد الوالدين) أو غير موروثة.

سؤالنا لهذه المقالة، هل جميع الطفرات الجينية ينتج عنها اعتلالات مرضية؟

الجواب هو: لا فجميع المخلوقات البشرية لديها عدد من الطفرات الجينية في خلاياها لذلك نستنتج أنه ليس جميع الطفرات الجينية ينتج عنها مشكلات صحية، وأن الطفرة الجينية من الممكن أن تكون مرضية (تسبب مرضًا أو أعراضًا صحية معينة أو تمت ملاحظتها من قبل أو تُعرف بأنها تؤثر على قدرة الجسم بالتعامل مع هذه الطفرة)، أو أهميتها غير معروفة(ليس هنالك دليل كافٍ على أن هذه الأعراض التي يشتكي منها الشخص بسبب هذه الطفرة الجينية)، أو حميدة (لا تسبب مرضًا أو أعراضًا صحية وقد تمت ملاحظتها بالأشخاص الأصحاء). لذا فالطفرات الجينية من الممكن أن تكون مؤذية أو غير مؤذية.

وتكون الطفرة الجينية مؤذية اعتمادا على ما سيتم ذكره أدناه:

  • عندما يؤثر البروتين غير الطبيعي (المعطوب) الناتج من الجين المعطوب (المصاب بطفرة) في البروتين الطبيعي الموجود في الخلية الذي ينتجه الجين السليم.
  • عندما تكون الكمية التي ينتجها الجين السليم من البروتينات لا تكفي لسد الحاجة الناتجة من الجين المعطوب (المصاب بطفرة) في الجين الثاني، مثال: تحتاج خلية ما في جسم الإنسان إلى كمية معينة (100 وحدة مثلًا) من أحد البروتينات وكان الجين السليم لوحدة غير قادر على أن ينتج المئة وحدة لوحدة لان طاقته الإنتاجية لا تتعدى 50 وحدة كحد أقصى فتكون الكمية في داخل الخلية ناقصة، وهنا يحدث المرض.
  • عندما يحدث تأثير عكسي على الجين بسبب وجود الطفرة فبدلًا من أن تقل الكمية التي ينتجها الجين المعطوب (المصاب بالطفرة) يحدث العكس فتزيد الكمية المنتجة وتتجاوز البروتينات غير الطبيعية (المعطوبة) العدد المسموح بها داخل الخلية وهذه الزيادة قد تؤذي الخلية وهنا يحدث المرض.

وكما ذكرنا سابقا، أن تعريف الطفرة الجينية هو عبارة عن خلل في ترتيب أو تسلسل الشفرة الوراثية التي هي عبارة عن صف طويل من الأحماض النووية فهذا الخلل ممكن أن يحدث بأشكال كثيرة، وهناك عدة أنواع للطفرات الجينية وفيما يلي ملخصٌ سريع لبعضٍ منها: 

وتكون الطفرة الجينية مؤذية اعتمادا على ما سيتم ذكره أدناه:

  • عندما يؤثر البروتين غير الطبيعي (المعطوب) الناتج من الجين المعطوب (المصاب بطفرة) في البروتين الطبيعي الموجود في الخلية الذي ينتجه الجين السليم.
  • عندما تكون الكمية التي ينتجها الجين السليم من البروتينات لا تكفي لسد الحاجة الناتجة من الجين المعطوب (المصاب بطفرة) في الجين الثاني، مثال: تحتاج خلية ما في جسم الإنسان إلى كمية معينة (100 وحدة مثلًا) من أحد البروتينات وكان الجين السليم لوحدة غير قادر على أن ينتج المئة وحدة لوحدة لان طاقته الإنتاجية لا تتعدى 50 وحدة كحد أقصى فتكون الكمية في داخل الخلية ناقصة، وهنا يحدث المرض.
  • عندما يحدث تأثير عكسي على الجين بسبب وجود الطفرة فبدلًا من أن تقل الكمية التي ينتجها الجين المعطوب (المصاب بالطفرة) يحدث العكس فتزيد الكمية المنتجة وتتجاوز البروتينات غير الطبيعية (المعطوبة) العدد المسموح بها داخل الخلية وهذه الزيادة قد تؤذي الخلية وهنا يحدث المرض.

وكما ذكرنا سابقا، أن تعريف الطفرة الجينية هو عبارة عن خلل في ترتيب أو تسلسل الشفرة الوراثية التي هي عبارة عن صف طويل من الأحماض النووية فهذا الخلل ممكن أن يحدث بأشكال كثيرة، وهناك عدة أنواع للطفرات الجينية وفيما يلي ملخصٌ سريع لبعضٍ منها: 

1) طفرات الاستبدال:

هي طفرات يحدث فيها استبدال لأحد قواعد البناء بآخر؛ أي تبديل في حرف كيميائي بآخر. مثال: إحلال الأدنين محل الغوانين. وهذا النوع من الممكن أن ينتج عنه ما يلي:

  • تبديل قاعدة بناء بقاعدة بناء أخرى ينتج عنها حمضٌ أمينيِّ مختلفٌ، مما يتسبب بتبدُّل صغير في البروتين الناتج، فعلى سبيل المثال: يحدث فقر الدم المنجلي بسبب استبدال في جينة البيتا غلوبين، يؤدي إلى تغيُّر حمض أميني واحد في البروتين الناتج.
  • تبديل قاعدة بناء بقاعدة بناء أخرى ينتج عنها نفس الحمض الأميني، وبالتالي لا يؤدي ذلك لأي تغيير في البروتين الناتج، ولهذا تُسمى الطفرات في تلك الحالة (الطفرات الصامتة).

2) طفرات الإدخال (الغرز):

هي طفرات يحدث من خلالها إدخال قاعدة بناء واحدة أو أكثر إلى مكان جديد في الحمض النووي داخل الخلايا.

3) طفرات الحذف:

ههي طفرات يحدث فيها حذف أو فقدان لجزء من الحمض النووي داخل الخلايا.

4) طفرات انزياح الإطار:

تؤثّر التغييرات الناتجة عن الحذف والإدخال في قراءة الجين بالشكل الصحيح داخل الخلايا، وتدعى هذه التغييرات (طفرات انزياح الإطار).

وتحدث هذه الطفرات الجينية لأسباب عديدة، منها

  • أسباب داخلية نشأت في جسم الإنسان نتج عنها طفرات جينية: كفشل في نسخ الحمض النووي أو انقسام الخلايا أو إصلاح الحمض النووي.
  • أسباب ومؤثرات خارجية من الممكن أن ينتج عنها طفرات جينية: كمجموعة متنوعة من العوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية تسبب بحدوث الطفرات، إذ تؤدي هذه العوامل إلى تضرُّر الحمض النووي، وليس بالضرورة أن يحدث ذلك في ظروف غير طبيعية، فقد يحدث الضرر حتى في أكثر البيئات عزلة ونقاء، وعلى أي حال، تصلح الخلية الضرر، وعندما لا تتم هذه العملية بشكلٍ مثالي، ستنتهي بحمض نووي مختلف قليلًا عن الحمض النووي الأصلي، وبالتالي حدوث طفرة جينية.

وأحد هذه العوامل هي الإشعاعات الأيونية والأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية وبعض المواد الكيميائية كالبنزين وحتى بعض البكتيريا والفيروسات كالبكتيريا التي تُعرف بجرثومة المعدة مثلا.

اندماج القواعد الأربع لتكوين الجينات

أنواع الطفرات الجينية حسب الخلايا المصابة:

جميع خلايا الجسم تحتوي على أحماض نووية، وبالتالي يوجد العديد من الأماكن التي يمكن أن تحدث بها الطفرات في الجسم، واعتمادًا على مكان حدوث الطفرة الجينية نستطيع أن نخبر إن كانت هذه الطفرة الجينية قابلة للتوريث أم لا، فالطفرات غير القابلة للتوريث تدعى (طفرات جسدية) والطفرات القابلة للتوريث والتي يمكن نقلها للأجيال تدعى (طفرات الأمشاج الجنسية).

• الطفرات الجسدية (طفرات مكتسبة):

تحدث هذه الطفرات في الخلايا الجسدية فقط خلال عملية انقسام الخلايا وغالبا تنتج هذه الطفرات نتيجة التعرض للعوامل البيئية والخارجية التي ذُكرَتْ في أعلى المقال وتتميز هذه الطفرات بأن لا يمكن نقلها للأجيال التالية، كأغلب السرطانات مثلًا.

• طفرات الأمشاج الجسدية (طفرة مشيجية):

هذا النوع من الطفرات يحدث على مستوى الخلايا التناسلية كالنطاف والبويضات، وبالتالي تتميز الطفرات المشيجية بأنها قابلة للانتقال للأجيال القادمة.

Share This