النانو والطب:

توصيل الأدوية إلى الأنسجة عبر حاملات الدواء النانونية

أ. عبد العزيز آل رفده – الصيدلة – مدينة الملك سعود الطبية – السعودية

تشهد تقنية النانو في تصنيع الأدوية تصاعدًا في وتيرتها خلال السنوات الماضية وسط تسابق الشركات العالمية في تبنيها، وعمل أبحاثها اللازمة، للسعي في تطوير هذه العلاجات. في الثلاث سنوات الماضية وحدها تم تقديم أكثر من 633 ألف براءة اختراع من كبرى الشركات الرائدة في العالم، وذلك في سباق مع الزمن من أجل تبني أفكار الصناعة المرتبطة بتقنية النانو لمرحلة نضج المنتج وطرحه في الأسواق الدوائية.

لماذا كل هذا السباق المحموم من أجل تقنية النانو في إيصال الدواء؟

لأنه أكثر فعالية وأقل في الأعراض الجانبية وللقدرة المبهرة على استهداف مناطق الإصابة بدقة، مما يعني ُسمِّية أقل. ومن ميزاته نقله للأدوية غير القابلة للذوبان إلى الدم من خلال تشكيل المادة على شاكلة الغرويات (Colloids)، وهي التي تجعل الدواء أكثر استقرارًا مع إطلاقه في الجسم بشكل متحكم به، وهو أحد أهم مزايا أنظمة تقنية النانو. بالإضافة للمادة الغروية في جسم تقنية النانو هناك فرع آخر، وهو استخدام تقنية النانو مضافًا لها عنصر الدهون (lipid nano particle) التي تحتوي على مركبات الفوسفوليبد (Phospholipid)، وتُعد طريقة ابتكارية تغلبت على ضَعف ذوبان الأدوية في المحلول المائي. حيث إنها تتشكل على شكل حلقة نانونية وتخفي الجزء من المركب الذي لا يذوب في الماء داخلها. فهي شكل كروي يضم طبقة دهنية في خارجه، ويتسم بالبساطة وقدرته على التجميع الذاتي، وحمل الدواء إلى داخل الخلية بكل سهولة، لوجود نسبة من الكوليسترول على الطبقة الخارجية منه.

وهناك نوع آخر من الأشكال وهو الليبوسومات (Liposmoses)، وهي مواد شحمية اكتشفت في الستينات وتطورت مع الزمن، وكان أول استخدام لها مع دواء الدوكسوروبسين (Doxorubicin) في عام 1996. حيث إن ارتباط الدواء بالليبوسوم أعطاه صفات جديدة وأقل سُمِّية على الكلى. إن الجسم البشري يحمي نفسه من العوامل الخارجية ما أمكنه ذلك بطرق مختلفة، بحيث يعيق وصول أي مادة غريبة إليه عبر الحواجز الجهازية (Systemic) أو الحواجز البيئة أو الخلوية، وتختلف هذه الحواجز بين البشر، أي أن استجابة الشخص للدواء تختلف عن الآخر حسب المكون الجيني له، مما يجعلنا ننتقل إلى استخدام تقنية النانو فيما يُسمى بالطب العلاجي الدقيق (Precision Medicine)، الذي يهتم بصناعة دواء للمريض وفقًا لاستجابته العلاجية. 

هل من عوائق في استخدام تقنية النانو لإيصال الأدوية؟

الإجابة هي نعم، أحد المعوقات الرئيسة بالإضافة لاختلاف الطبيعية البشرية بين الناس، هناك ما يُسمى بالحواجز البيولوجية (Biological Barriers)، والتي تجعل من الصعب توفر العلاج الحيوي وتوزيعه في الجسم، حيث توجد معوقات كيميائية وفيزيائية تُصعِّب وصول العلاج لهدفه النهائي.

تقنية النانو في صناعة اللقاحات

الإجابة هي نعم، أحد المعوقات الرئيسة بالإضافة لاختلاف الطبيعية البشرية بين الناس، هناك ما يُسمى بالحواجز البيولوجية (Biological Barriers)، والتي تجعل من الصعب توفر العلاج الحيوي وتوزيعه في الجسم، حيث توجد معوقات كيميائية وفيزيائية تُصعِّب وصول العلاج لهدفه النهائي.

إن تحسين إيصال الدواء من خلال تقنية النانو وتعزيز فعاليتها مع الأجسام المناعية، يعود على تحالفها القوي مع المستضدات (Antigen)، وذلك في صناعة اللقاحات، فبسبب هذه العلاقة يمكن استخدام تقنيات النانو لحماية المستضدات من التكسر، والتدمير، وتحسين احتمالية استهدافها للخلايا المناعية، مع تقليل الآثار الجانبية غير المرغوبة في الأماكن غير المستهدفة. تم التوسع في تقنيات النانو لصناعة اللقاحات ضد فايروس (SARS-COV-2) المسبب الرئيس لفايروس كورونا (COVID 19) مع العديد من التجارب السريرية الناجحة لشركات، مثل موديرنا وفايزر. إن تقنيات النانو الدهنية بالذات (Lipid-based Nanoparticles) هي الأكثر انتشارًا واستخدامًا في اللقاحات، لأنها تغلف الحمض النووي الريبوزومي وتحميه من الحواجز حتى يصل إلى داخل الخلية.

إن استخدام تقنية النانو في اللقاحات انعكست إيجابًا في الصناعة، لتبشر بصناعة واعدة مستقبلاً. تقدم تقنيات النانو مجموعة من الميزات القابلة للتعديل مثل (الحجم، والشكل، والشحن، وخصائص السطح، ومدى الاستجابة)، القادرة على تحسين إيصال الدواء بشكل أكثر تخصيصًا للمرضى. فعند معرفة معوقات نظام تقنيات النانو من الحواجز الحيوية والاختلافات البشرية سوف تستمر هذه الصناعة في التطور. يمكن استخدام تقنيات النانو بشكل تآزري مع علاجات المرضى الدقيقة لمعرفة الاختلافات بين المرضى، مما سيمكن من زيادة فاعلية الأدوية والقدرة على خلق التأثير، مما سيسهم في التقدم السريري للأدوية الشخصية، ويؤدي إلى نمو هذا القطاع في الصناعة الدوائية مستقبلا. تشير التقديرات بأن سوق التكنلوجيا الحيوية في صناعة النانو سوف تصل إلى 156.8 مليار دولار في العام 2028، بمعدل نمو سنوي يصل إلى 8.8 % للفترة المتوقعة ما بين الأعوام 2023-2028.

Share This