النظم الكهروميكانيكيّة
الميكرويّة
د. عبدالله العضيب – فيزياء المواد المكثفة جامعة الملك سعود
أ. منى بريم -فيزياء المواد المكثفة جامعة الملك سعود
أدّت الحاجة إلى حساسات عالية الدقة ورخيصة السعر في كثير من التطبيقات الفيزيائيّة والكيميائيّة والطبيّة إلى تكثيف الجهود البحثيّة لتطوير أجهزة اكتشاف حساسة ومتطوّرة. وتُعدُّ النظم الكهروميكانيكيّة الميكرويّة (MEMS موضحة في الشكل 1) إحدى الطرائق الحديثة والمتطوّرة المستخدّمة في الاكتشاف السريع لكثير من الظواهر الفيزيائيّة والكيميائيّة والبيولوجيّة. على سبيل المثال، جرى استخدام هذه التقنيّة في تطوير حساسات صغيرة جدًّا لاكتشاف تغيّرات التركيزات في بعض المواد، وأيضًا التغيّر في رطوبه الجو.
من مميزات الحساسات أنها من الممكن أن تُستخدم في تطبيقات متعدّدة، وهذا العمل يهدف إلى تطوير الحساسات المعتمدة على الشوكة الرنانة، بحيث يمكن استخدامها في التطبيقات المتنوعة.
تتضمّن المكوّنات الرئيسة لأنظمة (MEMS) عناصر إلكترونيّة دقيقة وهياكل ميكانيكيّة تتحدّ معًا للقيام بوظائف متعدّدة. وتتميّز تلك الأنظمة بأبعاد حاسمة، إذ تراوح أحجامها من بضعة ميكرومتر إلى ملليمتر؛ مما يجعلها أقلّ من سماكة شعر الإنسان.


الشكل 1: صورة باستخدام المجهر الإلكتروني الماسح لأحد أنواع الأنظمة الكهروميكانيكيّة الميكروية
وتتمتع تلك النظم بالقدرة على التحكم والاستشعار على النطاق المجهري؛ مما يحدث تأثيرات يمكن مراقبتها وقياسها. في السنوات العشرين الماضية، أدّت النظم الكهروميكانيكيّة الميكرويّة لثورة تكنولوجيّة ذات أهميّة متزايدة، ولها أثر في حياتنا اليومية. إذ إنَّ الطبيعة المصغرة والتكلفة المنخفضة للإنتاج والوظائف العالية بالإضافة لسهولة دمجها مع المكونات الإلكترونية الأخرى ميزات لعبت دورًا فعّالًا لجعل تلك الأنظمة خيارًا رائعًا في كثير من المجالات البحثية، والتجارية، والصناعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تبرز أهميتها في الحياة اليومية في قياس العلامات الحيوية وأجهزة استشعار الغازات، وتقنيات استشعار المواد، ومجسّات الضغط، وقياسات أجهزة التسارع في السيارات الحديثة، وكذلك الهواتف الذكيّة والكاميرات الرقميّة، والدوائر اللاسلكيّة منخفضة الطاقة لإنترنت الأشياء، إضافة إلى الطابعات النافثة للحبر. وعلى الرغم من وجود بعض الإشكاليّات والقيود المفروضة، التي قد تحدّ من التوسع التجاري لتطبيقات تلك النظم، التي يسعى الباحثون جاهدين إلى تحسينها كالدقة في الأداء، وزيادة الكفاءة، إلا أنه يتوقع نموًّا متسارعًا للأجهزة الميكانيكيّة الميكرويّة المتاحة، وتطبيقاتها الواعدة في المستقبل المنظور، إذ إنها – بشكل وثيق- ترتبط بمتطلّبات الحياة للمستهلكين، وتسهم في جعل مراقبة بيئتنا أمرًا يجري بشكل أكثر ضبطًا وتحكمًا.
ومن الفرص المستقبليّة لأجهزة الاستشعار استخدامها – بشكل أكبر- لتمتدّ من المنتجات الاستهلاكيّة إلى العمليات الصناعيّة والزراعيّة، وقطاعات التكنولوجيا الحيويّة. وتزداد أهميتها في مجال الأمن القومي فيما يتعلّق بالخوف المتزايد من الهجمات الإرهابيّة، والكشف عن الأمراض المعديّة أو التهديدات المكروبيولوجية. وبذلك تُعد النظم الكهروميكانيكيّة الميكرويّة إحدى التقنيات الجذريّة التي ستغيّر مستقبل المجتمعات الحديثة في كل مكان.