تحديد البروتين المسؤول عن
التلف الناتج من التهاب المفاصل الروماتويدي
د. سماح الشافعي- علوم أسماك- جامعة قناة السويس- مصر
تمكن بعض الباحثين من إثبات أن السبب الرئيس في الضرر الناتج عن التهاب المفاصل الروماتويدي يرجع إلى أحد أنواع البروتينات (يُعرف باسم سلفاتيز2-). ونتيجة لذلك الاكتشاف من الممكن توجيه البحث العلمي إلى مسارات جديدة لعلاج المرض الناتج عن اضطراب في المناعة الذاتية.

ما هو التهاب المفاصل الروماتويدي؟
التهاب المفاصل الروماتويدي هو مرض مناعي ذاتي التهابي مزمن يحدث نتيجة للتفاعلات بين العوامل الوراثية (الجينية) والعوامل البيئية (الأشياء التي نتعرض لها في البيئة مثل دخان السجائر). التهاب المفاصل الروماتويدي (يُطلق عليه أيضًا مرض المناعة الذاتية) يبدأ عندما ينحرف جهاز المناعة، الذي من المفترض أن يحمي الجسم، ويبدأ في مهاجمة أنسجة الجسم مسببًا التهابًا في بطانة المفاصل (الغشاء الزليلي)، مما يؤدي إلى التهابات مؤلمة بالمفاصل. يؤثر التهاب المفاصل الروماتويدي على المفاصل في جانبي الجسم، مثل كلتا اليدين أو الرسغين أو كلتا الركبتين. يساعد هذا التناسق على تمييزه عن أنواع التهاب المفاصل الأخرى. وبمرور الوقت، يمكن أن يؤثر التهاب المفاصل الروماتويدي على أجزاء وأنظمة أخرى من الجسم، مثل العينين والقلب والرئتين والجلد والأوعية الدموية، وغيرها.
دور مثبطات عامل نخر الورم في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي
إن “عامل نخر الورم ألفا”، أو اختصارًا (TNF-alpha)، هو أحد البروتينات الالتهابية الرئيسة التي تسبب التهاب المفاصل الروماتويدي وتستهدفه العديد من العلاجات المتاحة حاليًا. لكن، بمرور الوقت، يمكن للمرضى تطوير مقاومة لهذه الأدوية، مما يعني أن مفعوله لن يكون مجديًا. ولهذا السبب كان يجب البحث عن أهداف دوائية غير مكتشفة سابقًا في مثبطات عامل نخر الورم ألفا. لذا من الممكن أن تلعب البروتينات التي تتفاعل مع عامل النخر دورًا في العلاج.


دور السلفاتاز-2 في حدوث الالتهاب الروماتويدي
على الرغم من أن الكبريتات مثل السلفاتيز-2 قد دُرست على نطاق واسع لدورها في أنواع مختلفة من السرطان، إلا أنه لم تُجر أبحاث عن كيفية تورطهم في أمراض الالتهاب أو أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي. في التهاب المفاصل الروماتويدي، تُنشط خلايا تُعرف باسم “الخلايا الليفية الزليلية” بواسطة عامل نخر الورم ألفا وجزيئات التهابية أخرى، فتتحول إلى خلايا عدوانية تتكاثر بطريقة تشبه الورم تقريبًا، مما يؤدي إلى تضخم النسيج الزليلي، ومن ثَم تنشيط البروتينات التي تدمر الغضاريف والعظام. باستخدام الخلايا المبطنة للمفاصل لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي، قام الباحثون بإزالة السلفاتيز-2 من مجموعة واحدة من الخلايا قبل تحفيز جميع الخلايا باستخدام عامل نخر الورم ألفا الالتهابي. وجد الباحثون أن الخلايا التي تفتقر إلى السلفاتيز-2 لا تُظهر نفس الاستجابة الالتهابية المبالغ فيها لعامل نخر الورم ألفا مثل الخلايا السليمة المتبقية.
أهمية اكتشاف دور السلفاتاز-2 في حدوث التهاب المفاصل الروماتويدي
إن اكتشاف دور السلفاتاز2- في حدوث التهاب المفاصل الروماتويدي أتاح للباحثين إجراء دراسات حيوانية مستقبلية لاختبار فعالية تثبيط سلفاتيز2-لتخفيف أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي. يمكن أن يؤدي هذا في يوم من الأيام إلى تطوير علاجات مركبة جديدة لمنع فقدان العظام وتلف الغضاريف وتشوه المفاصل. يمكن أن تساعد مثل هذه العلاجات في معالجة أوجه القصور في أدوية التهاب المفاصل الروماتويدي المتاحة حاليًا ذات الآثار الجانبية البالغة؛ حيث إن هذه الأدوية تعمل على إيقاف وظائف عوامل نخر الورم ألفا في الجسم بالكامل. ونتيجة لذلك، فإن المرضى الذين يتناولون هذه الأنواع من الأدوية أكثر عُرضة للإصابة بالعدوى وترتفع مخاطر إصاباتهم بالسرطان. كما أشارت الأبحاث إلى أن مثبطات عوامل نخر الورم ألفا ليست فعالة لدى جميع الأشخاص ولا ينصح بها للمرضى الذين يعانون من بعض الحالات الصحية الأخرى. وختامًا، يسلط هذا الاكتشاف الضوء على العمليات الجزيئية التي تسبب التهاب المفاصل الروماتويدي، مما يبعث بأملٍ جديد في إمكانية علاج هذا المرض العضال حيث لم تتوفر له علاجات فاعلة حاليًا.
