تفاعل الجنين
مع الأصوات أثناء الحمل
أ. ياسمين الشيخ طب بيطري – مستشفى الفتح البيطري – مصر
تُعد ولادة الطفل حدثًا مهمًا، لكنها ليست إلا برهة واحدة من تاريخ تطوره؛ حيث تتطور الأجزاء الهيكلية للأذنين في الأسابيع العشرين الأولى من الحمل، ويتطور الجزء الحسي العصبي من الجهاز السمعي بشكل أساسي بعد 20 أسبوعًا من عمر الحمل أيضًا. ولهذين الجزئين أهمية قصوى في تطوير النظام السمعي فيصبح فعالًا بعد 25 أسبوعًا من الحمل (خمسة أشهر تقريبًا)؛ لذلك يبدأ تفاعل الجنين مع الأصوات منذ ذلك الوقت.
وتُعد الفترة من الأسبوع الخامس والعشرين من الحمل حتى خمسة إلى ستة أشهر من عمر الطفل هي الأكثر أهمية لتطوير الجزء الحسي العصبي من الجهاز السمعي، فهذا هو الوقت الذي يحدث فيه ضبط خلايا شعر القوقعة، ومحاور العصب السمعي، والخلايا العصبية في القشرة السمعية للفص الصدغي لتلقي إشارات ذات ترددات وشدة محددة. تحدث عملية السمع عند الجنين من خلال تجمّع الاهتزازات الميكانيكية لجزيئات الهواء التي تُشكِّل البُعد المادي للصوت بواسطة الأذن الخارجية، وتُضخّمه ثم تُوجّه عبر قناة ضيقة داخل الجمجمة للوصول إلى طبلة الأذن الحساسة أو الغشاء الطبلي، ثم تُنقل المحفزات السمعية التي تُعالجها المكونات الخارجية والمتوسطة والداخلية المتجاورة لنظام الأذن (في القوقعة) كإشارات عصبية كهربائية إلى الدماغ بواسطة العصب القحفي الثامن، وعندما تكون كل من هذه الأنظمة الفرعية الفريدة سليمة يصل الصوت على النحو الأمثل إلى العصب القحفي الثامن والمسالك السمعية العليا والنوى والقشرة السمعية للدماغ، وبالتالي تُترجم هذه الإشارات ليدرك الإنسان ماهية الأصوات حوله. وعندما تتطور هذه الأنظمة خلال فترة الحمل يبدأ تفاعل الجنين مع الأصوات من حوله، مثل حديث والدته معه.
يتطلب النظام السمعي تحفيزًا سمعيًا خارجيًا يشمل الكلام والموسيقى والأصوات المقبولة من البيئة، ليبدأ تفاعل الجنين مع الأصوات. يجب أن يحدث التحفيز الأولي للنظام السمعي في الرحم بدايةً من الشهر السادس من الحمل تقريبًا، وكذلك بعد الولادة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة لتطوير القشرة السمعية وضبط استجابة خلايا شعر القوقعة.
تفاعل الجنين مع الأصوات
توجد عدة دراسات أُجرِيت لقياس مدى تفاعل الجنين مع الأصوات، وفهم تطور الجهاز السمعي للجنين، ومنها:
1- الجهاز السمعي للجنين يتطور خلال أو قبل 28 أسبوعًا من الحمل داخل الرحم
في دراسة أجريت على 123 امرأة حاملًا يتمتعن بصحة جيدة وحمل مستقر بين 16 و40 أسبوعًا من عمر الحمل، أُجرِي تقييم بالموجات فوق الصوتية لحركات الجنين ومدى استجابته قبل وبعد إعطاء تحفيز صوتي اهتزازي (VAS). قورنت أنواع وعدد حركات الجنين خلال خمس دقائق مباشرةً قبل وبعد تطبيق التحفيز الصوتي الاهتزازي، فوجد العلماء أن إجمالي حركة جسم الجنين زادت بشكل ملحوظ في الأجنة في عمر 29-40 أسبوعًا من الحمل. وتشير نتيجة التجربة إلى أن استجابات حركة الجنين تكون متسقة بعد 28 أسبوعًا من الحمل، مما يعني أن سمع الجنين يتطور خلال أو قبل 28 أسبوعًا من عمر الحمل داخل الرحم.
2- استجابة الجنين للتحفيز السمعي من الأم مثل الغناء.
أُجرِيت دراسة على تسع سيدات حوامل يتراوح عمر حملهن ما بين 33 إلى 38 أسبوعًا؛ للتحقق من تطور شبكات دماغ الجنين عن طريق استخدام غناء الأم كتحفيز سمعي للجنين. وبالفعل لوحظ تنشيط في القشرة السمعية الأولية للجنين وبعض ردود أفعال الجنين مع الصوت، مما يُثبت استجابتهُ داخل الرحم لغناء الأم.
اختبارات السمع لطفل حديث الولادة
يُجري مقدم الرعاية الصحية للطفل فحصًا شاملًا لتقييم صحة الجهاز السمعي، كما توجد العديد من أنواع اختبارات السمع المختلفة التي يمكن استخدام بعضها في جميع الأعمار، بينما يُستخدم البعض الآخر بناءً على عمر الطفل ومستوى فهمه. يوجد نوعان رئيسان من اختبارات فحص السمع لحديثي الولادة، يمكن إجراء أحدهما أو كلاهما معًا:
1- الانبعاثات الصوتية المستحثّة (EOAE)
تُستخدم سُدادة صغيرة ومرنة في هذا الاختبار، حيث توضع في أذن الطفل ثم تُرسل أصوات من خلال قابس، ويسجل ميكروفون في ذلك القابس الاستجابات الصوتية الأذنية كردِّ فعل للأصوات. هذا الاختبار غير مؤلم وغالبًا ما يستغرق بضع دقائق فقط، ويمكن إجراؤه أثناء نوم الطفل.
2- استجابة جذع الدماغ السمعية (ABR)
تُستخدم أقطاب كهربائية في هذا الاختبار، حيث تكون متصلة بمادة لاصقة بفروة رأس الطفل، تصدر أصوات النقر من سماعات صغيرة في أذني الطفل، وتقيس الأقطاب مدى استجابة العصب السمعي للأصوات. إذا وجدت اختبارات الفحص أن الطفل يعاني من فقدان السمع، فستكون هناك حاجة إلى مزيدٍ من الاختبارات؛ فلذلك يجب تحديد ما إذا كان الطفل يعاني من فقدان السمع في سن 3 أشهر، ثم يمكن بدء العلاج قبل بلوغه 6 أشهر من العمر، وهو وقت تطوير الكلام واللغة، وهذا يؤكد أهمية حديثك مع طفلك أثناء فترة الحمل.