دور التشجير
في تحسين جودة الحياة والحد من الكوارث الطبيعية
أ.د. لطفي الجهني – علوم الغابات – وزارة البيئة والمياه والزراعة
إنّ الشجرة منحة من الخالق عزّ وجلّ، ليست للإنسان فحسب، بل للعديد من الخلائق. فمنافعها وفوائدها الاجتماعية، والبيئية، والاقتصادية للإنسان والحيوان أكثر من أن تحصى. من هذه المنافع ما هو معروف للإنسان من قديم الزمان، ومنها ما تعلمه الإنسان من خلال التجربة عبر العصور، ومنها ما تم اكتشافه حديثًا، بل منها ما لم يعرف بعد.

فالاستظلال بظل الأشجار من حرارة الشمس صيفًا، والاحتماء تحتها من ماء المطر المنهمر أحيانًا، والجلوس تحت الأشجار للعمل أو الترفيه، وأكل ثمارها، وإطعام الحيوانات الأليفة، والبرية من ثمارها وأوراقها، وزراعتها للزينة للتمتع بجمال أشكالها، أو أزهارها وثمارها، وألوانها المختلفة، كلها منافع تعوّد الإنسان الاستفادة منها. وقد أثبتت البحوث العلمية المنشورة وجود منافع أخرى عديدة للأشجار والغابات من النواحي الاقتصاديّة، والبيئيّة، والاجتماعيّة، وغيرها. فأخشاب الأشجار، وثمارها، وقلفها، وأوراقها، وجذورها تقوم عليها صناعات ذات عوائد اقتصاديّة لا حصر لها. وتؤدي أشجار المدينة عددًا من الوظائف المعمارية والهندسية، فهي توفر الخصوصية وتعزز المظهر العام للمدينة وتحجب رؤية المناظر غير المرغوبة. وكذلك تحجب وهج الانعكاسات، وتنظم حركة سير المشاة، وتعمل كخلفية لتزيين أو إظهار المرافق العمرانية. منذ البداية، تقدم لنا الأشجار اثنين من ضروريات الحياة هما الطعام والأكسجين. ومع تطور حياتنا ازدادت الضروريات التي توفرها لنا الأشجار مثل المأوى، والدواء، والأدوات. واليوم، قيمة الأشجار في تزايد مستمر، ويتم اكتشاف المزيد من فوائد الأشجار ويتسع دورها لتلبية الاحتياجات الناشئة عن أنماط حياتنا الحديثة.
ورغم أنّ الأشجار توفر العديد من الفوائد للإنسان وللطبيعة، إلاّ أنّه للأسف، ليس كثيرًا من عامة الناس على دراية بهذه الفوائد. إنّ زيادة الوعي بفوائد الأشجار يمكن بإذن اللّه أن يؤدي إلى تحسين الحياة من حولنا. وتزرع معظم الاشجار والشجيرات الصغيرة لتوفير الظل وللزينة، فهذان سببان أساسيان لاستخدام الأشجار، إلا أن هناك منافع أخرى عديدة للأشجار، اجتماعيًا وبيئيًا. فالناس يحبون الأشجار لأنهّا تشيع البهجة من حولهم، فالكثير منّا يشعر بالهدوء والطمأنينة والراحة بين الأشجار، وينتابنا شعور لا إرادي بالإحساس بالأمان. إنّ مكانة وقيمة الأشجار تعطيها مرتبة كبرى في حياة الناس، فوجود الأشجار حولهم يحيي ذكريات ارتباطهم بها وترعرعهم تحت ظلالها. ويزرع الناس الأشجار لما تقدمه من أجل تلطيف الجو، ونشر الظل، وإسباغ السكينة والهدوء، وإضافة معانٍ جميلة للحياة، تبقى ذكريات حيّة على مدى العمر. وتزرع الأشجار لأغراض عديدة أهمها إنتاج الثمار، والخشب، وخشب الوقود أو الفحم، الأدوات الخشبيّة، المنتجات الصناعيّة، وللحصول على الدواء والعلاجات الطبيعيّة، كما تؤدي الأشجار وظائف بيئيّة جمّة، فهي تعمل على زيادة جودة الهواء، والحفاظ على الماء، وإيواء الحياة البرية. ويأتي تحسين المناخ من خلال التحكم في تأثيرات الشمس والرياح والأمطار. وكلما كبرت الشجرة كلما زاد تأثيرها في تخفيف درجة الحرارة. ولذلك فإن استخدام الأشجار في المدن، يمكن أن يخفف درجات الحرارة المرتفعة التي يسببها الأسفلت والمباني في الأماكن السكنية والمرافق العامة.
وتتحكم الأشجار في سرعة واتجاه الرياح، فكلما كان نمو الشجرة الخضري كثيفًا كلما كانت مصدات جيدة للرياح، كذلك يمكن للأشجار تحييد أو استيعاب وابل المطر الغزير أو زخّات البرد، وبالتالي توفر بعض الحماية للناس والحيوانات المنزلية والمباني. وتعترض الأشجار المياه المنهمرة، وتخزن جزءًا منها، مما يقلل من إمكانية حدوث الجريان السطحي والسيول. إنّ منافع الأشجار هي جزء من منافع الغابات التي تغطي حوالي 31% من مساحة الكرة الأرضيّة، موزّعة بنسب مختلفة على قارات العالم. فهي تكوّن 49% من مساحة أمريكا الجنوبيّة، و33% من مساحة أمريكا الشماليّة، و45% من مساحة أوروبا، و23% من مساحة أفريقيا، و19% من مساحة آسيا، و23% من مساحة أستراليا والجزر المحيطة بها.
التشجير، تعريفه وأنواعه
التشجير هو غرس الأشجار في الأرض. وتطلق كلمة تشجير (Afforestation) إذا كانت الأرض التي يجري تشجيرها لم تكن مغطّاة بالأشجار أو الشجيرات من قبل، أمّا إذا كانت الأرض التي يجري تشجيرها كانت مغطّاة بالأشجار أو الشجيرات وأزيلت بالقطع أو الحرق أو التلف أو لأي سبب آخر فتطلق على عملية زراعة الأشجار فيها إعادة التشجير (Reforestation). وحاليًا يطلق مصطلح «تشجير» على زراعة النباتات للأغراض المختلفة، عدا تلك التي تنتج المحاصيل الزراعيّة التقليديّة.
أنواع التشجير
- لتشجير الوقائي: وفيه تزرع الأشجار كمصدات للرياح، أو لتثبيت الكثبان الرملية والحد من تحرّك الرمال، أو للتخفيف من حدة التلوث.
- التشجير للأغراض الترفيهية: وفيه يستفاد من خصائص الأشجار الجمالية والتنسيقية والبيئية في استكمال الرفاهية المنشودة في المنشآت والشوارع والحدائق والمنتزهات.
- التشجير الاقتصادي: يقصد بذلك زراعة الأشجار خصيصًا للاستفادة منها اقتصاديًا، وقد يستفاد اقتصاديًا من مشاريع تشجير زرعت لأغراض أخرى.
فوائد الأشجار
يمكن تصنيف فوائد الأشجار إلى فوائد مجتمعية، واجتماعية، وبيئية، واقتصادية.
فوائد عامة للمجتمع
لمّا كانت الأشجار تحتل حيزًا مكانيًا كبيرًا فالتخطيط للإفادة منها مطلوب بالتعاون بين الجيران، ومع الاختيار المناسب والصيانة يمكن للأشجار أن تكبر وتكون ملكيّة خاصّة بدون انتهاك حقوق الجيران. وغالبًا ما تدعم أشجار المدن عمل المعماريين والمهندسين، فهي توفِّر الخصوصيّة، وتبرز المناظر المرغوبة، وتحجب المناظر غير المرغوبة، كما تقلل من الوهج والانعكاسات، وتوجِّه حركة مرور المشاة، وتوفِّر الخلفيات المناسبة، وتجمِّل أو تتمم أو تضيف قيمة لفنون البناء. ووجود الأشجار يخفف من حدة الخطوط العامة للمباني. ويمكن القول إنّ الأشجار تجلب عناصر الطبيعة والحياة البريّة إلى البيئة الحضريّة مما يزيد من روعة حياة سكان المجتمع. ولعل من أهم الخدمات التي تقدمها الأشجار للبيئة هي وقف زحف الرمال، وما يمثله ذلك من أخطار تهدد حياة البشر والحيوان والنبات. فقد ثبت أنّ زراعة الأشجار تعتبر الوسيلة الأكثر فعالية في تثبيت الكثبان الرمليّة، ووقف تحرك الرمال. وقد تمت إقامة مشاريع عديدة تتضمن زراعة الأشجار لهذا الغرض في مناطق مختلفة من العالم.
الفوائد الاجتماعيّة للأشجار
يحب الناس الأشجار من حولهم لأنّها تجعل الحياة أكثر صفاءً، ومتعة، وسلمًا، لما تضفيه من جمال. ولذا يشعر الإنسان بالسكينة والهدوء والاطمئنان في أيكة من الأشجار. وتشير الأبحاث إلى أن الأشجار تساعد على التخفيف من ضغط الإجهاد في العمل. وقد وجد أنّ المرضى في المستشفيات يبرأون من جراحاتهم بسرعة أكبر عندما تكون غرفهم مطلّة على مجموعة من الأشجار. وقد يستدل على قوة الارتباط بين البشر والأشجار من مقاومة المجتمع السكاني لإزالة الأشجار لتوسعة الشوارع مثلًا، أو مما نلاحظه كثيرًا من الجهود البطوليّة للأفراد والمنظمات لحماية الأشجار الكبيرة أو التاريخيّة في المجتمع. فقوة الأشجار، وثباتها، وبقاؤها تعطيها مكانة خاصة لدى الناس. ويعتقد رجال الأمن أن زراعة الأشجار تعمل على غرس الاعتزاز في نفوس أفراد المجتمع، وتساعد على تهدئة الخواطر التي تنفجر أحيانا نتيجة حرارة الصيف. وبسبب طول حياة الأشجار فإنّها عادة ما تزرع لتكون تراثًا وأثرًا باقيًا يتركه الآباء للأبناء والأحفاد كذكرى حيّة. وغالبًا ما يلتصق بعض الناس بصفة شخصيّة بالأشجار التي يزرعونها أو يزرعها أحباؤهم.
الفوائد البيئيّة للأشجار
تغيّر الأشجار البيئة التي يعيش فيها الإنسان عن طريق تلطيف المناخ، وتحسين نوعيّة الهواء، والحفاظ على الماء، وإيواء الأحياء البريّة. ويتحقّق التحكّم في المناخ بتلطيف تأثيرات الشمس والرياح والأمطار. فطاقة الشمس الإشعاعيّة تُمتص أو تنحرف بواسطة الأشجار متساقطة الأوراق في الصيف، وتترشّح فقط بواسطة فروع الأشجار متساقطة الأوراق في الشتاء. فالإنسان عندما يقف في ظل الأشجار غير معرضٍ لضوء الشمس المباشر يشعر بالبرودة. أمّا في الشتاء فلطاقة الشمس الإشعاعيّة تقديرٌ خاص. ولذلك يجب أن تُزرع فقط الأشجار الصغيرة أو متساقطة الأوراق في الناحية الجنوبيّة من المنازل.
الفوائد البيئيّة للأشجار
تغيّر الأشجار البيئة التي يعيش فيها الإنسان عن طريق تلطيف المناخ، وتحسين نوعيّة الهواء، والحفاظ على الماء، وإيواء الأحياء البريّة. ويتحقّق التحكّم في المناخ بتلطيف تأثيرات الشمس والرياح والأمطار. فطاقة الشمس الإشعاعيّة تُمتص أو تنحرف بواسطة الأشجار متساقطة الأوراق في الصيف، وتترشّح فقط بواسطة فروع الأشجار متساقطة الأوراق في الشتاء. فالإنسان عندما يقف في ظل الأشجار غير معرضٍ لضوء الشمس المباشر يشعر بالبرودة. أمّا في الشتاء فلطاقة الشمس الإشعاعيّة تقديرٌ خاص. ولذلك يجب أن تُزرع فقط الأشجار الصغيرة أو متساقطة الأوراق في الناحية الجنوبيّة من المنازل.


وتتأثّر سرعة وحركة الرياح بوجود الأشجار، والمجموع الورقي المندمج للأشجار أو المجموعة الشجريّة هو الأكثر تأثيرًا في صد الرياح. ومن ناحية أخرى فإنّ سقوط الأمطار، والبَرَد يُمتص أو ينحرف بواسطة الأشجار مما يوفِّر وقاية للإنسان والحيوان والمباني. فالأشجار تعترض الماء فتخزّن بعضه وتقلل من شدة جريانه ومن إمكانيّة حدوث فيضان. وتساعد الأشجار على تغذية مخزون المياه الجوفية وتبقي على تدفقها. كذلك تمنع الأشجار أو تحد من تآكل التربة وتلوث المياه. وبسبب انبعاث الطاقة الإشعاعيّة من التربة ليلًا فإنّ تكوّن الندى والصقيع تحت الأشجار أمر غير عادي، وبذلك فالأشجار تحمي أشكال الحياة الأخرى حولها. وهي تأوي حيوانات المزرعة فتقلل من انخفاض وزنها أثناء شهور الشتاء الباردة، وتوفر الظل لتلطيف حرارتها أثناء الصيف. ولأنّ درجة الحرارة بالقرب من الأشجار تكون أقل من درجة الحرارة بعيدًا عنها، فزراعة الأشجار في المدن تعمل على تلطيف تأثير الحرارة التي تسببها الأرصفة والمباني في المناطق التجاريّة. والظل الذي تنشره الأشجار يبرد حرارة الشوارع وساحات وقوف السيارات داخل المدن، التي ترتفع فيها الحرارة بمقدار 5 درجات زيادة عن المناطق المجاورة المفتوحة. وكلما زاد حجم الشجرة كلما زادت قدرتها على خفض درجة الحرارة. إن الاعتماد على الظل الذي توفره الأشجار يمكن أن يقلل من تكاليف تكييف الهواء في المباني السكنية والتجارية بنسبة 15-50 بالمائة (U.S. Department of Energy 2018). وتعمل الأشجار أيضًا على خفض درجة حرارة الماء في الأنهار والجداول والبحيرات عن طريق تظليلها، وتمنع أو تقلل من تآكل ضفافها، وتوفر مخابئ لتحسين مصائد الأسماك في تلك البيئات.


وتتأثّر سرعة وحركة الرياح بوجود الأشجار، والمجموع الورقي المندمج للأشجار أو المجموعة الشجريّة هو الأكثر تأثيرًا في صد الرياح. ومن ناحية أخرى فإنّ سقوط الأمطار، والبَرَد يُمتص أو ينحرف بواسطة الأشجار مما يوفِّر وقاية للإنسان والحيوان والمباني. فالأشجار تعترض الماء فتخزّن بعضه وتقلل من شدة جريانه ومن إمكانيّة حدوث فيضان. وتساعد الأشجار على تغذية مخزون المياه الجوفية وتبقي على تدفقها. كذلك تمنع الأشجار أو تحد من تآكل التربة وتلوث المياه. وبسبب انبعاث الطاقة الإشعاعيّة من التربة ليلًا فإنّ تكوّن الندى والصقيع تحت الأشجار أمر غير عادي، وبذلك فالأشجار تحمي أشكال الحياة الأخرى حولها. وهي تأوي حيوانات المزرعة فتقلل من انخفاض وزنها أثناء شهور الشتاء الباردة، وتوفر الظل لتلطيف حرارتها أثناء الصيف. ولأنّ درجة الحرارة بالقرب من الأشجار تكون أقل من درجة الحرارة بعيدًا عنها، فزراعة الأشجار في المدن تعمل على تلطيف تأثير الحرارة التي تسببها الأرصفة والمباني في المناطق التجاريّة. والظل الذي تنشره الأشجار يبرد حرارة الشوارع وساحات وقوف السيارات داخل المدن، التي ترتفع فيها الحرارة بمقدار 5 درجات زيادة عن المناطق المجاورة المفتوحة. وكلما زاد حجم الشجرة كلما زادت قدرتها على خفض درجة الحرارة. إن الاعتماد على الظل الذي توفره الأشجار يمكن أن يقلل من تكاليف تكييف الهواء في المباني السكنية والتجارية بنسبة 15-50 بالمائة (U.S. Department of Energy 2018). وتعمل الأشجار أيضًا على خفض درجة حرارة الماء في الأنهار والجداول والبحيرات عن طريق تظليلها، وتمنع أو تقلل من تآكل ضفافها، وتوفر مخابئ لتحسين مصائد الأسماك في تلك البيئات.
ومن ناحية أخرى توفر الغابات والمزارع الشجرية الحطب والفحم للطبخ والتدفئة وغيرها. كما يمكن تنقية الهواء من خلال استخدام الأشجار والشجيرات والمسطحات الخضراء. فأوراق الأشجار والشجيرات ترشِّح الهواء بإزالة الغبار الذي يحمله والعوالق الأخرى. كما تقوم الأمطار بغسل الأشجار وإزالة الملوثات إلى الأرض. وتقوم أوراق الأشجار بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء لتكوين الكربوهيدرات التي تستخدم في بناء النبات وأداء وظائفه. وفي هذه العمليّة تمتص الأوراق أيضًا بعض الملوثات من الهواء مثل الأوزون، وأوّل أكسيد الكربون، وثاني أكسيد الكبريت وتطلق الأكسجين. ومع الانتباه مؤخرًا لخطورة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض (تأثير الصوبة أو الاحتباس الحراري) ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنّ الأشجار تخفف من تأثير هذه الظاهرة إذ تعمل كمستودعات للكربون، وفي هذا الصدد هناك حقائق أمكن التوصل إليها من خلال البحوث والدراسات (2013 Urban Forestry Network,)، ومن أهمها:
- يمكن لفدان واحد (4 دونم) من الغابات المنزرعة حديثًا أن يعزل حوالي 2.5 طن من الكربون الموجود في الغلاف الجوي سنويًا. فالشجرة الواحدة يمكن أن تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو بمعدّل حوالي 6 كجم/السنة، وتصل الشجرة إلى أعلى طاقتها في تخزين الكربون عندما يبلغ عمرها حوالي 10 سنوات.
- موت شجرة واحدة عمرها 70 سنة سوف يعيد ثلاثة أطنان من الكربون إلى الغلاف الجوي.
- مع نمو كل طن من الخشب الجديد (في الأشجار) يُزال نحو 1.5 طن من كمية ثاني أكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوّي للأرض، وينتج حوالي 1.07 طنًا من الأكسجين. وخلال فترة 50 عامًا تولّد الشجرة الواحدة ما قيمته 32.000 دولار من الأكسجين، وما قيمته 62.000 دولار من السيطرة على تلوث الهواء. وتلك الشجرة مسؤولة أيضًا عن إعادة تدوير المياه بما يساوي 37.500 دولار، وما قيمته 31.000 دولار.


من السيطرة على تآكل التربة، غير قيمة منافعها الأخرى!
فزراعة الأشجار والشجيرات تعود بالإنسان إلى الطبيعة أكثر، وتبعده عن البيئة الصناعيّة. ومن المعروف أنّ إقامة ستائر من الأشجار والشجيرات يقلل إلى حدٍ كبير من التلوث الضوضائي على طول الطرق. وتنجذب الطيور والأحياء البريّة الأخرى إلى الأشجار فتعود للظهور الدورات الطبيعية لنمو النبات كالإكثار والتحلّل مرة أخرى فوق وتحت سطح التربة مما يحقِّق التوازن الطبيعي في البيئة الحضريّة.
الفوائد الاقتصاديّة للأشجار
أثبتت إحدى الدراسات أنّ قيم المنازل المقامة في مناطق ريفيّة تزيد بمقدار 5-20 بالمائة عن تلك المقامة في مناطق غير ريفيّة. وللشجرة أو الشجيرة المفردة قيمة، ولكن الاختلاف في النوع والحجم والأهميّة الوظيفيّة يجعل تقدير قيمتها الاقتصاديّة أمرًا صعبًا إلى حدٍ كبير. وفوائد الأشجار الاقتصاديّة إمّا أن تكون مباشرة أو غير مباشرة. وعادة ما تكون الفوائد الاقتصاديّة المباشرة للأشجار مصاحبة لتكاليف الطاقة. فتكاليف تكييف الهواء تكون أقل في المنازل التي تظللها الأشجار. كما أنّ تكاليف التدفئة تنخفض عندما يكون المنزل متاخمًا لمصد رياح من الأشجار. وتزداد قيمة الأشجار بمرور الوقت منذ زراعتها حتى نضجها. وتعتبر الأشجار استثمارًا حكيمًا لرأس المال طالما أنّ المنازل المقامة في المناطق الريفيّة أكثر قيمةً من المنازل المقامة في غيرها من المناطق. فالتوفير في تكاليف الطاقة وزيادة قيمة المنازل هي فوائد مباشرة لملاك هذه المنازل.
أمّا الفوائد الاقتصاديّة غير المباشرة للأشجار فهي كثيرة ومتاحة للمجتمع أو المنطقة. فعلى سبيل المثال تنخفض فواتير الكهرباء التي يدفعها المستهلكون عندما تكون شركات الطاقة قادرة على استخدام ماء أقل في أبراج التبريد، وبناء تسهيلات جديدة أقل لمواجهة تزايد الطلب، واستخدام كميات منخفضة من الوقود الأحفوري في أفرانها، وحاجتها لتجهيزات أقل للتحكم في تلوث الهواء. وفي المناطق الزراعية تعمل إقامة مصدات الرياح حول المزارع على زيادة إنتاجيتها من المحاصيل. وتستخرج من كثير من الأنواع الشجريّة مواد تستخدم في علاج الأمراض مباشرة، أو بعد إدخالها كعناصر أساسية في صناعة العقاقير، فواحد من كل أربعة من المنتجات الصيدلانية المستخدمة في الولايات المتحدة الأمريكيّة تأتي من نبات يوجد في الغابات المدارية.