فريدريك تانغي وجان –

نيقولا تورنييه:

أمراض مُعدية مرتبطة بالمعاصرة

أ.د. محمد طجو- أدب فرنسي- جامعة الملك سعود- السعودية

كيف نعيش في وئام مع الطبيعة؟ كيف لا نسحق النمل أو ندمر الأشنة أو الزهور الصغيرة عند المشي في الغابة؟ لا سيما عندما نكون 7.8 مليار نسمة على كوكب الأرض. مما يعكس وتيرة تزايد الأوبئة المستجدة الناشئة غزونا الأكثر فأكثر تكرارًا لمساحات طبيعية، ولمواطن محمية ومعزولة حتى الآن.

الضغط الديموغرافي

الأمثلة كثيرة. لقد ظهر فيروس نيباه (2) (Virus Nipah) في ماليزيا بعد إزالة الغابات المرتبطة بتوسع الزراعة في الأراضي المحترقة، وفقدت الخفافيش موطنها البيئي واقتربت من الإنسان، وحطت على أغصان الأشجار فوق العديد من مزارع تربية الخنازير المكثفة المجمعة في مناطق جغرافية صغيرة، وانتقلت الفيروسات من براز الخفافيش إلى الخنازير، وانتقلت العدوى بطريقة غير مباشرة إلى مربي الخنازير، وظهر فيروس ناشئ. ترتبط كل الأمراض التي ينقلها البعوض، مثل الحمى الصفراء وحمى الضنك وفيروس الشيكونغونيا (Chikungunya) أو فيروس زيكا (Zika)، بالاكتظاظ بالمدن، والظروف السيئة للنظافة، تخزين المياه في المدينة. كما استفاد التمدن والفقر من نواقل أخرى للأمراض المعدية: القوارض وناقلات الأمراض مثل الطاعون.

وأما جائحة كوفيد19- التي ضربت كوكبنا في عام 2020 فهي تنبيه: تحفز المساكن وكل الأماكن التي يجتمع فيها الناس، من وسائل النقل العام والسفن السياحية أو السفن العسكرية والملاعب والحانات والمطاعم والشواطئ والمطارات وغيرها، انتشار المرض، مثلما تفعل تحركات السكان. والخطر كبير لا سيما أن العديد من الأشخاص المصابين لا تظهر عليهم أعراض. لقد بدأنا للتو في إدراك أنه سيتعين علينا، للعيش في انسجام أكبر مع الطبيعة والحد من هذه المخاطر، تغيير سلوكنا، وإعادة بناء البنى التحتية، وإعادة النظر في تصميم مدننا، وتنظيمها، وهندسة المنازل وأماكن العمل، وحتى شبكات الصرف الصحي. وسوف يستغرق الأمر وقتًا.

الميكروبات صانعة الموسم

فيروسات المحيطات تتدخل في دورة الكربون حتى لو كانت الفيروسات تمثل جزءًا صغيرًا من الكتلة الإجمالية للكربون على كوكبنا، فإنها تؤثر تأثيرًا حقيقيًا في الكائنات الحية ومحيطها. فالعوالق والبكتريا البحرية تلتقط الكربون من الغلاف الجوي من خلال التركيب الضوئي، مثل النباتات. ويغوص جزء من هذا الكربون من السطح إلى الطبقات الرسوبية من المحيطات حيث يتم امتصاصه لفترات طويلة جدًا من الوقت. وتنقل هذه “المضخة البيولوجية” أكثر من 3 جيجا طن من الكربون كل عام على المستوى العالمي. لكن هذه الدورة تصاب بالخلل بسبب الفيروسات وتدمر 2810 بكتيريا في المحيطات كل يوم. ويؤثر ذلك في دورة الكربون بشكل كبير. وعندما تسبب الفيروسات الميكروبات البحرية ارتفاع معدل موت الميكروبات البحرية، فإنها تثقل كاهل الدورات الجيوكيميائية البحرية. وقد أظهرت نمذجات أن الفيروسات البكتيرية تلعب دور المحفزات. فهي تسرع تحول الكائنات الحية إلى مغذيات قابلة للذوبان، يمكن للمجتمعات الميكروبية أن تهضمها، وأن تحد بذلك من سرعة امتصاص الرواسب العميقة للكربون. فالفيروسات تقوم بدور رئيس في تنظيم الكميات الكبيرة من كربون المحيطات الذي نعرف دوره في تغير المناخ الحالي.

العصر الجليدي الصغير والجدري

عندما يمرض الإنسان تسعل الأرض. شهدت أوروبا بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، “عصرا جليديا صغيرًا”. ففي 1607 تجمد نهر التايمز (Thamise) في لندن لأول مرة. ووصلت الثلاجات (Glaciers) في جبال الألب إلى ذروتها، وتراجعت منذ ذلك الحين ثلاجة ديه بوسون (des Bossons) لأكثر من كيلومترين. وطالبت مواكب في منطقة سافوا (Savoie)، طوال القرن السابع عشر، بإيقاف تقدم الثلاجات. والواقع أن هذه البرودة الطويلة تُفسر بالجليد. وقد أتاحت دراسات لعينات من الجليد البحري في القطب الجنوبي العودة بالزمن إلى الوراء. فعند قياس مستوى ثاني أكسيد الكربون في فقاعات الهواء الصغيرة المحاصرة في الجليد، لاحظ العلماء انخفاضًا في ثاني أكسيد الكربون الهوائي بين عامي 1570 و1620: ترتبط برودة درجات الحرارة بانخفاض ثاني أكسيد الكربون في الهواء.

تربط فرضية بين العصر الجليدي الصغير ومعدل ثاني أكسيد الكربون والاختفاء المفاجئ للأمريكيين الأصليين. فعندما قضت الأمراض المعدية على الهنود الحمر، استعادت الغابة ملايين الهكتارات التي لم تعد تزرع. كان الكونكيستدور(3) الإسباني بانفيلو دي نارفاييث (Pánfilo de Narváez) قد أطلق، بعد خلافاته مع هيرنان كورتيس (Hernán Cortés)، رحلة استكشافية لقهر فلوريدا كان مصيرها الفشل. وقد انتصرت عاصفة، ومن ثم عداء السكان الهنود، على المغامرة. كان هناك أربعة ناجين، منهم كابيزا دي فاكا (4) (Cabeza de Vaca)، أمين الصندوق، الذي كان عبدًا للهنود، ومهربًا وطبيبًا ومبشرًا في بعض الأحيان. وقد عاش ثماني سنوات عبر خلالها تكساس والمكسيك مشيًا على الأقدام، قبل إعادة الاتصال مع الكونكيستدوريس الإسبان. وقد كتب في عام 1542 تقريرًا إلى الملك تشارلز الخامس بعنوان تقرير أسفار (Relation de voyage)، انحاز فيه إلى الهنود: “في نهاية الأمر، لم نتمكن أبدًا من جعل الهنود يعتقدون أننا مسيحيون أيضًا، وقد كلفتنا إعادتهم إلى قراهم الكثير من الإصرار والإلحاح، وأمرناهم بالهدوء، والاستقرار في قراهم، وزرع الأرض وحرثها، إذ غزتها الأشواك بعد إخلاء سكانها. ولا جرم أن هذه الأرض هي الأفضل على الإطلاق بين تلك الموجودة في الهند، والأكثر خصوبة، والأكثر وفرة في الموارد، إذ إنها تُزرع ثلاث مرات في السنة”. لقد تم هجر 65 مليون هكتار من الأراضي. وأدت عودة الغابة إلى هذه الأراضي المزروعة سابقًا إلى إزالة 1 مليار طن من الكربون من الغلاف الجوي خلال القرن.

لقد اختفى السكان الهنود في غضون عقود قليلة بعد وصول كريستوفر كولومبوس (Christopher Columbus) في عام 1492. وبلغ حبس الكربون ذروته بعد 20 إلى 50 عامًا. لذلك، فإن الوصول إلى هذه الذروة حصل بين عامي 1550 و1650، الأمر الذي يفسر برودة المناخ التي عاشها كوكبنا في ذلك الوقت. ففيروس الجدري، المسؤول عن الجائحة القاتلة التي قضت على الأمريكيين الأصليين كان له تأثير كبير في المناخ العالمي. وهذا، بالطبع، مجرد تخمين.

جائحة كوفيد -19 والاحتباس الحراري

تسببت جائحة كوفيد-19، في عام 2020، في تباطؤ الاقتصاد العالمي لعدة شهور. وتراجعت الحركة الجوية، وانهارت السياحة الدولية الجماعية المتزايدة باستمرار منذ خمسين عاما. ففي خريف عام 2020، انخفض الناتج المحلي الإجمالي (BIP) للقوى العظمى بالفعل من 10 إلى %20 مقارنة بعام 2019 قبل حلول نهاية العام. لكن هذا التباطؤ الاقتصادي كان له آثار مفيدة للبيئة. فعلى الرغم من استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري، كان عام 2020 أقل سوءًا من الأعوام التي سبقته. وقد انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتراجع استهلاك موارد الكوكب. ففي عام 2020، تراجع يوم تجاوز الأرض(5)، وهو اليوم من السنة الذي يتجاوز فيه استهلاك الموارد البشرية قدرة الأرض على تجديد تلك الموارد، ثلاثة أسابيع مقارنة بعام 2019، في حين أنه كان يتقدم بثبات منذ عام 1986. ومرة أخرى، كما حدث أثناء غزو الأمريكيتين، كان لعدوى فيروسية تأثير في المناخ العام للكوكب.

المناخ، مؤثر في الأمراض المعدية…

الأنفلونزا الموسمية إن موسمية بعض الأمراض المعدية معروفة منذ القدم. وقد سبق أن وصف أبقراط (Hippocrate)، “أبو الطب”، الظاهرة حوالي 400 قبل الميلاد في كتاب الأمراض الوافدة ويسمى إبيديما (Livre des épidémies). وتسمى الأنفلونزا (Grippe) في الوقت الحاضر أنفلونزا (Influenza) بالإنجليزية، وهي مصطلح يأتي بالتأكيد من التعبير الإيطالي (influenza del freddo)، بمعنى “تأثير البرد”، الأمر الذي يشير بوضوح إلى الطابع الموسمي للعدوى. وقد ظهرت الكلمة لأول مرة في أطروحة طبية إنجليزية من القرن الثامن عشر تشير لوباء 1743. تسبب العديد من فيروسات الجهاز التنفسي هذه، منذ ذلك الحين، تفشي الرشح أو النزلات الوافدة أو مؤخرًا جائحة كوفيد19- في الشتاء. وتتعلق الموسمية أيضًا بالفيروسات التي تنتشر في الصيف مثل الفيروسات المعوية. ففي عصر أوبئة شلل الأطفال الكبيرة التي يسببها فيروس معوي (entérovirus)، يندلع المرض في الأيام المشمسة. إن لأوبئة الفيروسات التنفسية محددات موسمية. فالتغيرات في درجات الحرارة والرطوبة والتشمس تلعب دورا، مثل الظروف الذاتية للمضيف، وحالاته المتعلقة بالفيتامينات، والمناعة، والسلوك. تنطوي هذه المحددات، إذن، على ثلاثة أنواع: العوامل البيئية، وسلوك المضيف، وقابليته للإصابة بالفيروس. تؤثر العوامل البيئية في قابلية الحياة وفي انتقال فيروسات الجهاز التنفسي. فالفيروسات تتأثر بدرجات الحرارة والأشعة فوق البنفسجية. وقد دمرت الحرارة والرطوبة معظم الفيروسات. ويمكن لفيروس الأنفلونزا أن يعيش ثلاثة أيام على الأوراق النقدية؛ وعاش فيروس الأنفلونزا لعام 2009 في مياه بحيرة باردة عند 4 درجات مئوية لأكثر من 200 يوم(6). وأما الرياح فهي عامل مشتت مهم. كان مبدأ “تهوية الغرفة” معروفًا جيدًا في الحقبة الجميلة (la Belle Époque)، عندما كان الاختصاصيون في أمراض الصدر يعالجون المرضى المصابين بالسل. وأخيرًا، تقضي الأشعة فوق البنفسجية بسرعة، في الهواء الطلق في يوم صيفي جميل، على جميع الفيروسات. وفي ضوء ذلك، إننا اليوم أقل عرضة للتأثيرات الجسدية لتغيرات درجات الحرارة من فلاح العصور الوسطى. ولدينا الوسائل للحد من آثار التغيرات الموسمية في حياتنا اليومية وفي رحلاتنا. فالتدفئة في الشتاء، والتكييف في الصيف في المباني وفي النقل، يقللان الاختلافات في درجات الحرارة أثناء من السنة.

تسهم سلوكياتنا في نقل الفيروس. ويمكنها أن تسهل أو تصعب الاتصال. فخلال أسبوع العمل، نتفاعل مع الآخرين أكثر من تفاعلنا خلال عطلات نهاية الأسبوع، سواء كان الجو مشمسًا أو ممطرًا أو باردًا. فهل تؤثر الظروف الجوية السيئة التي تشجع على اللبس في موسمية العدوى؟ ليس تمامًا. ففي العالم الصناعي، نتفاعل، وننام، ونسافر إلى أماكن مغلقة حيث نتشارك في كمية محدودة من الهواء الصالح للتنفس. وهذا خلال %90 من الوقت. ولا ينتقل المرض في معظم الأوقات للخارج، وإنما للداخل. وهكذا، إن نسبة تجديد الهواء التي تعدلها الظروف الموسمية هي المحرك الرئيس للاتجاهات الموسمية. وينبغي علينا في بعض الأحيان اتباع سياسة استبدادية للسيطرة على هذه السلوكيات: كان الغرض من الحجر الكلي في ربيع عام 2020، لمحاربة كوفيد19-، تعليق جميع التفاعلات البشرية غير الضرورية، بما في ذلك في العمل. وأخيرًا، تؤثر المناعة في موسمية المرض. ويمكن أن تتناقص بسرعة تقريبًا بعد الإصابة، وأن تعزز الإيقاع المرتبط بالتغيرات في المناعة الجمعية. ففي شتاء عام 2020، لم يتم حل القضية المتعلقة بجائحة كوفيد19-، التي لا نزال نجهل الشكل الذي قد تستمر فيه.

تأثير ظاهرة النينو

أطلق الصيادون البيروفيون على ظاهرة التيار الدافئ على طول سواحل المحيط الهادئ الأمريكية من الجنوب اسم النينو، في إشارة إلى الطفل الصغير أو الطفل المسيح، لأنها تحدث في سنوات معينة مع اقتراب عيد الميلاد وتدل على نهاية موسم الصيد. والآلية بسيطة: يحجب الماء الساخن الذي يدور في السطح صعود الماء البارد من الأعماق، المحمل بالعناصر الغذائية. لذلك، تبتعد الأسماك عن الساحل حيث لم يعد بإمكانها العثور على الطعام. وترتبط ظاهرة النينو بتغيرات جوية كبيرة تؤدي إلى هطول الأمطار الغزيرة ومحاصيل جيدة في هضبة البيرو. ولا تحدث تقلبات درجات الحرارة كل عام، ومن دون أن نفهم لماذا. وهذه الظاهرة المعروفة منذ آلاف السنين تغير المناخ بشكل عميق في منطقة المحيط المداري. وهي مرتبطة بدورة من اختلاف الضغط الجوي بين الأجزاء الشرقية والغربية من المحيط الهادئ، تسمى التذبذب الجنوبي. وتسمى أيضًا تذبذب النينو الجنوبي (El Nino Southern Oscillation”ENSO”i).يشتبه في أن ظاهرة النينو أسهمت في انتشار وباء الحمى الصفراء عام 1647 التي اندلعت في جميع أنحاء قوس البحر الكاريبي. وبشكل عام، تتأثر بظاهرة النينو العديد من الأمراض المعدية (ويشمل ذلك الأمراض المنقولة بالنواقل (Vectorielles) والأمراض المائية (المنقولة عن طريق الماء). وتعطل الظاهرة الأنظمة المغياثية، الأمر الذي يتسبب في فيضان المجاري، التي تلوث الأنهار. وتغير درجات الحرارة في ثلثي الكرة الأرضية، ومن ثَمَّ تؤثّر في كثافة البعوض الناقل للأمراض. وهكذا، هناك صلات بين النينو والملاريا وحمى الضنك ومرض فيروس زيكا. كما يمتد تأثير ظاهرة النينو في الكوليرا والطاعون إلى مدغشقر.

دور الاحتباس الحراري

لقد أثرت الأنشطة البشرية تأثيرًا عميقًا في النظام البيئي لكوكبنا، فالحقيقة لم تعد موضع خلاف. وقد حدد الجيولوجيون مواد جديدة في الرواسب، لا سيما الألومنيوم والخرسانة والبلاستيك، والكثير من “الأحافير التكنولوجية” (7)، الوفيرة والمتنامية بسرعة. وأصبح الإنسان قادرًا على تعديل عميق وعلى نحو متزايد، للعمليات الجيولوجية. ودخلنا في عصر “الأنثروبوسين” (8) (Anthropocène) الجيولوجي، الذي تميز بالبصمة البشرية. فمتى بدأ هذا العصر؟ تختلف مقترحات الإجابة بين بدايات انتشار الزراعة، واكتشاف العالم الجديد، والثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، أو أخيرًا “التسارع الكبير” للنمو السكاني والتصنيع في منتصف القرن العشرين. وتتأثر جميع الكائنات الحية بهذه التغيرات، لا سيما عوامل الأمراض المعدية، مهما كانت. يرتبط انتشار الأمراض التي تنتقل بالماء في القطب الشمالي، مثل الكوليرا، بالاحترار العالمي، وبانخفاض ملوحة الماء المرتبطة بالأمطار المتكررة. وهذا هو الحال مع عدوى ضمة الكوليرا في بنغلاديش، والوجود الأخير للعديد من الضمات في بحر البلطيق وبحر الشمال. ويعزز الاحترار نمو البعوض الناقل للأمراض. وعلى سبيل للتذكير، تنتقل غالبية ما يقرب من أكثر من 500 نوع من الفيروسات المنقولة بالمفصليات (Arbovirus) المعروفة عن طريق مختلف أنواع البعوض والقراد (Tiques) إلى الحيوانات والبشر. فمنذ الخمسين سنة الماضية تقريبًا، يعدل التغير المناخي نطاق توزع الحشرات الناقلة لهذه الأمراض، والأمراض نفسها. لذلك، تتغير هذه الأمراض باستمرار جغرافيا. وقد تسارعت الوتيرة في بداية القرن الحادي والعشرين.

يؤثر الاحتباس الحراري أيضًا في الفاعلية التي تنقل بها البعوضة العدوى. ويرتبط هذا المؤشر بالوقت بين اللحظة التي يتغذى فيها الناقل على مضيف مصاب واللحظة التي يصبح فيها نفسه مُعديًا. ففي درجات حرارة أعلى، يمكن أن تتقلص هذه المدة الزمنية، وتوفر بالتالي لهذا الناقل المزيد من الفرص للانتقال. ففي فرنسا، على سبيل المثال، لوحظ على إثر استيطان بعوضة النمر الآسيوية (Aedes albopictus) مع بداية الألفية الثالثة تفشي عدوى بحمى الضنك وفيروس زيكا في العاصمة. ومع ذلك، إن هذه الأمراض لها أنظمة بيئية معقدة لا نزال نعرف القليل عنها، الأمر الذي يجعل من الصعب توقع تأثير تغير المناخ. فهل ينبغي علينا أن نتوقع زيادة الأمراض المنقولة بالنواقل؟ أم هل يجب علينا أن نتعامل مع هذه التوقعات الكارثية بحذر؟ على أي حال، إن علماء الأوبئة يراقبون عن كثب استيطان الحشرات الناقلة وانتشار الأمراض التي تنقلها؛ لأنهما مؤشران على الاحترار المناخي.

Share This